روناهي/ الرقة ـ خرجت المرأة في الرقة من القوقعة التي رسمها لها الفكر الدوغمائي الذكوري بفعل ممثليه من مرتزقة داعش وما سبقها من عادات وتقاليد بالية، لكنها اليوم استطاعت تمزيق ذلك الرداء الأسود لتبدأ من جديد وتحقق المكتسبات. عام حافل بالإنجازات لدى المرأة الرقاوية.
المرأة في الرقة عانت كثيراً في حقبة احتلال داعش لمناطقها، ولكن كان معاناة الشابات مضاعفةً، حيث إن ما عانته لم يقتصر على الممارسات الهمجية من قِبل المتشددين فقط، بل العادات العشائرية أيضاً، مما جعل منها أسيرة حتى في بيتها، فيمنع عليها العمل، أو اتخاذ الرأي، أو في بعض الحالات يمنع عليها حتى النقاش في أمور العائلة.
فذهنية المجتمع التي ترسَّخت إثر سيطرة النزعة العشائرية، والسلطة، لم تترك للمرأة الشابة، إلا أن تقبع ذليلة في بيت أهلها أو بيت زوجها.
أما الآن وبفضل فكر الأمة الديمقراطية فقد أصبح للمرأة الشابة دورها في النهوض بالرقة وإعادتها كما عهدناها مدينةً خضراء تتجمل بأبنائها وبناتها الذين ما فتئوا أن يعملوا في إعادة إعمار الرقة أبنيةً وفكراً.
حققت الشابات حلمهن بعد التحرير
وهذا ما أكدته العضوة في لجنة المرأة الشَّابة التابعة لمجلس شبيبة الرقة ريم عبيد، حيث قالت: “للمرأة دورها في المجتمع لكن ليس كما يجب، فما سببه هل هو الفكر العشائري الذي حكم المرأة بالجهل وأرغمها على عدم إتمام تعليمها خوفاً من أن تجلب العار وأن تكون سبباً في تقليل دور المرأة، كما نرى أن الأغلبيَّة الساحقة من شابات الرقة لم يتجاوزن المرحلة الثانوية، وخاصَّةً في الآونة الأخيرة، فناهيك عن العادات والتقاليد البالية، فهيمنة المرتزقة على الأرض لفترة، قد أسهمت في تدني المستوى العلمي لفتيات الرقة”.
وأضافت ريم بأن اندلاع الأحداث الأخيرة في سوريا أدت إلى انحطاط دور المرأة في المجتمع، حيث كُبِّلت المرأة السورية بقيود الحرب والتشريد والتهجير وسُلِب ما كان لديها من حقوق.
واختتمت ريم حديثها قائلةً: “أما بعد تحرير الرقة على أيدي أبنائها من قوات سوريا الديمقراطية من ظلام المرتزقة؛ استعادت المرأة الشابة جميع حقوقها التي كانت لفترة أشبه بحلم صعب المنال، وكما نرى أصبح للمرأة الشابة حضور في جميع المؤسسات، فبعد أن تلقينا التدريب الفكري لن يثني عزائمنا أي شيء، وسنعمل نحن الشبيبة على إعادة الرقة إلى سابق عهدها”.
مشاريع اقتصادية تضمن استقلالها
أما بالنسبة لضمان حقوق المرأة الشابة وعدم ضياعها فتلعب لجنة المرأة الشابة التابعة لإدارة المرأة في الرقة دورها البارز، حيث تعمل اللجنة على نشر الوعي الذي يحدُّ من زواج القاصرات هذا الوباء المستفحل في مجتمعنا، وحث الفتيات الشابات على الانخراط في كافة مجالات الحياة، والمؤسسات أيضاً.
وكذلك دعمهن بمشاريع صغيرة كورشات الخياطة، وأفران المعجنات وغيرها من المشاريع التي تدعم اقتصاد المرأة، وهذا ما أكدته الإدارية في إدارة المرأة بالرقة زليخة عابدي.
