سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

لماذا لم تتطرّق قمة البحرين لانتهاكات تركيا في الدول العربية؟

هيفيدار خالد_

انعقدت القمة العربية الثالثة والثلاثين في العاصمة البحرينية المنامة بتاريخ 16 أيّار الجاري، في وقتٍ حرجٍ على الصعيدين الإقليمي والدولي، وسط تطوّراتٍ متسارعةً، منها الحرب المتواصلة بين حماس وإسرائيل وما خلّفته من تداعياتٍ وصراعاتٍ فاقمت الأزمات الاقتصادية، وكذلك الأزمة السوريّة العالقة التي تنتظر حلاً لا ملامح له، ولو بعد حين، كلّ هذه الأمور وغيرها تخيّم على المنطقة برمتها في مشهدٍ معقّدٍ للغاية.
تطرّق المشاركون في القمة إلى أهمية دعم السلام والتنمية في السودان، وتطورات الوضع في ليبيا، وآخر المستجدات في الملفّ اليمني، وأحداث البحر الأحمر، والتحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة بشكلٍ عام، فضلاً عن عشرات الملفّات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المختلفة، ولكن السؤال الذي يتطلّب إجابة، ماذا ارتأى المجتمعون بخصوص تلك القضايا؟ وهل من قراراتٍ تُذكر أو جديدٍ يُقال؟
بالطبع القمّة أتاحت الفرصة للبدء في عملية إرساء رويةٍ عربيةٍ للمستقبل والاتفاق على آليات تنفيذها، إلّا أنّ محللين أكّدوا أن الشعوب العربية لم ترَ في القمة المنعقدة اختلافاً عن سابقاتها من القمم، وأن اجتماعهم هذا لا يتعدّى كونه اجتماعاً عادياً في سلسلة اجتماعات القادة العرب.
لتبقى عبارات الشجب والإدانة بقيت هي ذاتها، أما جديد ما طرح فلا يتعدى كونه حبراً على ورق ويفتقد آلية التنفيذ والتطبيق سواء من قريب أو بعيد، فدعوة القمة في بيانها الختامي إلى العمل على نشر قوات حفظ سلام دولية، في الأراضي الفلسطينية إلى حين تنفيذ حل الدولتين، تبقى في سياق الطرح المعهود، ولكن الأمر الذي غاب عن رؤية القادة العرب المجتمعين في المنامة هو تدخلات بعض الدول الإقليمية في الدول العربية، وعلى رأسها تركيا التي طالت أطماعها سوريا والعرق وليبيا والسودان وغيرها ولا سيما انتهاكاتها المستمرة على شمال وشرق سوريا، مع أن ذكر ذلك أو إدانته أو شجبه من قبل القادة هناك لا يكلفهم الكثير كسابقاتها من القضايا فالكلام سهل والتطبيق بعيد. نعم لم تذكر القمة العربية في بيانها أي استنكار أو إدانة لهذه التدخلات والانتهاكات والاعتداءات، بل اكتفت ببعض التصريحات الفضفاضة. وهو ما عزاه بعض المحللين إلى محاولة بعض القادة تحسين علاقاتهم مع تركيا التي تسعى جاهدةً للسيطرة على المنطقة العربية ووضع موطئ قدم ثابت لها هناك، متسائلين في الوقت نفسه عن سبب غياب الخطر التركي عن أنظار القادة العرب، رغم أنه لا يخفى على أحدٍ، ولكن ربما أنهم آثروا البقاء في السلطة وتغليب مصالحهم الشخصية على مصالح شعوبهم
ولو أنهم فطنوا فإن مصالحهم ومصالح شعوبهم تكمن في قراراتٍ بناءةٍ تُسهم في تعزيز التضامن ودعم جهود إحلال السلام والاستقرار، وهو ما يضاعف من أهمية انعقاد القمة العربية التي من المفترض أن تكون حاضنة على طريق نصرة قضايا شعوبهم، وخيمة للشراكة والعمل من أجل التنمية المستدامة، والاستقرار الضامن للمستقبل في هذا الوقت المفصلي، كان من المفترض بها أن تعمل بحق أقله من أجل تبديد بعض القلق لدى الرأي العام العربي، والتخفيف من وطأة الأوضاع الصعبة التي تواجه بعض الدول على الصعيد الاقتصادي. ولكن؛ القمة لم تأتِ بجديدٍ سوى أنها مرت على بعض الملفات مرور الكرام، بل وأهملت ملفاتٍ حساسةً كان من المفترض بها الوقوف عليها والتطرق لها لما لها من تداعيات خطيرة على الشعوب العربية في المستقبل القريب، وخاصة التدخّلات التركية التي زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة.