سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

البيئة أو الحرب

إن ما يحصل في العالم خلال هذه الأيام، يجعلنا نُعيد التفكير إلى أين سيتجه العالم، فبالرغم من التحذيرات العديدة من الجهات المختصة، وعلماء البيئة من المشاكل البيئية التي تفاقمت وتأثيرها على البشرية، ومدى الخطورة التي يمر فيها العالم، من جرّاء التغيير المناخي والاحتباس الحراري، وتلوث الهواء، وزيادة كمية البلاستيك، بالإضافة إلى خطورة الحرائق والفيضانات.

ففي آخر الإحصائيات تبيّن أن نحو 70% من سكان العالم يتنفسون هواء مدى تلوثه أعلى من الحدود التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، بالإضافة أن أزمة التلوث البلاستيكي، أصبحت مسألة خارجة عن السيطرة، حيث تبيّن في أحدث دراسة أُجريت لصالح الصندوق العمالي للحياة البرية “إن الإنسان قد يتناول ما يعادل حجم بطاقة ائتمان من البلاستيك أسبوعياً”، اليوم في العديد من الدول مناقشة هذه القضايا يعتبر شيئاً قريباً إلى الخيال وخاصةً الدول التي تعيش حالة الحرب والصراع، فنرى أن العديد من الدول بدلاً من التحرك نحو حماية الأرض، وإيجاد حلول لأزمات المناخ، نرى أنها وبدون أي تردد  تستهدف الأطفال والنساء، وتقتل الحياة البشرية وليس فقط ذلك بل تقتل جميع الفرص لوجود حياة بشرية، وتقوض جميع الجهود التي من الممكن أن تكون سبباً في بناء حياة عادلة قائمة على مبادئ حماية البيئة.

حيث أن الآثار السلبية للحروب لا يمكن حصرها في عدة نقاط، فهي في حقيقتها إنهاء الحياة بكافة أشكالها وتدمير فعلي للبيئة، وذلك من خلال تدمير الموائل وإدخال أنواع من النباتات والحيوانات موطن جديد غير موطنها الأصلي، بالإضافة إلى انهيار البنية التحتية، وهذه الآثار السلبية إنما هي معاكسة تماماً لما يدعو إليه قادة العالم أو دول الاتحاد الأوروبي والقوى العظمى، أريد أن أقول ليس ما تدعو بل ما تدعي إليه من دعوة الأفراد والحكومات، لتكثيف جهودها في حماية الأرض في ظل ما يحصل اليوم، لا يمكن تسمية هذه المواقف إلا بادعاءات أو محاولة تزييف الحقائق، فهي بصورتها الفعلية تدعم الصراعات الموجودة وتزودهم بالأسلحة اللازمة، للقيام بمهمتهم في القضاء على الحياة.

فاليوم في شمال وشرق سوريا، تسعى تركيا بكافة إمكاناتها للقضاء على كافة أشكال الحياة على هذه البقعة الجغرافية، متذرعةً بحجج واهية وبعيدة عن الحقيقة، فبعد جهود عشرة أعوام في مجال إعادة التوازن البيئي، وخلق توعية بيئية في المنطقة، نرى اليوم أن تركيا لا تتوانى للحظة عن استهداف ما تراه من الاحتياجات الأساسية لشعوب المنطقة، في خطوات تبدو أنها دُرِست بعمق لكيفية إفراغ هذه المناطق من الشعوب الأصلية، لا يسعنا القول إلا أنه باستمرار الإنسان على هذه الذهنية، سيكون السبب الأساسي لإنهاء وجود البشرية على سطح الأرض، وعلى المدعين بحماية البيئة إذا كانوا فعلاً حُماة البيئة، إبداء المواقف الواضحة لإنهاء الحروب في كافة بقاع الأرض، والاختيار بينهم البيئة أو الحرب فلا يمكن الجمع بينهم أبداً.