المرأة في الرقة قبل التحرير
ونوهت قائلةً: “قبل تحرير مدينة الرقة من قِبل قوات سوريا الديمقراطية كانت المرأة تعيش بحالة خوف ورعب من ممارسات مرتزقة داعش اللاأخلاقية واللاإنسانية بحقها، وتجريدها من كافة حقوقها، حيث كانت تتعرض للضرب والإهانة وفرض القيود والحصار على المرأة وحُرِمت المرأة من العمل، واستمر مرتزقة داعش بوضع قرارات جديدة تجرد المرأة من كافة حقوقها، حتى وصلت إلى درجة تُمنع من الخروج من المنزل بحجة أنها فتنة وعورة”.
المرأة بعد التحرير استعادت حقوقها
وتابعت زليخة بأنه بعد تحرير مدينة الرقة على أيدي مقاتلي/ـت قوات سوريا الديمقراطية، بزغت شمس الحرية على أهالي مدينة الرقة عامةً وخصوصاً المرأة، وبدأت المرأة تستعيد حقوقها بفضل فلسفة القائد عبدالله أوجلان التي سُلِبت منها على مرِّ الزمان.
وأشارت بالقول: “استطاعت نساء الرقة الانخراط في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية جنباً إلى جانب الرجل، وأصبحت المرأة رئاسةً مشتركة في جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في مدينة الرقة وريفها”.
المرأة تُنظم نفسها بنفسها
ونوهت بأن نساء الرقة بادرن بتنظيم أنفسهن عن طريق تشكيل الكومينات الخاصة بهن، حيث بلغ عدد الكومينات في الرقة 256 كومين، وبعد نجاح تجربة الكومين كان لا بد من افتتاح مجالس خاصة بالمرأة يقع على عاتقها الاهتمام بشؤون المرأة ومساعدتها في تحصيل حقوقها والاهتمام بقضاياها الاجتماعية والأسرية ومشاريعها الاقتصادية ودعمها اقتصادياً ومعنوياً، حيث بلغ عدد المجالس التي تم تشكيلها 15 مجلس موزعة في أحياء مدينة الرقة وريفها، وبيّنت بأنه في تاريخ 11/ 8 / 2018م، تم افتتاح إدارة المرأة في الرقة وريفها، وانبثق منها 6 لجان وهي كل من (لجنة الاقتصاد، لجنة الصلح، لجنة التدريب، لجنة الإعلام والأرشيف، لجنة الحماية، والهيئة الإدارية).
أعمال إدارة المرأة في الرقة وريفها
ولفتت زليخة بأنه من أهم هذه اللجان هي لجنة الصلح، حيث يقع على عاتق لجنة الصلح الإشراف ومتابعة أعمال لجان الصلح في مجالس وكومينات المرأة، والتنسيق مع هيئة العدالة الاجتماعية وتقوم بحل القضايا والخلافات التي بلغ عدد الإجمالي 3163 قضية منها 1457 قضية تم حلها و853 قضية تم تحويلها إلى هيئة العدالة الاجتماعية.
وذكرت قائلةً: “أما لجنة التدريب فتعتبر من أهم اللجان لدى المرأة؛ لأنها تنميها فكرياً وبشكلٍ يومي تتلقى النساء في المجالس والكومينات وإدارات المرأة التدريب الفكري، حيث بلغ عدد الدروس 788 درس، وبالنسبة للجنة الحماية فقد شكلت إدارة المرأة في الرقة وحدات حماية المجتمع(الجوهرية) للمرأة، وتقوم بالمراقبة والتفتيش على الحواجز والنقاط الأمنية من أجل أمن الأهالي واستقرار المنطقة جنباً إلى جنب مع الرجل”.
لجان ضمنت دور المرأة الألوهي
وقالت زليخة أيضاً بأنه بالنسبة للجنة الاقتصاد فهي تهتم بالمشاريع الاقتصادية للمرأة والمساهمة في دعم اقتصادها، وتم العمل على عدة مشاريع منها: (مشروع ورشة الخياطة في حي المشلب، ومشروع النسيج في حي رميلة، وتخريج دورات اقتصاد التي بلغ عددها 6 دورات انضمت إليها 60 مرأة ، ونوهت: “حيث تم تأمين العمل لهن جميعاً في المؤسسات المدنية في الرقة”.
