الطبقة/ عبد المجيد بدر ـ لم تستطع أزياء الموضة أن تدفن تراث أبناء منطقة حوض الفرات، فما زالوا يحافظون على تراث الأجداد والزي الشعبي، الذي يمثل هويتهم، ولا سيما لبس “العقال”.
مما لا شك أن الكوفية، أو(الجمدانة) يوضع فوقها “العقال”، عربي بلونه الأسود، والذي يسمى أيضاً ٥٥ نظراً لالتفاف دائرتين فوق بعضها.
ويعدُّ العقال العربي رمزاً ثقافياً عميق الجذور في تاريخ الجزيرة العربية وسوريا بشكل عام، فهو ليس قطعة من الملابس، بل هو تجسيد للهوية والفخر والتقاليد التي توارثها الأجيال.
تاريخ العقال
وتعود أصول العقال لآلاف السنين حيث تشير الأدلة الأثرية إلى استخدامه منذ الحضارات القديمة في منطقة الشرق الأوسط، وقد عُثر على منحوتات، وتماثيل تعود تاريخها إلى ٣٠٠٠ ـ ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد تظهر رجالاً يلبسون ما يشبه العقال، وقد ارتبط العقال في البداية بغطاء الرأس مثل الشماغ، أو الغترة لحمايته من الشمس.
وفي لقاء لصحيفتنا “روناهي”، مع أحد أبناء مقاطعة الطبقة “الحاج قدور الدرويش” 61 عاماً، الذي تحدث عن تاريخ العقال: “في البداية كان يوضع العقال للحماية من الشمس والرياح، ولكن في القرن الثامن عشر الميلادي بدأ العقال يأخذ شكله الحالي أو ما يسمى (٥٥) نظراً لشكله الذي يتألف من دائرتين فوق بعضها”.
وتابع: “أصبح العقال جزءاً لا يتجزأ من الزي العربي التقليدي، فقد انتشر استخدامه من شمال الجزيرة العربية والدول، مثل: العراق، والأردن، وسوريا”.
صناعة العقال
ويصنع العقال عادة من خيوط مصنوعة من صوف الماعز، وهذا ما يجعله متيناً وقابلاً للاستخدام اليومي، وفي هذا الصدد؛ لفت الحاج قدور الدرويش، بأنه في البدايات كان العقال يصنع من صوف الماعز ومع تقدم الزمن، دخلت مواد جديدة مثل: القطن، الحرير في صناعة العقال.
وأضاف: “ولا زالت طرق الصناعة التقليدية مستخدمة لحد اليوم، حيث يتم نسج وتصميم العقال يدوياً بعناية فائقة، ويتم استيراد العقال من الخليج العربي، فمناطقنا لا تحتوي على من يصنعون هذه القطعة الثمينة، كما وهناك تجار مختصون في المقاطعة بالزي الشعبي يقومون بشراء هذه القطع”.
أنواع العقال
ويختلف نوع العقال حسب لونه، أو المادة التي يتم زخرفة العقال بها. وعن أنواع العقال نوه الحاج قدور الدرويش، بأنه تتميز بعض أنواع العقال بتصاميم ونقوش خاصة تعكس المستوى الاجتماعي لمن يرتديه، فعلى سبيل المثال “العقال المقصب” يعرف بأنه مزخرف بخيوط ذهبية، أو فضية، ويعدُّ رمزاً للملوك والأعيان، و”العقال الأسود”، الأكثر شيوعاً يستخدم بشكل دوري، أما “العقال المرعز”، فهو يصنع من نوع خاص من صوف الماعز ويتميز بجودته العالية.
الأهمية الثقافية والاجتماعية للعقال
ويمثل العقال جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية لأبناء حوض الفرات، حيث يعكس الفخر والانتماء للتاريخ والتراث. حيث بدوره تحدث “محمد الخمري” ٢٢ عاماً، وهو أيضاً من أبناء مقاطعة الطبقة: “منذ نعومة أظفاري أرى أبي وأعمامي يرتدون العقال، فهو جزء لا يتجزأ من اللباس الشعبي، الذي يعكس ثقافة منطقتنا”.
وعن أهمية المحافظة على اللباس الشعبي أردف: “من الواجب علينا، أن نسعى جاهدين لإحياء تراثنا في المنطقة، من خلال ارتداء الزي الشعبي في المناسبات واستبدال اللباس المدني باللباس الفلكلوري الخاص بنا”.
وفي الختام بين “محمد الخمري”، أنه في الفترة الأخيرة أصبح العريس يلبس اللباس الشعبي في عرسه، كـ “الشماغ، الغترة، العقال”، والعروس أيضاً ترتدي “الصاية، الشلاليح، العصبة”.
يذكر، أنَّ العقال العربي أكثر من مجرد قطعة من الملابس، بل هو رمز للثقافة والتاريخ والانتماء الذي يربط الأجيال ببعضها البعض، فمع مرور الزمن وتطور المجتمعات يبقى العقال محتفظاً بمكانته ورمزاً للفخر والهوية العربية الأصيلة، فيما يبلغ سعره ما يقرب من مائة ألف ليرة سورية.