سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المثقف الكرديّ ودوره في الوقت الراهن

قاسم عباس ابراهيم –
المثقفون هم أهل العلم والمعرفة والأدب أو حسب التعريف والتعبير القديم هم علماء وفقهاء وأدباء في حين يقول المفكر الإيطالي غرامشي: «إنّ كل البشر مثقفون ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعيّة للمثقفين والذين يملكون الوظيفة الاجتماعيّة، هم أفراد منحوا وفق آليات مكتسبة أو فطرية قدرة على تمثيل رسالة أو وجهة نظر وتجسيدها أمام جمهور معين».
إن هذه الرسالة ما هي إلا رقي في الفكر والسلوك، لمواجهة الأفكار التقليدية والعقائدية ورفع السوية السياسية أي رسم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية بل أداة تغيير في إزالة البنى الثقافية، من فكر وثقافة لا تتناسب وروح العصر والمرحلة، والإتيان بالبدائل العصرية التي تنهض بالمجتمع وتحقق له التنمية في المجالات كافة، والدفاع عن القضايا التي تم إهمالها أو خُبئت تحت البساط، وأن تساهم في تعبئة الجماهير في مواجهة التحديات.
أين المثقف الكردي من هذه الرسالة ؟ في الوقت الذي نحن فيه في جوف العواصف المحلية والإقليمية والدولية، وأمام طقس سياسي سيء ورديء، نواجه إرهاباً وأردوغاناً وداعشاً وحشداً وخراباًّ! يهددنا في عقر دارنا؛ ومازال الحال على حاله. وآلياتهم وفعالياتهم ونشاطاتهم محدودة بل تكاد تكون معطلة، لم يترك معظم المثقفين حتى الأكاديميين منهم حقولهم وأقفاصهم وخنادقهم، منهم من يغرق في الإعجاب بذاته، وتقديم ذاته في نوع من التضخم النرجسي، ومنهم في نزهة ينتقل من غصن إلى غصن ومن شاطئ إلى شاطئ بعيداً عن هموم الوطن والمواطن ومنهم من يسخر طاقاته الفكرية من أجل تحقيق مصالحه، ومنهم من يغرق في فلسفته أو يلوذ بالصمت لا يرى ولا يسمع بما يجري، ونجد هناك كما يقولون من هم أقرب إلى الآداب السلطانية في كتاباتهم، وقسم غارق بين الدولارات أو يعيش كما ينبغي لكل خائن؛ يساهم مع العدو في لجم طموحات وآمال شعبه الكردي، وقسم يتعامل مع الوقائع بشكل مغاير مناقض، وقسم ضائع بين الدروب أو في جوف مجادلات ومناقشات وثرثرات سلبية.
بعد هذه النظرة الخاطفة على دور المثقفين يمكننا أن نصدر حكمنا بأننا نشهد انخفاضاً جوياً حسب تعبير محطات الأرصاد الجوية في مستوى أداء المثقف الكردي، أو العيش في درجة حرارة مرتفعة من الثرثرة؛ أقرب إلى ثقافة الشارع، تلك الثقافة الانفعالية والغوغائية.
ما هكذا أيها المثقف الكردي؟ ولا هكذا النهوض بالشعب ومواجهة التحديات. فماذا سنجني؟ ولعل من الإنصاف ملاحظة التطورات التي حدثت تحت خيمة الإدارة الذاتية في السنوات الأخيرة، وبإمكان الواحد منّا أن يلقي نظرة سريعة على المطبوعات اليوميّة والأسبوعيّة والشهريّة والفضائيات الكرديّة، ومساهمتها في معالجة قضايا المجتمع، في خضم تساؤلات وقضايا تعصف بالوطن والمواطن، ودرء المخاطر قبل حدوثها وتلك من خصال المثقف وإحدى مهامه.