أوضحت شعوب مدينة قامشلو، أنَّ الإدارة الذاتية قد أرست شعبها لبرّ الأمان بعد خوضها العديد من الأزمات عقب الأزمة السورية، وأنها خلال فترة قصيرةساهمت بتعزيز الاستقرار، وعززت المعنى الحقيقي للديمقراطية وأخوة الشعوب، من خلال الفكر الذي استنبطته من فلسفة القائد “عبد الله أوجلان”.
تزامناً مع الذكرى السنوية السادسة لتأسيس الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والذي يصادف السادس من شهر أيلول، التي انطلقت على أساس ما أقرَّه الشعب لمشروع ديمقراطي مبني على أُسس الشراكة والتعايش المشترك، وبناء الإرادة الحرة لعموم الشعوب، وسط التزام تام بنهج الحل الديمقراطي، بعيداً عن الصراع لأجل السلطة.
إرساء الأمن رغم استهداف الإدارة
وفي السياق، بين المستشار العام للمجلس الاجتماعي الأرمني لشمال وشرق سوريا “عماد تتريان“، لصحيفتنا “روناهي”، أنَّ الإدارة الذاتية الديمقراطية عززت سبل العيش لأهالي المنطقة، من خلال مساعيها في مكافحة الإرهـاب وتحقيق الاستقرار: “قبيل تأسيس الإدارة الذاتية، عانت مناطقنا من الفوضى والتخريب والخطف والقتل وضعف في المجالات الخدمية، ولكن بعد تأسيس الإدارة، وحدت الأحزاب والشعوب تحت مظلتها الوطنية”.
وتابع: “واستطاعت أن تجمع أبناء الشعوب فقضت على الظلم والهجمات، التي كانت تشنها المجموعات المتطرفة التابعة للمحتل التركي وغيره، والقضاء على المرتزقة والإرهابيين، “الجيش الحر وجبهة النصرة وداعش”، حتى أحلَّت السلام والعدل والازدهار في المنطقة”.
وأشار تتريان، إلى أن قوى الحداثة الرأسمالية، التي لا تقبل بالتنوع في المنطقة وفي الشرق الأوسط، حاربت النهج الإنساني الديمقراطي المتنوع، الذي تسعى لأجله الإدارة الذاتية، لئلا يمتد في الشرق الأوسط ويعم السلام: “إن نظرية وفلسفة الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، التي أسسها القائد “عبد الله أوجلان”، كان لها الدور الأكبر في توحيد المنطقة، والقضاء على الأجندة والنظريات التكفيرية والقومجية، التي لم تقبل إلا نفسها، لذلك دمرت سوريا والشرق الأوسط”.
مضيفاً: “الإدارة الذاتية تقبل المسيحي والمسلم والإيزيدي والأرمني والعربي والكردي والسرياني، وحتى التركماني والآشوري والشركسي، وفق فلسفة الأمة الديمقراطية”.
دعم المواطن سبيل صلابته
إن ما قدمته الإدارة الذاتية لشعوبها لم يكن هيناً، فيكفي أنها قضت على الإرهابيين الظلاميين والشوفونيين كافة، وأمنت الاستقرار والسلام في المنطقة، ولكن ما أرهق الشعوب، هي الأزمة الاقتصادية “ارتفاع الدولار”، حيث أشار تتريان: “إن تحسين الواقع الخدمي للمواطنين، ورفع المعاشات وتقديم مشاريع صغيرة لتوفير فرص عمل للشعب، سيكون له دور كبير في التفاف شعوب المنطقة حول الإدارة الذاتية الديمقراطية بشكل أكبر وأوسع، والوقوف معها في المجالات كافة، لأنها الأم الحنونة، التي تسعى لازدهار الوضع الاقتصادي لشعوبها، وتأمين كل ما يتعلق بالواقع الخدمي، لتقوى وتنتصر دوماً على الفتنة والإرهاب”.
الإدارة الذاتية.. حديقة أزهار فاتنة
وبدورها، أثنت المواطنة “دلال بدور” من الشعب العربي، على دور الإدارة الذاتية بإحلالها السلام أولاً، ومن ثم على ما قدمته من أعمال لخدمة الشعوب المتواجدة بإقليم شمال وشرق سوريا، مبينةً، أنَّ تنوع وتعدد الثقافات في المنطقة لا تشبه سوى حديقة ملئت بالزهور الملونة، بمظهر ورونق مبهر، يمارس كل شعب لغته وثقافته ويحمل علمه، على عكس ما تسعى إليه الدول الرأسمالية وعلى رأسها “دولة المحتل التركي”، التي تحاول إفشال مشروع الأمة الديمقراطية.
