رامان آزاد_
كثيراً ما يُشار إلى واقع عفرين تحت الاحتلال التركي وسيطرة مرتزقته بأنّه “محنة الزيتون”، بل الزيتون شاهد وشهيد، هو شريك أهله، عُرف يومُ اجتياحِ مدينة عفرين واحتلالها بيوم “الجراد”، ونقلت مختلفُ وسائل الإعلامِ مشاهدَ استثنائيّةٍ مروعة لأكبر عمليات السرقة والنهب خلال الأزمةِ السوريّة، طالتِ البيوت والمحلات والمؤسسات العامة، ولم تتوقف حملاتِ “الجرادِ” حتى اليوم، تجتاح الحقولَ، وتسرقُ الزيتونُ قبل أوان نضجه، وفيما تُفرضُ الإتاواتُ على الأشجارِ والمعاصر، ويُمنعُ أصحابُ الحقول من جني المحصول قبل مواقيت محددةٍ لإتاحةِ الفرصةِ لسرقةِ الموسم، تُفرضُ إتاواتٍ على الأهالي بذريعةِ حمايةِ الموسمِ.
إتاوة حماية شكل آخر للسرقة
يمكن إيجاز واقع موسم الزيتون بعبارة “بين سندان السرقة ومطرقة الإتاوة”، فالأهالي مضطرون لجني المحصول قبل أوان نضجه، ومن المتعارف عليه أنه يبدأ أواسط شهر تشرين الثاني من كلّ عام بعد أولى الهطولات المطريّة، إلا أنّ ذلك غير متاح في ظل الاحتلال وسيطرة المرتزقة، إذ تجتاح الحقول ورشات المستوطنين ليلاً وتجني الموسم بطريقة مروّعة ويكسرون أغصان الأشجار، ويتعرض موسم الزيتون للسرقة والنهب على عدة مراحل، اعتباراً من إتاوات على الحقولِ والأشجار لمجرد الملكية وضريبة الحماية، وإتاوات العبور ونقل المحصول على الطرقات، وإتاوات المعاصر، ثم إتاوة على شكل نسبة من الإنتاج.
منع مرتزقة “السلطان مراد” أهالي قريتي قره تبه وقسطل كشك من جني الزيتون من حقولهم قبل تاريخ 15/11/2023، وفرضت على كل مواطن إتاوة مقدارها 200 ليرة تركيّة بحجّة حراسة وحماية الأشجار والمحصول. لمنح فرصة لعناصرها لسرقة الموسم، وقد أقدموا فعليّاً على دخول بعض الحقول وسرقوا الزيتون وكسروا أغصان الأشجار من بعدها، ولم يستطع الأهالي منعهم. بحسب عفرين بوست.
وعُرف من أصحاب الحقول التي سرق منها الموسم: أحمد حمو، محمد حمو، أحمد جاسم، عبد المنان شيخ موس، محمد أوسو، عبد الحنان شيخ موس، مصطفى أوسو، وقد تقدّم الأهالي بشكوى للمقر العسكريّ وتم تجاهل الشكوى، وكعادتها لم تتدخل سلطات الاحتلال التركي لوقف الاعتداءات والسرقات.
وأبلغ المكتب الاقتصاديّ لمرتزقة “الحمزة” في قرية ماراته/ معراتة في 10/10/2023 لاستخراج وثيقة تسمح لهم بقطاف الزيتون من حقولهم، ودفع إتاوة ماليّة مقدارها ألف دولار أمريكيّ لكلّ قرية من القرى الواقعة بجوار قرية ماراته بذريعة حراسةِ المحاصيل، وخلال أسبوع تم تحصيل مبلغ 70 ألف ليرة تركيّة من أهالي 11 قرية في تلك المنطقة لوحدها. علماً أنّ مرتزقة “الحمزة” تسيطر على قرى أخرى في ناحيتي راجو وبلبله. المكتب الاقتصاديّ لمرتزقة “الحمزة وسليمان شاه/ العمشات” عقدا اجتماعاً، في 3/10/2023 مع أهالي قريتي كوكان فوقاني وكوكان تحتاني بناحية موباتا بحضور مخاتير تلك القرى، وطالبوهم باستصدار وثيقة إثبات ملكية الأراضي، بهدف فرض إتاوات ماليّة على أصحاب حقول الزيتون، وفرضوا إتاوة مقدارها ليرتين تركيتين على كل شجرة زيتون في كلا القريتين بذريعة حماية محصول الموسم الحالي من السرقات. وبالوقت ذاته يقوم مرتزقة ومستوطنون بسرقة وجني موسم الزيتون ورعي أغنامهم ضمن حقول الزيتون.
في ناحية جندريسه فرض مرتزقة “جيش الشرقية” إتاوة دولارين ونصف على كل شجرة يملكها أهالي القرى الواقعة تحت سيطرتها منها قرى مسكة وسيندانكه وغيرها.
وفرض مرتزقة سليمان شاه/ العمشات” إتاوات جديدة على أشجار حقول أهالي قرى ناحية شيه/ شيخ الحديد بريف عفرين المحتل، واجتمع المدعو “سيف الجاسم” شقيق متزعم مرتزقة “العمشات” المدعو “محمد الجاسم أبو عمشة”، في 6/10/2023 في ساحة قرية قرمتلق بناحية شيه بأهالي ووجهاء ومخاتير قرى مروانية وآشكا غربي وسناريه وهيكجة وأنقلة وقرى أخرى خاضعة لسيطرتهم. وبنبرة التهديد والوعيد فرض إتاوات على جميع الأشجار بصرف النظر عن وثائق التوكيل، وفرض ثلاثة دولارات على كل شجرة في المناطق الجبليّة، و20 دولار للأشجار السهليّة بغض النظر عن درجة الإثمار.
