الحركة الثقافية الأدبية النسوية في الرقة إلى تطور ونجاح

روناهي/ الرقة –

رغم الصعوبات والتحديات إلا إن الإبداع الأدبي عند المرأة في الرقة لم يتوقف، بل مستمر، بإقامتها بالمنتديات ومشاركتها بالمهرجانات، لأجل إيصال فكرة الانفتاح الثقافي لدى المرأة السورية، وخصوصاً الفراتية، وتصميمها على إثبات ذاتها ثقافياً ومجتمعياً.

تحظى الأديبات في الرقة بمكانة هامة في المجتمع، حيث يتمتعن بقدر كبير من الاحترام والتقدير، وذلك بسبب الدور الرائد الذي يلعبنه في الحفاظ على الحالة الأدبية في المدينة وتعزيز الثقافة والتعبير الفني والأدبي من شعر ونثر، وتتميز أعمالهن الأدبية بالغنى والتعمق والقرب من الواقع الفراتي، الذي تعيشه الشعوب في المنطقة، وتعبر عن حالة المجتمع السوري ومعاناته في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها المجتمع الرقي.

الاستمرار بالإبداع الأدبي رغم الصعوبات

ولا ننسى هناك فكر داعش، والجرائم التي كبلت الفكر والإبداع لدى المرأة والرجل على حد سواء، ولكن هناك نخبة من النساء الأديبات اللواتي استطعن تحدي الواقع والاستمرار بالإبداع الأدبي والفني، بتشجيع من المركز الثقافي في الرقة، عبر توجيهات هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، فمن النساء الشاعرة والأديبة مريم الرمو التي أبدعت في مجال الشعر النبطي والشعبي الفصيح ومن خلال ما أشارت عبر صحيفتنا “روناهي”: “مسيرتي الشعرية انطلقت بداياتها منذ إن كنت طالبة في المدرسة الابتدائية، لكن واجهتني الكثير من العراقيل، منها انتمائي من أسرة شرقية تحكمها عادات وتقاليد والمجموعات المرتزقة كداعش والنصرة، ومعاداة تلك المجموعات للأدب، والشعر، والتحرر، والديمقراطية، ورغم التحديات أتيت إلى الرقة علماً بأني من أهالي سري كانيه وكتبت الشعر النبطي والشعبي، والأبوذية”.

وتابعت مريم حديثها عن أعمالها الأدبية التي قامت بها ومشاركتها في المهرجانات: “شاركت في الكثير من المنتديات والمهرجانات في المدن السورية في فترات سابقة، وعملت على إيصال فكرة الانفتاح الثقافي لدى المرأة السورية، وخصوصاً الفراتية، وتصميمها على إثبات ذاتها ثقافياً ومجتمعياً، ونظمت الكثير من القصائد منها في الغزل، والنزوح، والهجرة، والوطن وعن الشوق، والحنين، ومن أبياتي في الغزل:

“قالو لي عنك حلو

وأنت الكمر جنك

قالو لي حتى الورد ماخذ عطر منك

بس أنا راح اختلف ويا الحكو عنك

مو أنت كنك كمر، هو الكمر كنك”.

مكانة المرأة في الأدب

وتجدر الإشارة إلى أن الأديبات في الرقة لم يتوقفن عن الكتابة والإبداع، رغم الصعوبات التي مرت بهنَّ، بل عملن بجد واجتهاد على تطوير مهاراتهن، وتعزيز قدراتهن، وذلك من خلال المشاركة في مختلف الندوات والمؤتمرات الأدبية، وكتابة الأعمال الأدبية الجديدة، والتي تعدُّ إسهاماً مهماً في الحفاظ على الحالة الأدبية في مدن شمال وشرق سوريا.

ومن الأديبات الكبريات على مستوى سوريا، بل على مستوى العالم في الكتابة النثرية والإبداعية، الكاتبة، والأديبة فوزية المرعي، صاحبة أول منتدى أدبي في العصر الحديث في الرقة، والتي استطاعت النهوض بالواقع الأدبي والثقافي رغم التحديات والظروف، التي عصفت بالمنطقة، ولها الكثير من المشاركات في الندوات والمراكز الثقافية على مستوى سوريا، فلها الكثير من المقالات والقصص الأدبية والدواوين والأشعار النثرية، التي تركت بصمة في الواقع الأدبي والوعي المجتمعي في مدينة الرقة، ومن هذه الأعمال الأدبية (قصيدة إمارة الماء، وقصيدة أعلم أنك حلمي، وقصائد باللغة الإنجليزية أيضاً، ومجموعة قصصية بعنوان (هديل على مقام النوى)، وتعدُّ الشاعرة فوزية المرعي رائدة في العمل الثقافي الشعري النسوي والأدبي في الرقة، وكانت ولازالت تملك الحس الثوري التحرري الديمقراطي تملك وقالت في أبياتها الشعرية في هذا الصدد قالت:

يا رقتي يا حلوتي   أنت نشيد مهجتي

وأنت تبر الله في    أرض الفرات الحرة

يا نبرة أثق بها    بطفولتي وكهولتي.

ويمكن القول: إن دور الأديبات في الرقة لا يقتصر فقط على المحافظة على الحالة الأدبية في المدينة، بل يمتد إلى تعزيز قيم الحرية والديمقراطية والمواطنة الفاعلة في المجتمع، وذلك من خلال الإسهام في نشر الوعي الثقافي والفني بين الأفراد، وتعزيز الوعي الثقافي والفني في المجتمع بكل جوانبه الأدبية.

ومن الجدير ذكره، يتعين علينا جميعاً أن نقف بجانب الأديبات في الرقة، وندعمهن في مسيرتهن الأدبية والإبداعية ونحرص على الحفاظ على الحالة الأدبية في المحافظة وذلك من خلال تعزيز الثقافة والفن والأدب وتشجيع الإبداع والتعبير الفني ودعم الأديبات والأدباء في سوريا، وكل من يعمل في الحفاظ على الثقافة والأدب والفن في البلاد ، ومن خلال الاهتمام  بالأديبات الرائدات في الرقة، نؤكد على أهمية دور المرأة في الحفاظ على الثقافة والأدب في المجتمع السوري، والذي يمثل ركيزة أساسية للحفاظ على هوية الشعب وتعزيز الروح الوطنية والإنسانية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، ومن خلال الأسس الديمقراطية والتنسيق مع جميع المثقفين والمثقفات، نستطيع أن نرتقي بالوعي الأدبي والدخول في أعماق القيم الإنسانية، ونأمل أن يستمر هذا الدور الرائد للأديبات في الرقة، وأن يتمكنن من مواصلة مسيرتهن الأدبية، وتحقيق المزيد من الإنجازات والإبداعات في المستقبل.