إبراهيم القفطان: “مصلحتنا اليوم وقف نزيف الدماء السوريّة أولاً”

 أوضح رئيس حزب سوريا المستقبل إبراهيم القفطان أن تركيا هددت أربع دول أوروبية خلال اجتماع إسطنبول الأخير، بتصدير الإرهاب إن بدأت حملة إدلب، مشيراً إلى أنها تحاول شرعنة الاحتلال من خلال استخدام بعض السوريين، وأنها حاضنة سلبية لاستمرار الأزمة السورية وأكبر دليل على ذلك هو احتلالها لعفرين ولمدن سورية أخرى، وأن روسيا تدافع عن النظام السوري من أجل تحقيق مصالحها، وأشار بأن الأطراف الفاعلة إن كانت تريد حلاً للأزمة السورية فليعقدوا المؤتمرات في دمشق أو حمص أو قامشلو هذا إن كانوا صادقين في إيجاد الحلول.

 وأكد القفطان بأن تركيا تعمل دائماً على قتل السوريين ودمار البنى التحتية فيها، وأنَّ تركيا تهدد الدول الأوروبية بأن أي حرب على إدلب ستكون جحيماً عليهم، وستفتح أبوابها للإرهابيين لدخول البلدان الأوروبية، ولن يكون هناك استقرار إن لم تحل جميع القضايا العالقة في سوريا وبخاصة مع شمال وشرق سوريا.

جاء ذلك خلال لقاء أجرته وكالة أنباء هاوار مع رئيس حزب سوريا المستقبل إبراهيم القفطان للحديث حول آخر التطورات التي تشهدها مناطق إدلب.

والحوار كان على الشكل التالي:

ـ بالرغم من وجود الاتفاقية الروسية ـ التركية في منطقة إدلب؛ إلى ماذا تشير التصعيدات المستمرة بين النظام السوري والمجموعات الأخرى المتواجدة في إدلب وأخرها كان قصف المجموعات الإرهابية مناطق حلب بالغاز الكيميائي؟

بالنسبة لموضوع استعمال الأسلحة الكيمائية؛ يرمي الجميع الكرة إلى الطرف الآخر، فالمجموعات تتهم النظام السوري والنظام يتهم المجموعات الإرهابية، ولكنني أقول لا يهم من فعل، بل المهم من كان الضحية، فالضحية هم أبناء سوريا إن كان من هذا الطرف أو ذاك، الكل يريد أن يتهم الآخر ويجعل من أبناء سوريا ضحية لمشروعهم، فيقتلون الشعب السوري كي يتهموا بعضهم البعض. نحن الآن لسنا بصدد المحاكمة من فعل ذلك لكن يهمنا لماذا يفعل، فكافة الأفعال التي تجري في سوريا هي لخدمة مصالح الدول الخارجية وتعقيد الأزمة السورية وإطالتها. أما في موضوع إدلب؛ فمع الأسف نخشى أن تطول الأزمة فيها وتؤثر على بقاء تركيا هناك لمدة طويلة، وكنا نتمنى أن تكون تركيا حاضنة إيجابية للأزمة السورية وليست سلبية. لكن؛ ما ثبت خلال الثماني سنوات هو عكس ذلك تماماً، فهي حاضنة سلبية بخصوص سوريا وأكبر دليل على ذلك احتلالها لعفرين ومن قبلها جرابلس والباب وإعزاز التي حولتها من منطقة آمنة إلى منطقة غير مستقرة وتريد أن تعود الفوضى مرة أخرى لمناطق شمال سوريا أيضاً، وتركيا تعمل من أجل ذلك بكل قوتها.

ـ روسيا شريك للنظام السوري منذ بداية الأزمة السورية، خلال الفترة الأخيرة ظهرت تناقضات بين التصريحات الروسية وتصريحات النظام التركي حول مصير إدلب، هل هذه التصريحات تضليل إعلامي أم أن هنالك فعلاً خلافات بين الطرفين؟

