محمود علي: “لغة المصالح أصبحت السِّمة الأبرز للصراع في سوريا”

 حاوره/ غاندي إسكندر –

 أجرت صحيفتنا حواراً مع عضو المكتب السياسي في حزب السلام الديمقراطي محمود علي تركز حول رؤية الحزب للواقع السوري والصراع الإقليمي والدولي على الأرض السورية والتدخل التركي فيها وتهديداتها المتواصلة للشمال السوري واتفاق إدلب الذي لم يُنفذ منه أي شيء وبعض المواضيع الأخرى حول ما يجري في المنطقة والأحداث التي نعيشها بشكلٍ يومي. حيث قال: “إنَّ ما حصل خلال السنوات السبع من عمر الأزمة في سوريا يشبه المسرحية التراجيدية الكثيرة الأحداث غير معروفة الخاتمة”، وأشار إلى أن من خطف ثمار الثورة هم من تاجروا بها من زعامات الائتلاف وأمراء الحرب وأبطال فنادق إسطنبول، وأن العديد من الدول تتعامل مع الصراع في سوريا بلغة المصالح التي أصبحت السمة البارزة في هذا الصراع.

وأكد محمود علي بأن دولة الاحتلال التركي سعت وبالوسائل الممكنة كافة في السيطرة على الحكم بسوريا من خلال دعمها للإخوان المسلمين عبر ترويجها لحماية المكون السني فيها، وأشار إلى أن الهدف من التهديدات التركية المستمرة على شمال سوريا هو ضرب المشروع الديمقراطي في شمال سوريا وتعميق الأزمة وإطالتها، وأن العلاقة القوية بين داعش وتركيا لم تعد بخافية على أحد والهجمات التركية على المناطق الآمنة في شمال سوريا تُعتبر خرقاً واعتداءً على قوات التحالف الدولي.

وإليكم نص الحوار الذي جاء على الشكل التالي:

ـ بات المشهد السوري عنواناً رئيسياً لوسائل الإعلام كافة منذ بداية الأزمة وحتى هذه اللحظة، حبذا لو تضعوا قُراءنا حول نظرة حزبكم ورؤيتكم للواقع السوري؟

نعم نقولها وبكل أسف إن أهم خبر على وسائل الإعلام العالمية هو الخبر السوري، فلا يخلو يوم دون إراقة الدماء ودون دمار وتهجير فضلا عن البازارات السياسية بين متقاسمي الكعكة السورية على حساب إرادة الشعوب التي خرجت للمطالبة بالحياة الديمقراطية ونوع من الحرية والعيش الكريم. أقولها بمضض إن ما حصل خلال السنوات السبع المنصرمة من تاريخ الأزمة على الجغرافية السورية أشبه بمسرحية تراجيدية، كثيرة الأحداث غير معروفة الخاتمة. لذلك؛ إن لم تعي الشعوب السورية مصلحتها ولم تستيعد زمام المبادرة وتخطف ثورتها المغتصبة من أيدي المتاجرين بها، من زعامات الائتلاف وأمراء الحرب أبطال الفنادق في إسطنبول والرياض، فإن الوطن لن تقوم له قائمة. وفيما يتعلق بنظرة حزبنا ورؤيتنا للحل في سورية فنحن جزء من مجلس سوريا الديمقراطية وقد تبنينا طريقاً واحداً للحل في سوريا ألا وهو طريق الحوار السوري ـ السوري، بعيداً عن أجندات الدول الإقليمية والدولية التي تؤثر على المعارضة السورية والفصائل التي لبست ثوب الارتزاق لهذا وذاك، ونحن نرى بأن الجلوس حول طاولة مستديرة وإيجاد قواسم مشتركة للحل بين جميع السوريين هو الطريق الوحيد للوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية.

