رسائل من أُمهات الشهداء “سنُشكّل من أنفسنا حلقة نار للالتفاف حول نهج شهدائنا”

تقرير/ ليكرين خاني –

روناهي/ كركي لكي-في روج آفا والشمال السوري يختلف كل شيء، فهنا أم الشهيد لا تبكي على فلذة كبدها لأنه رحل ولن يعود، بل تبكي للأفتخار به، بأنها أنجبت شبلاً لم يعرف المذلة والرضوخ.

الأمهات يكنَّ في مقدمة من يغرس حب الوطن والانتماء في نفوس أبنائهن منذ نعومة أظافرهم، ليكبروا على حب الوطن والقضية، وكذلك على العمل الدؤوب لتعزيز الوطن بالقدرات الشبابية وتطويره.

في روج آفا والشمال السوري هناك شهداء لا يحصى عددهم، وأمهات يودعهن أبنائهن وبناتهن بدموع الفرح والفخر بالشهادة التي نالها أبنائهن الذين أضحوا وأمسوا قرباناً لقضية شعب شَبِع من الظلم، ووجد من يضحي بدمائه النقية والتي تعتبر من أعظم التضحيات وهي الشهادة؛ كي يزيل ستار الظلم على هذا الشعب، وعند المكوث مع أمهات الشهداء سنرى لديهن ما يُخبِرنَّ به من المشاعر المتنوعة التي يشعرنَّ بها، ولا بد أن يكنَّ يحملن رسالة يوجهنها إلى الشعب بكافة شعوبه وأطيافه، ولقائد الشعب عبد الله أوجلان اللواتي يسرنَ على خطه ومنهجه، وبخضم هذا الموضوع كان لنا لقاء مع بعض من أمهات الشهداء في بلدة كركي لكي، اللواتي عبّرنَ عن ما يختلج نفوسهن ورسالة أبنائهن الخالدة التي بها سطروا بل نقشوا أسمائهم في التاريخ.

تضحيات أبنائنا وسام فخرٍ على صدورنا

كان لدى ولدي الشهيد هفراز ما يقدمه للشعب وللقضية وللقائد عبد الله أوجلان منذ انضمامه إلى الحركة الثورية، إنه كان من أوائل من انضموا إلى صفوف وحدات حماية الشعب، هذا ما قالته لنا والدة الشهيد هفراز، صالحة درويش وتابعت بالقول: “لم يتوانى ولدي عن تقديم التضحيات واشتراكه في شتى الاشتباكات التي دارت في المنطقة، وكان آخر اشتِباك له في قرية صفا مع مرتزقة داعش ومن بعدها لم أر ولدي، فقد أخبروني بأنه أستشهد في الاشتباك الأخير الذي دار في قرية صفا، لا أعلم ما الذي حصل وكيف ومتى؟ ولكنني كنت أعلم أن هذا ما يريده ولدي هفراز؛ كان يريد الشهادة وقد نالها بكل شرف”.

أكدت أيضاً بأن أمهات الشهداء يتألمنَ كثيراً فهن يخسرنَ فلذات أكبادهن ولكنهن في الوقت عينه ينلنَ شرف الشهادة والإعتزاز بالشهيد الذي قدم روحه فداء للوطن والقضية فهذه الأخيرة تفوق بأهميتها لدى أمهات الشهداء لأن الشهادة أثمن من كل شيء.

وشددت صالحة بأنهن سيسرن على نهج الحرية الذي نادى بها القائد عبد الله أوجلان ولم ولن يتراجعن عن المسيرة المقدسة والكفيلة بإنقاذ وتوعية شعب لم يحظ ولم ينل طعم الحرية.

وتمنت أيضاً تحرير القائد أوجلان في المستقبل القريب وأيضاً أن يكون لشعبها والإنجازات التي حققوها خاصةً ضمن المؤسسات دوي يصدح في كل بقاع العالم.

وفي ختام حديثها قالت صالحة: “أنا لست بنادمة على تضحية ولدي بدمائه لهذه الأرض والقضية، فأننا نفتخر ونعتز بهذه الشهادة، فهذا أقل ما يقدمه المرء لنيل الحرية”.

فمن مثلها تقوم بدفن قطعة من جسدها وقلبها كله، وتقف أمام الباكين تطلق الزغاريد، مَن يقوى على تقديم قلبه للوطن طوعاً ومحبةً، نعم أنها هي أم الشهيد!!! أي قلب هذا الذي صدق وعده وما استكان، وما ندمت يوماً على تقديم الضحية ولدها وفلذة كبدها لتنير به درب الشعب، ولتسقي به أرض عطشى بما هو نقي كدماء الشهداء.

لنتكاتف ونناضل معاً لبناء مشروع الشهداء

والدة الشهيدة روجين دارا تؤكد لنا مدى ارتباطها بخط القائد عبد الله أوجلان والحرية التي يسعى إليها الشعب الكردي الذي لطالما نادوا بها ولم يجدوا لها أثراً، وأشارت بأنه حان الوقت بأن يزال الغمام عن الواقع بعد الحروب، وأن يروا الضوء من خلال التضحيات والدماء التي قدمناه أبناء المنطقة.

زلفة بدرو أم الشهيدة روجين دارا بينت بأن الشهداء هم الشمعة التي تحترق لتنير درب الشعوب نحو الحرية والكرامة وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وبفضل دمائهم الذكية استطعنا تحقيق العديد من المنجزات في ثورة روج آفا والشمال السوري، لأن الشهيد هو أول من لبى نداء الوطن.

وتابعت زلفة من خلال حديثها بالقول: “لكي نكون على قدر من المسؤولية التي تركوها لنا أبناءنا وبناتنا الشهداء؛ علينا أن نحافظ على ميراثهم ونكمل مسيرتهم ونسير على خطاهم، ونحقق أهدافهم التي ضحوا بروحهم وهي أغلى ما يملكون من أجلها؛ وهي الحرية والكرامة، فنحن نعيش مرحلة حساسة ومصيرية، ولدينا فكر وفلسفة نسعى لإيصالها للعالم أجمع، وهي فلسفة الأمة الديمقراطية التي أسسها القائد العظيم، قائد الإنسانية، عبد الله أوجلان، التي تحتضن جميع الشعوب في روج آفا والشمال السوري من كرد وعرب وسريان وتركمان، فعلينا العيش بحياة تشاركية ديمقراطية بعيدة عن السلطة والدولة، فنحن نملك إرادة قوية وحرة ولا أحد باستطاعته تحطيمها”.

واختتمت زلفة: “رسالتي التي أود إيصالها هي التكاتف والنضال معاً لبناء مشروع الشهداء والحفاظ على ميراث ثورتهم، ونحن نعاهد كأمهات الشهداء بأن نشكّل من أنفسنا حلقة من النار ونلتف حول هذا المشروع، ونحمي الأرض وقضية الأمة الديمقراطية”.