أقول دائماً إن الدول ليست جمعيات خيرية، الدول مصالح فعندما ترى روسيا مصلحتها مع الحكومة السورية لا تدافع عن النظام السوري فقط، بل تدافع عن النظام من أجل مصالحها في سوريا وليس هنالك عداوة دائمة بين الدول وليس هنالك صلح دائم، بل هنالك مصالح دائمة، الدول فقط تسعى لمصالحها. لكن؛ نحن أبناء سوريا علينا أن نفكر نحن أيضاً بما هو فيه مصلحتنا، علينا أن نسعى لنرى مصلحتنا وتحقيق ما يجب أن نحققه من أجل إنهاء الأزمة السورية، ومصلحتنا اليوم هي في وقف حمام الدماء أولاً. نعم هنالك خلاف بين روسيا وتركيا ولكن توجد سفارات وقنصليات وتوجد تقاطعات ومصالح للطرفين يسعيان لتحقيقها، توجد لقاءات بين الأطراف المتواجدة في سوريا دون استثناء لحماية مصالحها، ليس هنالك خلاف بين دولة ودولة أخرى، بل هنالك خلاف على المصالح بينها، وعلى شعب سوريا أن يعلم ذلك جيداً. على الشعب السوري أيضاَ أن يرى مصلحته من خلال التقاطع مع الدول وهذا هو الأهم بالنسبة لنا كسوريين، ونحن في شمال وشرق سوريا لدينا تقاطعات مع التحالف الدولي نحاول أن نستفيد منها ونستثمرها لخدمة الشعب السوري، وأكبر دليل على ذلك هو محاربة داعش الذي عاث في أرضنا ومدننا خراباً وقتلاً ودماراً، ولم يسلم أحد من أعماله الإرهابية، إذاً نتقاطع فقط لخدمة الشعب السوري وحقيقة تحقق هذا الأمر وسنسعى في هذا الطريق دائماً وهدفنا في هذا الاتجاه معروف للجميع.

ـ هاجم الرئيس بوتين والممثل الدائم للنظام السوري في مقر الأمم المتحدة بشار الجعفري وبشكل مباشر خلال تصريحات منفصلة تركيا؛ بأنها فشلت في ضبط المجموعات الإرهابية المتواجدة في إدلب، هل التصريحات تشير إلى عملية عسكرية قريبة؟

نعم؛ هاجم بشار الجعفري تركيا بشدة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا لم يهاجم الجعفري تركيا حين احتلت عفرين، ولماذا لم يقاتلوا داعش في دير الزور والرقة ويخرجوهم من تلك المناطق، ولماذا تسحب روسيا قواتها من مناطق عفرين وكفر جنة لتفتح البوابة للأتراك للدخول إلى عفرين؟ وهل تصريحات بوتين والجعفري ستعيد أبناء سوريا الذين قتلوا بسببهم، إن كان النظام السوري وروسيا يهددون تركيا فليسحبوا سفاراتهم من تركيا ويقولوا نحن لا نعترف بهذا المحتل الذي احتل جزءاً من أراضينا، الكلمات لم تعد تنفع إذا ما لم تتبعها الأفعال، نريد ترجمة حقيقية سواء أكانت من الحكومة السورية أم روسيا أم من تركيا، ونحن في سوريا لم نعد نثق بما يقال من كلمات رنانة، ونريد ترجمة حقيقية لهذه الأقوال على الأرض، كما لا نريد اللعب بعواطف الشعب السوري ومن أي كائنٍ كان. إن كانت هذه الأطراف تريد حقاً أن ترى حلاً للأزمة السورية فليعقدوا جنيف في دمشق أو حمص أو قامشلو هذا إن كانوا صادقين في إيجاد الحل، ولتكن المنصات الأخرى التي تنعقد في الخارج في حلب وفي عين عيسى ودرعا، فلماذا نذهب إلى الخارج لحل أزمتنا أو الأزمة السورية والحلول هي حلول داخلية، لماذا لا تكون المنصات داخل سوريا إن كانوا حقيقة مؤمنين بأن الحوار الذي جرى في عين عيسى سوري – سوري وطني فليرسلوا ممثليهم للتحاور وليقولوا ماذا تريدون؟ نحن طلبنا في الفترة الماضية بأن يكون بيننا وبين النظام حوار غير مشروط فمن يريد حل الأزمة لا يشترط، وتحاورنا فقط على أساس شروط أساسية وهي الديمقراطية والحرية واللامركزية والمساواة وتحقيق العدالة بين أبناء الشعب السوري. لا نريد شعارات من الجعفري ولا نريد كلاماً من روسيا ولا نقبل أن يكون الشعب السوري ورقة للتفاوض أو البيع والشراء كما حصل في الكثير من المرات وعلى السوريين أن يعلموا ذلك جيداً.

