No Result
View All Result
المشاهدات 2
دجوار أحمد آغا_
مضى 977 أسبوعاً وعيون الأمهات من الكُرد والترك، ما تزال تترقب الطريق لعلها تشاهد طيف فلذات أكبادهن الذين تم اختطافهم من قبل أجهزة الدولة العميقة في تركيا، ولا أحد يعلم مصيرهم. عشرات الآلاف من الشبان والشابات الذين تم خطفهم واعتقالهم والبعض منهم مات تحت التعذيب بينما قُتل البعض الآخر في وضح النهار وتم تسجيل الواقعة تحت مسمى “فاعل مجهول”.
كل هذه الجرائم جرت في مرحلة الدكتاتورية في تركيا واستمرت في زمن الطاغية الحالي أردوغان، تُرى من أين جاءت فكرة الأمهات الكرد للقيام بهذا الاعتصام السلمي كل يوم سبت؟ سؤال ربما يراود الكثير من القرّاء الأعزاء، لذا سوف نتحدث في هذا المقال عن أمهات السبت.
من أين أتت الفكرة؟
في النصف الآخر من الكرة الأرضية، فيما يُعرف بالعالم الجديد “أمريكا” وتحديداً في الأرجنتين، أسست أمهات الأطفال الذين أُجبروا على المشاركة في الحرب القذرة في الأرجنتين واختفوا على أثرها ما بين الأعوام 1976 و1983 فيما تعرف مايو دي بلازا، أي ” أمهات ساحة مايو” اللواتي فقدن أبنائهن في زمن ” الدكتاتور” الأرجنتيني خورخيه فيديلا. وهن يقمن كل أسبوع بتغطية شعرهن بأوشحة بيضاء في الخروج بمسيرات اعتصام أمام القصر الرئاسي في بيونس آيريس العاصمة الأرجنتينية، المنظمة تأسست في 30 نيسان 1977 عندما اجتمعت 14 امرأة في مسيرة احتجاج أمام قصر كازا روسادا الرئاسي.
أمهات السبت
استلهمت الأمهات الكرديات اللواتي اُعتُقل واختُطف أبنائهن على أيدي السلطات الدكتاتورية التركية خلال الحرب التي أعلنتها الدولة التركية على حركة حرية كردستان في بداية ثمانينيات القرن الماضي. قامت الأمهات بتأسيس حركتهن في 27 أيار عام 1995 ليقمن بالخروج بشكلٍ دوري كل يوم سبت إلى ساحة “غلطة سراي” في منطقة بشيكتاش بإسطنبول؛ للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهن المخطوفين والمُعتقلين منذ عقود من الزمن أي منذ أيام الدكتاتور “كنعان إيفرين” 1980 دون ورود أية معلومات عنهم من جانب سلطات الدولة، ويطالبون بمحاسبة المسؤولين عن هذا الأمر.
موقف الدولة
التغييب والإخفاء القسري، سياسة ممنهجة تعتمدها الدولة التركية للتستر وحماية المسؤولين العسكريين، والمدنيين، عن خطف وقتل وإخفاء عشرات الآلاف من المواطنين الكرد والترك وبقية شعوب تركيا خلال ثمانينيات القرن الماضي.
التدخّل الفظ والعنيف الذي تقوم به شرطة الدولة كل أسبوع ضد فعالية أمهات السبت السلمية، اللواتي يحملن ورود القرنفل الحمراء، لا يحملن أية أسلحة ولا يقمن بأية أعمال شغب تستوجب هذا العنف المتوحش ضدهم، إنما يعني حقيقة واحدة وهي حماية المسؤولين عن حالات الخطف والتغييب القسري.
الأمل المستمر
لم تفقد الأمهات الأمل في التوصّل إلى معرفة مصير أبنائهن رغم مرور سنوات عديدة، العيون ما تزال تُراقب الطرقات والدروب التي خطفت أولادهن من أحضانهن.
أمهات بلغن الكبر أمينة أوجاك البالغة 87 عاماً، ومن مؤسسات الحركة تواصل مسيرتها النضالية من أجل معرفة مصير ولدها المُختطف منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقد تم اعتقالها أكثر من مرة، وتعدُّ نموذجاً عما تقوم به السلطات الحالية تجاه أمهات السبت، على الرغم من أن الرئيس الحالي أردوغان كان قد التقى في عام 2011 عندما كان رئيساً للوزراء مع وفد من أمهات السبت ووعد بتلبية مطالبهن بمحاسبة القتلة ومعرفة مصير أولادهن.

وقائع الحركة
بعد مرور سنوات على تأسيس الحركة وفي عام 1999 تم منع أمهات السبت من القيام بوقفتهن الاحتجاجية، وهذا المنع استمر لمدة عشر سنوات. وفي عام 2009 قامت الأمهات مرةً أخرى بتنظيم حركتهن والنزول إلى ساحة “غلطة سراي” في إسطنبول بشكلٍ سلمي، لكن قوى الأمن التركية لم تراعي الأمهات ونشاطهن السلمي وقامت بتفريق الاحتجاج بخراطيم المياه ورش رذاذ الفلفل الحار الذي يسبب حالات من الإغماء. استمرت هذه الوقفات الاحتجاجية بشكلٍ متواصل حتى الوقت الحالي، وقد بلغت إلى الآن الأسبوع رقم 977 وسيكون السبت القادم 23/12/2023م الأسبوع رقم 978.
حق الأمهات
من حق الأمهات علينا أن نساندهن في نضالهن المشروع والعادل من أجل معرفة مصير أبنائهن وبناتهن المفقودين والمغيبين من جانب سلطات الدولة القومية القائمة على إنكار حقوق الشعوب في العيش بسلام وديمقراطية.
إن حركة أمهات السبت تُعبّر عن جوهر الإنسانية المفقود في زمننا المعاصر والأمهات تسعى من خلال حركتهن إلى إعادة الروح للإنسانية التي فقدت قيمها ومبادئها ووضعها من جديد على الطريق الصحيح في الحقوق والعدالة والمساوة والديمقراطية والسلام. هذا هو جوهر حركة الأمهات تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن فقدان أولادهن ومعرفة مصيرهن.
No Result
View All Result