معرفة الأثر الأصلي من المزور؟

محمد عزو_

أصبحت في الوقت الراهن قدرة خلاقة لدى علماء الآثار في تحديد ومعرفة الأثر الحقيقي من المزور، الذي يكون من نوع، وتكوين القطعة الأثرية، فمثلاً الحجر مهما كان نوع مكوناته الأصيلة سواءً من الغرانيت، أو من الألباستر أو مكونات جيرية وغيرها، تعرف في الواقع من خلال وزنه، ففي هذه الحالة كلما قل الوزن، كان الحجر حقيقياً ومن النوع القديم، وإلى جانب هذا أي الوزن يعتمد الكشف الأثري على طريقة نحت التمثال، والنسب والتناسق الفني البعيد عن العيوب.

 هنالك طرق أخرى تعتمد في تفريق الأثر المقلد من طريقة كتابة النصوص التاريخية و”الخراطيش” الملكية خاصة على التمثال، و”الخراطيش” الفارغة وجدت في المعابد وخاصة الفرعونية، والخرطوش هو الاسم الشائع الذي يحيط بأسماء الملوك من ملوك الفراعنة، والذي يبدو على شكل بيضاوي، وحسب علماء الآثار هي تسمية أطلقها علماء آثار فرنسيون، وسبب التسمية يعود إلى تشابه الشكل البيضاوي بينه وبين الرصاصة التي تسمى باللغة الفرنسية (cartouche).

ومن خلال كتابة هذه النصوص الملكية الكتابية ودقة الحروف وطريقة رسمها وحفرها، والطبقات المكونة للحجر المصنوع منه القطعة الأثرية، فالطبقة الأولى للحجر تكون ماثلة للطبقة التي تليها ومتماسكة معها يستطيع الآثاري تفريق الأثر الأصلي عن المقلد. والأثر المزور يعرفه الآثاري صاحب الخبرة الطويلة والدقيقة خاصة من خلال الوجه والخدين والظهر فبمجرد لمسه للأثر المزور يجد أن المقاطع والمناشير قد تركت فيه خشنة أو خشونة غير عادية.

أما فيما يتعلق بالآثار المعدنية فإن عملية الكشف لمعرفة الأصلي من المزور تعمد على نوع المعدن، فإذا أزيلت الطبقة الأولى وكانت الطبقة الثانية باللون نفسه فهي تكون قطعة أثرية قديمة، وإذا كان اللون مختلف فهي ليست أثرية بل قطعة حديثة ومزورة. هنا أيضاُ المعدن ذاته يحدد الفارق من خلال مواصفاته وخصائصه، فعلى سبيل المثال معدن النحاس يتغير لونه بصورة تختلف عن معدن الذهب أو الفضة أو الحديد، وبالاستطاعة التفريق بين الأصلي والمزور من صناعة المعدن واللحام ومادة اللحام المستخدمة وطريقة نحت المعدن ونوع الزخرفة والكتابة وطرائق الحفر. ويمكن معرفة الخزف من خلال مادته وطريقة صناعته التي تختلف من عصر لآخر، ويستطيع الآثاري المميز معرفة حقيقة الخزف من طريقة صناعته ونوعه وطبقاته وزخرفته وتناسب هذه الزخرفة مع حقيقة العصر.

أما معرفة الدمى الفخارية والتمثال المصنوع من الفخار يمكن معرفته من خلال تعريضه للنار وطريقة العرض تظل من خصوصيات الآثاري المختص. وفي الزمن الحالي هناك نجاح كبير لمهربي الآثار في تهريبهم للقطع الأثرية إلى الخارج، ويعود السبب إلى عدم القدرة على تحديد الأثر الأصلي من المزور خاصة في المنافذ الحدودية والجمارك الدولية، وبسبب الآثاري الذي لا يمتلك القدرة والخبرة التي تمكنه من معرفة الأثر الأصلي من المقلد. هذا غيض من فيض عن كيفية معرفة الأثر الأصلي من المزور وهناك طرق علمية حديثة تمر عبر المخابر العلمية.