سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أيار.. حينما تزهر الشهادة

سوزان علي_

أزهر شهر أيار باستشهاد مناضلي حركة التحرر الكردستانية، والنساء الكردستانيات، وأينع هذا الشهر المعروف بـ”شهر الشهداء” وتكلل بالشهادة في فصول المقاومة، التي أبداها المناضلون، ولا سيما النساء المناضلات، اللواتي تصدين للذهنية الذكورية السلطوية في المجتمع، فلم تلِنْ عزيمتهنَّ، بل زادت إصراراً إلى بلوغ المأرب، مهما كان الثمن؛ وكانت زهرة شهيدات هذا الشهر الشهيدة الفنانة مزكين، “غربت آيدن” التي استشهدت في الحادي عشر من شهر أيار عام 1992م في باكور كردستان، بعد نضال طويل ضمن حركة التحرر الكردستانية، والتي استطاعت كسر الذهنية الاستبدادية في المجتمع بنضالها وصوتها الشجي؛ لأنَّ السير في درب الفن كان ممنوعاً على المرأة الكردستانية، وكان ينظر لها نظرة دونية، حينما تخوض هذا المضمار. فلم تكن الشهيدة مزكين الوحيدة، التي صمدت أمام همجية المحتل التركي، وهجماته المتكررة على حركة التحرر الكردستانية، فسبقتها الشهيدة ليلى قاسم في الصمود والنضال أمام همجية النظام البعثي في العراق، الذي لم يرق له خوض المرأة الكردستانية المجال السياسي، ووضع بصمة في تغيير الذهنية البائدة في المجتمع، والتي خلفتها الأنظمة الاستبدادية على مدار آلاف السنين في كردستان، ومارستها على الشعب الكردستاني، وفي مقدمتهم الشعب الكردي، فقام النظام البعثي، وبعد تعذيبه ليلى قاسم في السجون؛ بإعدامها في الثاني عشر من شهر أيار عام 1974م، وبالذهنية ذاتها، وعلى خطا هذه السياسة المتجردة من قيم الإنسانية؛ قام النظام الإيراني بإعدام المناضلة شيرين علمهولي بعد مقاومتها مدة 21 شهراً في سجن إيفين في طهران بتهمة العضوية لحزب الحياة الحرة الكردستاني. إلا إن تلك الممارسات لم تقف حاجزاً أمام صمود شهيدات الحرية تلك؛ اللواتي زاد إصرارهنَّ على المقاومة والصمود، فليلى قاسم، وأثناء سيرها إلى ساحة الإعدام، وبعد تعرضها لتعذيب يخجل أمامه التاريخ؛ سارت بخطا ثابتة، وهي ترتدي الزي التراثي الكردي دون أن يتسلل الخوف إلى أوصالها من جلاديها، وتطبيق حكم الإعدام عليها؛ ذلك أن الأنظمة المهيمنة على جغرافية كردستان؛ سعت إلى تبديد مقاومة المرأة الكردستانية بشتى الوسائل، ومنها تطبيق سياسة الإعدام لتنحيها عن طريق الثورة والمقاومة، إلا أن مقاومة النساء الكردستانيات لم تخفت قيد أنملة، بل زادت اتقاداً بانضمام آلاف النساء إلى حركة التحرر الكردستانية وسلك درب الحماية والدفاع عن الحمى؛ اللواتي أيقنَّ أن الوطن كالورود إن لم تسقه بالشهادة سيظل محتلاً، وعلى خطاهن قادت النساء في شمال وشرق سوريا ثورتهن، التي اندلعت في التاسع عشر من شهر تموز عام 2012م، والتي ازدهرت بريادة المرأة فيها، ولم تذهب مقاومة الشهيدة شيرين علمهولي سدى، حيث غدا الشعار، الذي تركته شيرين على جدران الزنزانة ” Jin.. Jiyan.. Azadî المرأة.. الحياة.. الحرية” والذي هو فلسفة القائد عبد الله أوجلان أساساً لانتفاضة “Jin.. Jiyan.. AzadΔ في روجهلات كردستان وإيران بعد استشهاد جينا أميني على يد ما تسمى بشرطة الأخلاق، ولازلت هذه الانتفاضة مستمرة حتى اليوم دون أن تخبو جذوتها.
فمقاومة النساء الكردستانيات بثت الرعب في قلوب الأنظمة الاستبدادية، وكانت الحجر الأساس لاندلاع الثورة الذهنية، وبناء الفكر الحرّ في المجتمع.