وأكَّدت دلال، أنَّ الدول الرأسمالية لن تصل لمبتغاها أبداً، فبقوة وتكاتف الشعوب، سيتوسع مشروع الأمة الديمقراطية، الذي انتهجته الإدارة الذاتية من فكر القائد عبد الله أوجلان.
واختتمت المواطنة “دلال بدور”، حديثها: “نحن الشعب العربي في إقليم شمال وشرق سوريا، مرتبطون بالإدارة الذاتية والمقاومة وحرية الشعوب المضطهدة، وسنقاوم ونقول لأردوغان الفاشي، إنَّ عفرين أصبحت درساً لباقي المناطق والمقاطعات، ولن نسمح بأي احتلال، أو اختراق مرة أخرى، وسيبقى شعارنا النصر، أو الشهادة”.
العقد الاجتماعي بذرة الإدارة الذاتية الناضجة
ومن جهته أكَّد المواطن “عبد الكريم عثمان” من الشعب الكردي: “لم تتأسس الإدارة الذاتية للشعب الكردي فقط، بل احتوت المكونات والشعوب المتواجدة في المنطقة، حيث دافعت عن حقوقهم بشكل عام، عن طريق القوات العسكرية المتشكلة من أبنائها، كما قامت بإنجاز كبير تعجز الدول الكبرى على فعله، من خلال تكاتف أبنائها، وهو محاربة مرتزقة داعش الإرهابية، وحماية المنطقة من رجسها”.
وأردف: “لقد أسَّست الإدارة الذاتية الديمقراطية في المنطقة خليطاً من الشعوب ذا قوام صلب، وحمل هذا الخليط اسم الأمة الديمقراطية، ولم تعتمد في تكوينها على مبدأ واحد ولا لغة واحدة كما تفعل الحكومات القومجية، بل تشكلَّت من عدة أديان ولغات تُمارَس بكل حرية، وذلك تزامناً مع تأسيس العقد الاجتماعي، الذي أعطى الجميع حقوقهم الثقافية والسياسية والاقتصادية”.
وفي ختام حديثه حثَّ “عبد الكريم عثمان”، الإدارة الذاتية على توفير احتياجات الشعب التي تزيد من عزيمته وتشبثه بأرضه من خدمات أساسية، وذلك بالمراقبة والاطلاع بشكل دوري على الكومينات، لأنها صوت الشعب، وصلة الوصل بين الشعب والإدارة، وذلك من خلال ما أوصى به القائد “عبد الله أوجلان”، عندما أكد على الاهتمام بالكومين بشكل مكثَّف.
اختلاط الدماء والثقافات
ومن جانبها أوضحت مديرة وكالة (SYRIAC PRESS) السريانية “ماريا حنا”، أنه في ظل تأسيس الإدارة الذاتية، أصبح هناك تقارب بين الشعوب في الفترة الأخيرة بشكل كبير وملحوظ، من ناحية العمل المشترك، وكسر المفاهيم الخاطئة، وأنَّه أصبح كل شعب يمارس الطقوس الخاصة به ويتحدث بلغته الأم، وهذا ما أعطى الشعوب الأريحية بعد تعرضهم للتهميش لسنوات طويلة.
وأشارت، إلى أنَّ ما ميَّز الإدارة الذاتية، هو التماسك المجتمعي بين أبناء شعبها: “من النادر ما يحدث ثقافة التماسك بين الشعوب في بلدان العالم، وقد استطاعت شعوب إقليم شمال وشرق سوريا أن تحطم المخلفات القديمة البالية والأفكار النمطية وغيرها، التي زُرِعَت في نفوس الأهالي من السلطات القومية، وهذا ما أعطى خلفية مميزة للإدارة الذاتية الديمقراطية وشعبها”.
كما وأصبح هناك اختلاط لدماء أبناء المجتمع من الشعوب كافة، من خلال دفاعهم عن المنطقة ضد الاعتداءات، التي حاولت كسر لحمتهم، من مرتزقة داعش وغيرها، وصولاً إلى دولة المحتل التركي، حيث دافع الأبناء بروح واحدة عن منطقة الخابور مثلاً ذات الطابع السرياني الآشوري، ومنطقتي كوباني وعفرين ذات الطابع الكردي، وعن شنكال ذات الطابع الإيزيدي وعن الرقة وغيرها ذات الطابع العربي.
واختتمت مديرة وكالة (SYRIAC PRESS) السريانية “ماريا حنا”، حديثها: “نحن الشعب السرياني مؤمنون بمشروع الإدارة الذاتية وانطلاقتها، ونتمنى من جميع الدول الاعتراف بهذا المشروع، الذي يُعد ضمانة لحرية الشعوب ووحدتها وثقافاتها في سوريا والشرق الأوسط، وسنسعى لتشييد هذا المشروع الذي انطلق من مبدأ أخوة الشعوب”.