ويستولي مرتزقة “سليمان شاه/ العمشات” على أكثر من 275 ألف شجرة زيتون في قرى ناحية شيه وتعود ملكيتها للمواطنين الكرد المهجرين قسراً بذريعة الانتماء والتعامل مع الإدارة الذاتيّة، وتقع حقول الزيتون في سهول قرى: قرمتلق، جقلي فوقاني ووسطاني وتحتاني. إضافةً للاستيلاء مجدداً على آلاف الأشجار العائدة للمغتربين بعد فرض المدعو “أبو عمشة” إتاوات كبيرة تصل إلى نسبة 40% من الإنتاج تحت طائلة الاستيلاء عليها، وقد اُستولي على قسم منها، ممن رفضوا دفع هذه النسبة وألغيت الوكالات القانونية الممنوحة لوكلائهم في الناحية، وتم طلاء جذوع الأشجار باللون الأزرق، وفُرضت إتاوة مقدارها ثلاثة دولار على كلِّ شجرةِ زيتون للموجودين في القرية. بحسب منظمة حقوق الإنسان ــ عفرين.
في استباق لموسم الزيتون عقد قياديون من مرتزقة الحمزات في أوساط أيلول الماضي اجتماعاً في مقرهم الكائن بين قريتي معرسكة وكفرجنة، لفرضِ الإتاوات على أصحاب المعاصر في قريتي كفرجنة ومعرسكة بناحية شرا ومنع تشغيل المعاصر لحين منحهم تصريح عمل. كما أصدروا قراراً بخصوص جني محصول الزيتون، وفرضوا على أصحاب الحقول تقديم أوراق ملكيّة خاصة، وبحال عدم توفر الأوراق المطلوبة تتحول ملكية الأرض إلى الفصيل، وستشكل دوريات مسلحة للخروج في الأراضي والحقول لضبط الأمور، والمقصود ضمناً “سرقة الموسم” بذريعة عدم توفر الوثائق المطلوبة.
حقول تعرّضت للسرقة
في 21/10/2023 ذكرت شبكة “عفرين بوست” أنّ حقول عدد من مواطنين عفرين الأصلاء تعرّضت لسرقة محصول الزيتون منها في محيط قرية كوكبة بناحية جندريسه. وسرق اللصوص المرتزقة من حقول المواطنين “محمد شيخون وأحمد شيخون” من أهالي قرية كوندي مازن بناحية شيراوا، وحقل المواطن “عبد الكريم عبد الله” من أهالي قرية جديدة بناحية جندريسه.
وفي 18/10/2023 تم رصد سرقة الزيتون من الحقول الواقعة على أطراف مدينة عفرين من جهة حي الزيدية وباتجاه قرية تل طويل. وتم نصب نحو خمسة حواجز جديدة على طريق عفرين – بلبله، بهدف فرض الإتاوات على السيارات ذات الحمولة وبخاصةٍ التي تحمل محصول الزيتون من الحقول باتجاه مدينة عفرين أو المعاصر ويقوم مستوطنون بسرقة الزيتون من الحقول الواقعة على طريق جندريسه – ماراته، ويبيعونه في سوق الهال بمدينة عفرين المحتلة.
وفي شكلٍ آخر للسرقة يُجبر مرتزقة “سليمان شاه/العمشات” أهالي ناحية موباتا على بيع الزيتون الأخضر (الخلخالي) إلى مستوطن ينحدر من حماة محسوب عليهم يقيم في بلدة موباتا حصراً، تحت طائلة مصادرة الزيتون.
تحديد المعاصر
في 1/10/2023 قام المكتب الاقتصادي التابع لمرتزقة “أحرار الشرقية” بناحية راجو، بجولة على القرى التي تسيطر عليها، وأبلغ الأهالي بمنع نقل محصول الزيتون خارج قطاعها. وألزموا الأهالي بعصر ثمار الزيتون في المعاصر المستولى عليها وما في حكمها، تحت طائلة سجن المخالفين، وهي خمس معاصر، الأولى تقع على طريق قرية ماملا لصاحبها سعيد أوميه، والثانية للمواطن عبدو كوريه تقع مقابل قوس بلدة راجو، الثالثة للمواطن عمر في قرية كورا، الرابعة للمواطن أمين على مفرق قرية قنطرة، أما المعصرة الخامسة للمواطن أبو رشيد من قرية عتمانا.
في ناحية بلبله، أصدر المسؤول الاقتصاديّ في مرتزقة “السلطان مراد” المدعو “وليد أبو العز” قراراً يمنع بموجبه جني ثمار الزيتون في القطاع المسيطر عليه بناحية بلبله قبل الأول من تشرين الثاني القادم. ريثما ينتهي من تجهيز معصرة خاصة به في قرية قسطل مقداد، ليجبرهم على عصر ثمار الزيتون في معصرته. كما يمنع أصحاب المعاصر الأخرى من بدء العمل وتشغيل معاصرهم قبل التاريخ المحدد، وهدد من يخالف أمره من الأهالي وأصحاب المعاصر بأنّه سيتم “جره إلى المقر وسيلقى مصيراً لا يُحمد عقباه”. وذلك لإتاحة المجال لأعمال اللصوصية ونهب الموسم من خلال عناصره وذويهم من المستوطنين.