ـ برأيكم هل هجمات الدولة التركية المستمرة على شمال وشرق سوريا لتضليل الرأي العام وإخفاء فشلها في إدلب؟

تركيا دائماً تتحدث وتقول بأنها ستفعل كذا وكذا وكلما ازداد الكلام تزداد المطالبات، قالت سندخل منبج وسندخل كري سبي وكوباني وإلى آخره، أصبحت هنالك مطالبة من الأشخاص الموجودين في درع الفرات وغيرها لتركيا وتوجه التهم لها بأنها لم تفعل شيئاً مما خططت. ولذلك؛ احتلت بعض المدن السورية لتكون متنفساً لهؤلاء وإرضاءً لهم، وتركيا تعمل على قتل السوريين والجميع بدأ يقول إن هنالك عملية على شمال وشرق سوريا، ومن يرفع هذا الشعار يريدون قتل أبناء سوريا ليعيشوا هم، فما أكرره هو أن الهجمات التركية التي حصلت هي متنفس لبعض الاحتقان الموجود لديها من قبل السوريين الموالين لها.

كان على المجموعات المتواجدة في تركيا والتي تعمل لمصلحة تركيا أن تقول؛ نحن ذاهبون لنجلس مع أبناء شمال وشرق سوريا، ولن نقاتل إخواننا وشعبنا، نحن لم نفكر أن نشترط إزالة بشار الأسد حتى نقبل الحوار، كما فعلت المعارضة، نريد نفي هذه الذهنية وإلغائها، فإن تغيير الشخص والإتيان بآخر يملك الذهنية نفسها لن يغير شيئاً، الائتلاف كان يريد أن يزيل رأس السلطة ليجلس مكانه وليكمل أعماله السابقة، وهدفنا تغير الذهنية السلطوية الفردية والقبول بالتعددية والتشاركية والديمقراطية.

ـ ما مصير إدلب وما المفاجآت التي يمكن أن تحصل فيها في الأيام القادمة؟

باعتقادي لن يحصل أي شيء في إدلب، ففي مؤتمر إسطنبول الذي جمع الدول الأربعة روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا، هددت تركيا أوروبا إن بدأت الحرب في إدلب، ستفتح على أوروبا أبواب الجحيم من خلال إرسال خمسة ملايين إرهابي إلى أوروبا من جديد، وهذا ما تخاف منه اوروبا. لذلك؛ أرى أنه لن يحصل أي حملة على إدلب إلا ضمن توافقات دولية، ما يحصل في إدلب هو عملية كر وفر إلى حين إنهاء بعض المجموعات المصنفة إرهابية كجبهة النصرة وهيئة تحرير الشام وغيرهما. ولن تحصل في إدلب أي حملة وستبقى إدلب في استقرار وهمي، ولن يكون هناك حل لقضية إدلب بشكل نهائي إلا بتوافقات دولية، وهدف النظام السوري من المناوشات التي تجري بين الحين والآخر هو لجلب بعض الشركات لإعادة الإعمار في المنطقة، ولن يكون لها استقرار إن لم تحل جميع القضايا العالقة في سوريا، وبخاصة مع شمال وشرق سوريا والوسط السوري، وجميع المناطق السورية الأخرى.

ـ ما هو مصير تركيا في سوريا ولا سيما إنَّ هنالك جغرافيا مُحتلة من قِبلها؟

تركيا احتلت الأراضي السورية واستخدمت بعض السوريين في ذلك لشرعنة مشروعها، والأمر الآخر أن تركيا تريد أن تقول للمجتمع الدولي؛ أنا دولة قوية في هذه المنطقة، ومن يروج لتركيا في سوريا في الحقيقة هم بعض أبناء سوريا أقولها بألم وغصة، وهم يشكلون جسر العبور للمشروع التركي في سوريا. أما مشروعها التوسعي الإمبراطوري؛ فلن نقبل بتلك الإمبراطورية في الأراضي السورية؛ لأننا نحن أصحاب الأرض وليست الدولة التركية. ومن هنا علينا أن نخاطب أبناء سوريا ليعلموا على إفشال المشاريع التي تدار في المنطقة وكيفية إدارتها ولمصلحة من، وإن كانت لمصلحة السوريين فلا مانع من ذلك. ولكن؛ إن كانت لغير ذلك علينا أن نفكر دائماً أن انتماءنا سوري وأن يكون انتماؤنا وطنياً وولاءنا للوطن وليس لهذا وذاك.