No Result
View All Result
المشاهدات 0
عبد الحميد القائد_
الكتاب،
وما أدراك ما الكتاب
صديق الروح والقلب
يقيم فيك وتقيم فيه
انه الحبُّ السرمدي!
تُمسكُ به بين يديك بحنانٍ وألفة وحميمية، تحرّك أوراقه وكأنك تعزف على أوتار آلة موسيقية، يهمس لك الكتاب قبل أن تتصفحه ويقول لك: أنا السمير والأنيس والعهد والوعد، أنا نهر النور… أنا الحلم. 
يحتفظ الكتاب الورقي بقدسية عميقة منذ آلاف السنين وما زال وسيستمر حتى حين. عرف الأعداء قيمة المكتبات والكتب فرموا بها في المحارق والبحار، فها هو هولاكو التتاري المتوحش يحرق ويدمر مكتبة بغداد ويرمي عشرات الألوف من الكتب في نهر دجلة حتى تحول ماء النهر الى اللون الأسود، متلونًا بلون الحبر، لأنه كان يعلم أن قوة الأمم في علمها وثقافتها، وأن قتل الثقافة هي القتل الحقيقي للشعوب. ماذا كان هولاكو سيفعل لو عاد اليوم والكثير من الكتب تحوّلت الى كتب الكترونية. ماذا كان سيدمر ويحرق هل أجهزة الكمبيوتر واللابتوبات، والبيانات مخزنة في الشبكة العنكبوتية الهائلة. أو كان سيجلس واضعًا يديه على رأسه، باكيًا لأنه أصبح خارج العصر وما عادت أسلحته تنفع أمام قوة الثقافة… القوة الخالقة والمدمرة.
مؤخراً انتشرت الكتب الإلكترونية وكسرت حقوق الملكية الفكرية في الكثير من المواقع التي يمكنك من خلالها تنزيلها وتحميلها وقراءتها دون أن تتكبد الأثمان الباهضة للكتب، والتي ترتفع يومًا بعد يوم.
يقول صديق: إن الفرق بين قراءة الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي هو الفرق نفسه بين أن تعشق حبيبة افتراضية عبر الإنترنت، وبين حبيبة تشم عطرها، تشعر بدمها ورعشتها!! ربما يكون لهذه المقارنة منطقها نسبًيا. فالكتاب أيضا زينة وجمال وذكرى، كتب كثيرة قدمت هدايا للأحباب والأعزاء وظلت في مكتباتهم يتذكرون من أهداها ومناسبة الإهداء، والمكتبة في البيت نوع من الرقي والحضارة يفتخر بها أصحابها كلما اتسعت وكلما احتوت على عدد أكبر من الكتب التي يتوارثها الأجيال. على الرغم من أن هناك من يحتفظ بمكتبة لتكون مجرد ديكور كأي قطعة من الأثاث الثمين والفاخر. إنها برجوازية التملك، وليس التثقف أو التثقيف! كثيرون بدؤوا يقبلون على الكتب الإلكترونية، يقرؤونها (اون لاين)، ثم ينتقلون الى صفحات أخرى في الإنترنت دون أن يخلقوا ألفة حميمية وساخنة ما عدا سخونة شاشة الكمبيوتر، ثم يختفي الكتاب في الشبكة العنكبوتية وكأنه لم يكن، لا وجود مادي أو حسي له.
أنا شخصيًا أقيم علاقة حب مع الكتاب الورقي، أحتفي به، أدلله، أحترمه وأستمتع به وألامسه مثل قطة جميلة وأشم رائحته، أفتقده ويفتقدني وكأننا حبيبان حقيقيان. تشعرني الكتب في مكتبتي بأنها أصدقائي وصديقاتي، لي ذكريات وحكايات مع كل كتاب، أعرف متى قرأته وفي أية مرحلة عمرية لأنني أحرص على كتابة اسمي على كل كتاب اقتنيه، وأكتب في الصفحة الأخيرة تاريخ انتهائي من قراءته. مكتبتي … كتبي حبيباتي لن أساوم عليها بالكتب الإلكترونية لأنها جامدة وباردة وبلا إحساس، والكتاب في النهاية يظل تاريخ وجودي، ويشكل جزءا من تاريخ جدران بيتي!!
No Result
View All Result