كما أردفت بأن اللجنة تعمل على تشكيل لجان اقتصاد في كافة مجالس المرأة في الرقة وريفها، وفي بداية هذا الشهر تم افتتاح مشروع محو الأمية في مجلس المرأة بمنطقة الحمرات بالتنسيق مع مكتب المرأة في لجنة التربية والتعليم، حيث بلغ عدد المتدربات 51 متدربة.
وذكرت بأن لجنة الإعلام والأرشيف تقومان بمواكبة وتغطية جميع الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها المرأة، في المؤسسات والإدارات المدنية والعسكرية.
بمشاركتها أثبتت تقدمها
وذكرت زليخة بأن المرأة بالرقة شاركت في جميع المؤتمرات الخاصة بالمرأة والندوات الحوارية العامة في المدينة وخارجها، والمشاركة في المؤتمر العالمي للمرأة في ألمانيا، وحضور المؤتمر العام للمرأة في رميلان، وشاركت المرأة في جميع المسيرات التي نظمت في الرقة وعفرين، وجميع مناطق الشمال السوري المنددة بالعدوان التركي على عفرين، والمشاركة في مراسم التخريج لقوات سوريا الديمقراطية، والقيام بالعديد من الفعاليات والأنشطة بمناسبة مناهضة العنف ضد المرأة؛ كإعطاء المحاضرات وإلقاء البيانات وتعليق اللافتات والصور التي تُعبّر عن ضرورة محاربة العنف ضد المرأة.
وأضافت بالقول: “قامت إدارة المرأة في الرقة وريفها بزرع 300 شجرة في شوارع مدينة الرقة لإعادة الرونق الجمالي للمدينة التي دمرت بفعل الحرب، وإعطاء دروس عن كيفية فك وتركيب السلاح عملي ونظري كي تحمي المرأة نفسها، وكان الدور الأكبر للمرأة هو المشاركة في مراسم تشييع الشهداء”.
الخطط المستقبلية لإدارة المرأة
تحضير كونفرانس للمرأة وتشكيل لجنة تحضيرية ومناقشة النظام الداخلي خلال 3 أشهر، العمل على حملات سياسية تضامناً مع أهالي عفرين، والعمل على إعادة هيكلية كومينات المرأة في الرقة وريفها، الإشراف على المشاريع الاقتصادي التي هي قيد التنفيذ وهي؛ (مشروع الخياطة، مشروع زراعي خاص بالمرأة، معمل أجبان وألبان، مشروع بيت المونة، مشغل نسيج وصوف، وتفعيل حديقة عامة باسم المرأة، فرن خبز ومعجنات)، وتقوية وتفعيل جميع اللجان التابعة للإدارة، هذا ما أكدته الإدارية في إدارة المرأة زليخة عابدي، وتابعت بأن الأعمال مستمرة وستستمر ضمن المخططات التي تمت مناقشتها ووضعها، وسيواصلن مسيرتهن في تفعيل دور المرأة في المجتمع.
إدارة مستقلة سبيل لاسترجاع الحقوق
وقالت أيضاً: “ابتدأنا العمل كلجنة تابعة لمجلس الرقة المدني في عين عيسى وذلك قُبَيل تحرير المدينة من ظلام المرتزقة، إلى أنه بعد تحرير المدينة وعودة الأهالي إليها توسعنا بالأعمال والأنشطة حتى رأينا أن إنشاء إدارة مستقلة للمرأة سيكون إحدى السبل لاسترجاع الحقوق المسلوبة عنوةً، إما بالفكر العشائري أو بالدوغمائية التي كان يعتنقها داعش، أو حتى الذهنية البعثية التي اضطهدت نساء المجتمع”.
و أشادت زليخة بأنَّ الهدف من تأسيس إدارة المرأة في الرقة؛ هو إيصال أصوات النساء إلى العالم أجمع، حيث أصبحت المرأة في الرقة منارةً لهذه المدينة بعد المرحلة الظلامية التي مرت بها مؤخراً، عدا ذهنية العادات والتقاليد التي كانت تُقيدها، وأكدت قائلةً: “لكننا اليوم نحن نساء الرقة استطعنا التخلص من الذهنية التي فرضت هيمنتها علينا بعد تجربة الأمة الديمقراطية التي نخوضها الآن، والتي اتضحت للعالم بأنها الحل الأمثل لفك قيود استعباد المرأة واستغلالها”.