مبارك لك موطنك

بيريفان خليل –

في العاشر من شهر آذار عام 2017 تجمعت النساء في أرض كامن في الدرباسية في مقاطعة قامشلو بإقليم الجزيرة واخترنَ ذلك المكان لبناء موطن للمرأة، موطن تبرز فيها هوية المرأة وذاتها، موطن يُعيد بنا نحو التاريخ الحقيقي عندما كانت المرأة مُقدسة تدير كل شيء بنفسها، موطن يُعبّر عن إرادتها الحرة، موطن تستعيد فيها المرأة وجودها وحقوقها. تلك النساء خططن لبناء قرية خاصة بهن تحت اسم “جن وار” أي موطن المرأة وهذا الاسم تم اختياره على أساس أن يحمل اسماً ومضموناً موطن المرأة. فصممت إحدى المهندسات الهيكل التنظيمي لتلك القرية، واللجنة المكلفة خططت لبناء ما يلزم في تلك القرية، فبسواعد النساء وفكرهن الحر بُنيت القرية، طوب فوق طوب وخشبة على أخرى لتبنى البيوت في القرية من الطين والقش لتكون ملائمة مع الجو المناخي في الفصول الأربعة، وزرعت في الأراضي ما يلزم النساء من خضروات وأشجار تنفعهن في الحياة اليومية من مستلزمات، إلى جانب ذلك كان لابد من بناء مدرسة فيها وأكاديمية خاصة لتدريبهن، هذا عدا بناء مركز صحي خاص بالطب الشعبي هناك، لتكون تلك القرية خير نموذج اُختير لتعيش فيها المرأة حياة حرة كريمة.

وبهذه الخطة ضمنت المرأة الوصول إلى فكر جديد ونمط من الحياة لتعيشها في جن وار؛ هذه القرية التي تكللت بجهود المرأة بدءً من تصميم هندستها ولغاية بنائها بسواعدها، في أن تتعاون النساء معاً لتضعن حجر الأساس فيها وتشاركن في بناء المنازل واخضرار أراضيها بالمزروعات والأشجار، أنها قرية تضمن ولادة الحياة الحرة الندية لكل من سيسكنها.

واليوم بتاريخ 25 تشرين الثاني 2018 ستفتح قرية جن وار أبوابها بعد تعب وجهد نسوي بالانتهاء منها لتكون جاهزة تتوفر فيها كل ما هو مفيد للمرأة لتعيش في القرية دون الحاجة إلى الغير أي أن تعيش نفسها بنفسها بتأمين كافة مستلزماتها بما هو موجود في القرية.

اليوم يعتبر تاريخ جديد لا بد أن يُنقش في ذاكرة المجتمع ككل وذاكرة المرأة بشكل خاص، كما ويعتبر حدث تاريخي تجتمع النساء فيه لتبادل الفرحة والسعادة ببناء مثل هذا الموطن لهن، علماً أن يوم افتتاح هذه القرية يصادف اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة هذا اليوم الذي تقف فيها المرأة ضد كل من يُلامس حقها وتبرز مقاومتها في التصدي لكل من يقترب من حقوقها، فبافتتاح هذه القرية تُعبّر نساء شمال وشرق سوريا عن مدى إرادتهن الحرة وإصرارهن على استرداد حقوقهن بما فيها حق الحياة الحرة.

نعم إنها المرأة ذات الفكر والإرادة الحرة، وصاحبت الموقف والقرار، وحامية حقوقها وحقوق المجتمع، تحقق اليوم حلمها فالبعض من النساء تشارك بافتتاح هذه القرية والغير حاضرات في الافتتاح سنقول لهن بشرى لكن أيتها النسوة فها قد تحقق حلمكن ووصلتن إلى مبتغاكن، فالغد سيكون مشرقاً لكن ضمن هذا الموطن المُعبِر عن هويتكن، أنها جن وار اسم أورخ في تاريخ الإنسانية.