قامشلو/ دعاء يوسف –
خصلات الشعر المُتساقطة أحيت موهبة الرسم في داخل طفلة عانقها مرض السرطان منذ فترة وجيزة، فقد سلّحتها لوحاتها وحب ذويها بالإرادة، وتزيّنت أناملها بالحلم والأمل، مُكملةً الطريق في رسم مستقبلها بالتزامن مع رحلة علاجها التي تجدها على مشارف الانتهاء، منتظرةً اليوم الذي سترفع فيه راية النصر على المرض.
لم تتوقف حياة دينيز عثمان ذات 13 عاماً من مدينة قامشلو، مع اكتشاف المرض بل حاربت مرضها بالعزيمة والإصرار، فكان الرسم مرافقاً للطفلة منذ عمر الثماني سنوات في رحلة العلاج، تلك اليد المُحملة بالآلام تراقصت فيها الريشة راسمةً الأحلام، والآمال، جسدتها في لوحات للفصول الأربع مبينةً أن الحياة تتغير، ولا شيء يبقى على حاله.
قبل بضع أيام افتتحت دينيز معرضها الأول الذي ضم 67 لوحةً حاكت فيها أسمى معاني الأمل المستوحاة من الطبيعة، رسمت شخصيات كرتونية عدة للفتيات، إلا أن تلك الجماجم المزخرفة بالزهور، والكعك الملون أكثر ما يلفت نظر المتلقي الذي يعرف بقصتها، فمن بشاعة الجماجم، ووحشتها جسدت دينيز جمالها الملون، وأخرجت ما في داخلها من رونق جميل.
دينيز عثمان طفلة في الصف الثامن تُعطي الأمل والتفاؤل لكل من حولها، وهي التي عانقها الألم قبل فترة من الزمن، تسلّحت بالإرادة وتزيّنت بالحلم والأمل، تستمر في حياتها، وتمارس علاجها ودراستها مع ابتسامة لها العديد من المعاني القيّمة والنبيلة.

بداية الشغف تغلّب على المرض
بدأت حياتها مع المرض، لترسم ريشتها أول خطوط الأمل مع لوحة حملت أحلام طفلة في خصلات شعر طويل تُزيّنه بضع شرائط ملونة، وقد حققت دينيز ما كانت تحلم به، فهي اليوم تقف أمام مرآتها تُزيّن شعرها الطويل الذي نمى من جديد، فكل خصلة منه كانت شاهدة على معاناتها الكبيرة.
قالت لصحيفتنا “روناهي”: “لملمت خصلات شعري المتساقطة من جرعات الكيمياوي، بلوحة فتاة تُدير ظهرها مزهوة بشعرها الطويل”، ذلك التشجيع الذي صنعته دينيز لنفسها خلال رسمة طفولية، كان الحافز لتعلقها بالرسم، فصورة كل ما كانت تحلم به بأناملها الطفولية راسمةً لوحات تبعث في قلب كل من يراها الاطمئنان والسلام.
وأضافت دينيز أنها تعشق الرسم والموسيقا، وكذلك تهوى المسرح فهي تجد نفسها في هذه الفعاليات الثقافية الجميلة، وبالرغم من كل ما مرت به دينيز لم تتخلَ عن دراستها، فقد كانت من المتفوقين في مدرستها، وعن حلمها قالت دينيز: “أريد أن أكون رسامةً مشهورة، إلا أن حلمي هو أن أصبح طبيبة تعالج الناس من أوجاعها”.
الاستسلام بداية اليأس
تعلمت الرسم عن طريق الإنترنت إلا أن حبها للرسم واجهه العديد من الصعاب: “إنني أعشقُ الرسم وأقضي معظم وقت فراغي به، وأبقى لساعات أرسم في غرفتي حتى أُنهي لوحتي، ولكن الإمكانيات قليلة، فمواد الرسم غير متوفرة والعديد من درجات الألوان غير موجودة، وهذا ما يُشكّل أكبر عائق لأي فنان”.
قصة دينيز ألهمت العديد من الأشخاص ممن يعانون مشاكل في حياتهم أو أمراض مزمنة، وقد تملّك اليأس منهم، لوحاتها البسيطة وابتسامتها المُحملة بالأحلام تملأ مشاهدها حباً وتمسكاً بالحياة، واختتمت دينيز عثمان حديثها مشجعةً كل من يعاني من أمراض ومشاكل صعبة الحل على الوقوف في وجه هذه الصعاب: “الاستسلام بداية اليأس، وأتمنى من كل شخص أن يجد حلم يسعى لتحقيقه، وأن يتمسك بالحياة من أجل كل الذين يُحِبونه”.