ـ هناك أطراف كثيرة إقليمية ودولية متداخلة في الأزمة السورية؛ ما أثّرَ على إطالة عمر الأزمة في سوريا، هل سوريا لها تلك الأهمية في مستقبل التوازن الدولي؟

بحكم الخارطة الجغرافية والموقع الهام لسوريا والخارطة الجيوسياسية أصبح لسوريا دور فعال في المنطقة وكان لها سابقاً وإلى الآن أدوار بارزة ومؤثرة، من خلال الأزمات التي حدثت في بعض دول الجوار كلبنان وتركيا ونتيجة لموقعها الهام؛ فإنها تُعتبر من الدول المحورية في المنطقة، التي لا يمكن تجاهلها وتجاهل دورها من أي طرف كان. ومن الواضح أن تغيير البنية السياسية السورية سيؤثر بشكل كبير على المنطقة وعلى الأصعدة كافة؛ السياسية والأمنية. لذلك؛ فإن العديد من الدول تتعامل مع الأزمة السورية بلغة المصالح التي أصبحت السمة الأبرز للصراع في سوريا؛ ما ساعد على إطالة الأزمة السورية وبقيت دون حل حتى الآن. وفي حال توفرت ضمانات الحفاظ على مصالح المؤثرين في المشهد السوري والمتمثلة بتركيا وروسيا وإيران وأمريكا وبعض الدول الأخرى؛ فإن القضية السورية ستُحل حتماً.

ـ تتدخل تركيا بشتى الوسائل في الأزمة السورية، حتى وصل بها الأمر إلى احتلال مناطق عدة في الشمال السوري كعفرين وجرابلس والباب وغيرها وتروّج لنفسها بأنها الحصن الحصين للمحور السني السوري؛ إلام يهدف الأتراك من هذا التدخل؟

إن القاصي والداني بات يعرف أن تركيا قبل آذار من عام 2011 كانت من أقوى حلفاء سوريا. ولكن؛ عند اندلاع الثورة السورية سعت تركيا إلى احتضان المنشقين من الجيش السوري تحت مسمى الجيش الحر، ومع ذلك سلمت البعض منهم إلى النظام السوري، كما احتضنت المعارضين السوريين الإسلاميين أصحاب الافكار الأصولية (الإخوان المسلمين) لتصبح فيما بعد هذه المعارضة المرجعية السياسية للجيش الحر. وبعدها صهرت تركيا فصائل الجيش الحر ضمن فصائل إسلامية متطرفة مرتزقة لتستخدمها في تنفيذ أجنداتها بالداخل السوري في محاولة منها للسيطرة على الحكم في سوريا بأيدي الإخوان المسلمين عبر ترويج استراتيجية تركيا في حماية المسلمين السنة، من أجل إفشال أي مشروع ديمقراطي في سوريا وهذا كان هدفها الأساسي من كل ما عملت، وبخاصة أن ملامح هذا المشروع بدأت بالظهور في مناطق شمال سوريا بقيادة الشعب الكردي وحلفائه من المكونات الأخرى. لذلك؛ وجهت تركيا مرتزقتها من الفصائل الراديكالية وبدعم مباشر من جيشها، وبضوء أخضر روسي وصمت من المجتمع الدولي إلى احتلال مناطق شاسعة من الشمال السوري؛ كان آخرها مدينة عفرين، والهدف هو إجهاض المشروع الديمقراطي في شمال سوريا وتعميق الأزمة السورية وإطالتها والحفاظ على مرتزقتها عبر اتفاقات آستانا والمقايضات التي حدثت.

ـ تزامنت هجمات داعش الأخيرة في محور هجين بقصف تركي على قرى كوباني وكري سبي، بحسب قراءتكم للأحداث هل جاءت الهجمات التركية والداعشية مصادفة أم أن هناك اتفاق مُسبق بين الطرفين؟

