يحتل الغناء التراثي في منبج مكانة هامة. وكثيراً ما ينظر إلى هذا التراث على أنه الحارس لهوية الأمة، خاصة إذا و
جد فنانون موهوبون يصونونه من الاندثار وحفظه من الضياع.
تمتلك منبج أهمية خاصة في تراثها الفني الموسيقي، وهو الأمر الذي لم يكن غائباً عن ذهن لجنة الثقافة والفن ومركز الثقافة والفن، اللذين قدما جهوداً في سبيل حمايته عبر دورات للتدريب الموسيقي، إضافة إلى تكريم الفنانين الذين أبدعوا ووضع حجر الأساس لتطوير هذا النوع من الفن الراقي.
تكريم الفنانين الغنائيين من قبل لجنة الثقافة والفن في منبج هو ما قام به مركز الثقافة والفن من خلال تنظيم فعالية، كرم بها أربعة فنانين بعد أن نذروا أنفسهم لحماية التراث وإحياء الهوية الثقافية.
على هامش الفعالية، التقت صحيفتنا الفنانين الأربعة، وكان هذا التقرير:
الغناء بين الثراء والإرث
بداية، التقينا مدرس الرسم في مركز الثقافة والفن ومشارك بالموسيقا، صالح جنيد الذي، كان رأيه:” للفن والغناء في منبج جوانب عدة، أبرزها جانبان، جانب أن الغناء في منبج يعتمد على التراث المحلي، الذي يغطي منطقة حوض الفرات، بينما يصل الجانب الآخر منه إلى حلب، متضمناً الطربيات والقدود الحلبية“.
يضيف جنيد: ”تمثل منبج ممراً موسيقياً هاماً يعكس طريق الحرير في عالم الفولكلور والموسيقا لا سيما بغناها بالفنانين القادرين على تلبية الطلب الفني وإبراز هويته“.
وتابع: ”خلال الحرب تضررت منبج بسبب هجرة العديد من الفنانين، بما في ذلك الشعراء والأدباء والفنانون والموسيقيون، والفنانون والتشكيليون، الأضواء تتجه نحو الفنانين الذين استمروا في البقاء في منبج، خاصة الفنانون القدماء مثل: عبيد الحجي، الذي يعدُّ رمزاً فنياً وتراثياً لأكثر من 25 عاماً، بالإضافة إلى سعدون أحمد“.
واختتم صالح جنيد حديثه:” المبادرة تعزز الروح المعنوية وتعيد النظر بالتراث للحفاظ على إرثنا التاريخي. هذه المبادرات تبرز قوة ومرونة المجتمع المحلي وتسلط الضوء على الدور الأساسي للفن في الحفاظ على التراث والثقافة“.
تقدم ملحوظ في الغناء
بدوره، لاحظ المنظم الموسيقي والملحن، رضوان العيسى أن: ”هناك تقدماً ملحوظاً في منبج خلال خمس سنوات الماضية، وقد يصل بها إلى مستوى أفضل في السنوات القادمة“.
وأضاف العيسى: ”التحسن يعود إلى الدورات الموسيقية التي تُقام، وإلى التأهيل والقواعد الأساسية للموسيقا، والتطوير الذي يجري في كل المفاصل، وساهم في نجاح الأغنية وتعزيز تراث منبج والموسيقا بشكل عام، وللفنانين الذين أسهموا في تطور منبج غنائياً فضل في ذلك“.
ووصف تكريم هؤلاء: ”تقديرهم بأنه خطوة ذات أهمية كبيرة“.
وأشار إلى أن: ”تأهيل عدد من الشباب ليصبحوا موسيقيين محترفين خطوة في الاتجاه، وهؤلاء من المتوقع أن يصلوا بمنبج إلى مستوى فني راقٍ، ولا بد من الإشادة بدور لجنة الثقافة والفن، ومركز الثقافة والفن، بالإضافة إلى كل من ساهم في هذه المبادرة“.
ركائز الغناء الكردي.. الخامات الصوتية والفلكلور
وأكدت الفنانة هيفي محمد عبد القادر، أن:” تكريم نخبة من الفنانين كان لما أنجزوه من أعمال لافته في مهرجانات وفعاليات منبج في عام 2023“.
وبينت أن:” طابع الغناء الكردي يختلف عن الغناء العربي بارتكازه إلى الخامات الصوتية والفلكلور الكردي القديم، والغناء الكردي له حضور في منبج ولكن بطابع ووقع خاص“.
وترى هيفي أن:” صوت المرأة ما زال خافتاً، ويبرز الآن بعد تحرير منبج ويحتل مكانته يوما بعد يوم، فضعف إقبال النساء على الغناء عائد إلى نظرة المجتمع، التي ترى أنه لا يجوز للمرأة أن تقف على المسرح وتغني بصوتها“.
وحثت هيفين في ختام حديثها: “المهتمين بتطوير الغناء الكردي؛ القيام بالبروفات وتأسيس الكوادر الغنائية وتشجيعهم على الإقبال إلى مراكز الثقافة والفن ليس بمنبج وحدها، بل في المدن لإحياء الغناء الكردي“.
تكريم الفنان في حياته لا بعد موته
أما الفنان خليل المعراوي، فوصف الغناء في منبج بأن له طابعاً خاصاً مميزاً بتراثه ومائه العذب. ويرى أنه يحتاج للمثابرة، والتعمق في أصوله،” الغناء في منبج يحتضر بسبب غياب الأساس في فن الغناء والحرفة والموهبة“.
ودعا المعراوي الشباب للتمسك باللون الحلبي واللون الفراتي وتطوير الفن الغنائي، بأن يأخذ كل فنان دوره وحقه.
واختتم خليل المعراوي حديثه:” التكريم هو قيمة رمزية بعد سنوات من العطاء في مجال الغناء خاصة إن كان التكريم للفنان وهو على قيد الحياة“.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة الثقافة والفن ومركز الثقافة والفن في منبج نظما فعالية لتكريم نخبة من الفنانين الغنائيين. وتضمنت الفعالية إلقاء كلمات ووصلات غنائية وتقديم دروع تكريم للفانيين. وتأتي هذه الفعالية في إطار دعم الحركة الثقافية خاصة الفنية منها، في دعم الغناء في المنطقة.