No Result
View All Result
المشاهدات 0
د. علي أبو الخير_
حرية القائد عبد الله أوجلان
كل أحرار العالم يطالبون بالحرية للقائد والزعيم عبد الله أوجلان، خاصةً مع اقتراب العام الخامس والعشرين من اعتقاله عام 1999، ورغم ذلك يصر النظام التركي على عدم الانصياع للضمير البشري والوجدان الأخلاقي، ومن ثم نرى أن أسباب رفض أردوغان الإفراج عن أوجلان، لا يمكن تسميتها إلا لأنه يخاف من كلمات وفكر أوجلان، فالخطر يكمن في القائد وفي مؤلفاته وفي رؤية الشعب الكردي له، ورؤيته للأمة الديمقراطية لحل مشاكل دول الشرق الأوسط، وهو ما يخيف أردوغان ومن قبله أسلافه من رؤساء تركيا، وهذا يقودنا للحديث عن التآمر التركي ضد الشعوب العربية والكردية على السواء.
التآمر التركي على العرب والكُرد
ليس الرئيس التركي الحالي أول الرؤساء الأتراك الذين تآمروا على العالم العربي؛ ولن يكون آخرهم، ولكن أردوغان تآمر ويتآمر اليوم بالمنطق الديني، ويكذب باسم الإسلام ويعدل الدستور ليستمر في حكمه حتى الممات، ولكن هذا لا يشغلنا، فهو شأن داخلي تركي، وما يهمنا هو تدخّل القادة الأتراك في الشؤون الداخلية للعرب والكرد.
لقد ظلت الدولة التركية تتدخل في الشأن العربي منذ دولة كمال أتاتورك، وقد اعترفت تركيا بالكيان الصهيوني منذ قيام الدولة العبرية عام 1948، وحتى اليوم، ورغم أن تركيا دولة علمانية، كان من المفترض أن تعامل الشعوب في داخل تركيا لنفس الحقوق والواجبات، ولكنها تتسوّل عضوية الاتحاد الأوربي ولا يستجيب لها الغرب الأوروبي، فتنتقم لنفسها من العرب والكرد، تماماً مثلما أقام الأوروبيون المذابح لليهود، فينتقم الكيان الإسرائيلي من الفلسطينيين بقلتهم بصورةٍ مستمرة أخطرها المذابح ضد الأبرياء في غزة والضفة الغربية.
لقد ظلت الدولة التركية تتعامل مع الدول العربية بالمنطق العثماني الاحتلالي، فلم تتورع تركيا عن تأسيس حلف بغداد عام 1955 مع إيران الشاه وباكستان وبريطانيا، لإجهاض تجربة الرئيس جمال عبد الناصر التحررية، ولكن عبد الناصر انتصر على الحلف عندما أيّد انقلاب عبد الكريم قاسم ضد الملكية الهاشمية عام 1958، وهو ميراث معاصر جعل تركيا دوماً في خصام مع مصر، وعودة أردوغان للاقتراب من مصر، هي رغبته في إبعاد مصر عن قبرص واليونان بعد أن عُقدت اتفاقيات للغاز بينهما، وهو ما تدركه القيادة المصرية، ولا تقع في خطأ التعاون الدائم مع الأتراك، أو الثقة الزائدة في أي مستقبل.
الدور الأردوغاني السلبي في الشأن العربي
بدأ الدور التركي في الشأن العربي يتنامى بعد ثورتي تونس ومصر عام 2011، فكان دورها خافتاً غير ظاهر العيان، ولكنه سرعان ما بدأ في الظهور بشدة في ثورتي ليبيا وسوريا، وكأن ما يحدث شأن تركي خالص، فموّلت الإرهابيين وساعدت الدواعش ، وفي نفس الوقت لم نسمع لها صوتاً في ثورتي اليمن والبحرين في العام نفسه 2011، والغريب هنا هو قمع تركيا لثورة الكرد، الذين يمثلون ثلث الشعب التركي، ومع ذلك يبخل عليهم الإعلام التركي باسم “الكرد” فهم يسموهم أتراك الجبل.
وعندما سُئِلت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون عن القمع التركي للكرد قالت “لدى الأتراك حق، لأن الكرد يمثلون خطراً على الأمن التركي”، وهي إجابة معروفة، ولو كانت تركيا خارج بيت الطاعة الأمريكي لفتحت لها ملفات مجازر الأرمن في العصر العثماني.
تركيا والغرب
إن تركيا اليوم تقوم بدور القائد للمنطقة، ولكن ذلك ليس بعيداً عن الدور الغربي، فما زالت تركيا عضواً بحلف شمال الأطلسي، ومازالت تسعى من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي، وعلاقاتها بإسرائيل جيدة، ولم تستطع أن تفعل شيئاً ضدها رغم كل المجازر التي تحدث في قطاع غزة، وهو أمر شائن.
إن تركيا تُمثّل اليمين الإسلامي، اليمين الذي يرى الطاعة للخليفة القائد، والأتراك ظلوا يقودون الأمة الإسلامية منذ احتكار السلاجقة للخلافة العباسية في عصر المعتصم بالله وحتى سقوط دولة الخلافة العثمانية عام 1924.
والغريب أنهم أخذوا الإسلام ورفضوا اللغة العربية، مثلهم مثل الفرس، وأثناء خلافتهم حاولوا فرض اللغة التركية أو التتريك، وصارت النزعة الطورانية هي التي تُعلي من الشأن التركي المعاصر.
واليوم يحاولون فرض النموذج التركي على المنطقة العربية، فقد قدّموا للإخوان في مصر ذلك النموذج، فقد قالوا لهم نحن أمة تركية وصل التيار الإسلامي للحكم، فأيّدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وأقام أردوغان الدنيا ضد مصر وضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ثم عاد نادماً ليتقرب للرئيس المصري، وعندما حدثت حرب غزة ضد إسرائيل يوم السابع من تشرين الأول 2023، لم يتخلَ أردوغان عن سلبيته ضد أهل فلسطين، ويساعد إسرائيل داخل إطار السرية، وهو ما كشفه داود أوغلو ولم يرد أردوغان، وهو ما جعله يصمت حتى اليوم.
عود على بدء
نعود لبداية مقالنا، لنعرف أن الرئيس أردوغان لن يفرج عن القائد عبد الله أوجلان، أولاً لأنه يحتمى بالغرب الأوروبي الأمريكي، وثانياً كما ذكرنا أنه يخاف من الفكر ومن الكلمة لأنه أهم سلاح في تاريخ البشرية.
إما لو وضع شروطاً للإفراج عن القائد أوجلان، فستكون شروطاً مُجحفة بحق الفكر وحق الحرية وحق الضمير… والله شاهد على ما نقول.
No Result
View All Result