باعتقادي بات واضحاً العلاقة القوية بين داعش وتركيا ولم تعد تلك العلاقة بخافية على أحد. لذلك؛ ليست من مصلحة تركيا انتهاء داعش في المنطقة، ولأجل ذلك قامت بشن هذه الهجمات لإلهاء قوات سوريا الديمقراطية بما يجرى على حدودها، ورفع مستوى تصريحاتها للتشويش على المعارك القوية التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية، للقضاء على التواجد الداعشي على الأرض السورية. بذلك تكون القوى الدولية أمام واجب تاريخي للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية وهذا ليس من مصلحة تركيا، لذلك ستحاول تركيا جاهدة شن عمليات على المناطق الآمنة في شرق الفرات لخلط الأوراق وإحراج التحالف الدولي والضغط على قوات سوريا الديمقراطية لترك تلك الجبهة. وبالتأكيد الهجمات التركية هي بمثابة هجمات على التحالف الدولي وعلى واشنطن تحديداً؛ لأن أي هجوم على المناطق الآمنة في شمال سوريا يعتبر خرقاً واعتداءً على القوات التي تقود التحالف الدولي.

ـ في الأشهر المنصرمة وقَّعت تركيا وروسيا في مدينة سوتشي الروسية اتفاقا خاصا بمدينة إدلب ومحيطها يقضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح بين النظام والفصائل الموالية لتركيا، هل تعتقدون أن هذه الاتفاقية ستنهي حالة الحرب بين النظام وتلك الفصائل؟  

أصلاً الغاية من هذا الاتفاق عدم حدوث حرب بين النظام والفصائل المرتزقة العسكرية التي تسيطر على إدلب، وبخاصة جبهة النصرة المصنفة على لائحة الإرهاب الدولية، وكان قرار قمة طهران قبل أكثر من شهرين بين الدول الثلاث تركيا وروسيا وإيران هو الهجوم على إدلب، وحصلت خلافات من قِبل تركيا الراعية لهؤلاء والداعمة لهم، وهي التي رفضت أي هجوم على إدلب. لكن؛ بعد القمة بأيام عقد بوتين مع أردوغان قمة سوتشي وعلى إثرها رسمت معالم منطقة منزوعة السلاح. لكن؛ الأحداث اليومية تظهر أن الاتفاق لن يُكتب له النجاح فبشكل يومي هناك خرق للاتفاقية وعلى ما يبدو في الظاهر أن تركيا لم تستطع إقناع حلفائها من تلك الفصائل الراديكالية بضرورة تطبيق الاتفاق. لذلك؛ من الصعب في ظل وجود هذا الكم الهائل من الفصائل إنهاء أو إيقاف الحرب بين الطرفين.

ـ فشل الموفد الخاص لسوريا ستيفان دي مستورا خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق في الحصول على موافقة الحكومة السورية على اللجنة الدستورية التي أُوكِلت إليه مهمة تشكيلها، برأيكم كيف يمكن صياغة دستور يجنب المجتمع السوري مستقبلاً من الوقوع في صراعات شبيهة بالتي نعيش تفاصيلها منذ أكثر من سبع سنوات؟

لم ينجح دي مستورا ولا من سبقوه في المهمة نفسها بإيجاد توافق دولي حول شكل الحل في سوريا، والمحاولات الأخيرة لتشكيل لجنة دستورية هي لإفشال أي قرارات دولية معنية بالأزمة السورية، وبرأينا يجب أن تتشكل إرادة دولية حقيقية حول الحل في سورية وأن يشترك جميع السوريين ومن مختلف المكونات والطوائف والقوى الديمقراطية التي تضحي في سبيل وحدة سوريا حول وضع دستور توافقي حقيقي يلبي طموحات السوريين، في الانتقال إلى حياة ديمقراطية حقيقية أساسها العدل والمساواة.

ـ في نهاية هذا الحوار؛ هل من كلمة أخيرة تختمون بها؟  

أشكركم على إتاحة الفرصة لنا خلال صحيفتكم الموقرة ومن خلالها أناشد شعبنا بجميع مكوناته التكاتف ووحدة الصف والرفع من مستوى النضال، وعلى الأصعدة كافة؛ لمواجهة جميع المخاطر المُحدقة بنا وبخاصة الهجوم التركي على شمالنا الآمن.