الخيال والذاكرة الانفعالية سر إبداع الممثل

وليد عمر_

 إن سر إبداع الممثل في تجسيد الشخصية، هو الخيال، والذاكرة الانفعالية، يقول الفنان المسرحي الروسي المعروف قسطنطين ستانسلافسكي: إن الممثل المعطل خياله عليه أن يغادر خشبة المسرح فوراً، وذلك لأن الخيال يساعد الممثل على رسم صورة كاملة للشخصية، التي سيقوم بتجسيدها عن طريق (لو) السحرية، وبالنسبة لـ (لو) السحرية يقول ستانسلافسكي: إن الممثل في فترة تحضير الشخصية عليه أن يسأل نفسه بعض الأسئلة وهي قول الممثل، لو كنت مكان الشخصية، ماذا سأفعل، وماذا سأتصرف، كيف سأتحرك، وكيف سأفعل؟ وهكذا فإن لو السحرية؛ ستمكن الممثل من رسم الشخصية، وتوضح صورتها من خلال أدوات الممثل النابعة من ذاته كالصوت، الحركة، الانفعال، وكيفية توظيفها لخدمة الشخصية المراد تشخيصها على خشبة المسرح، وأيضاً فإن (لو) السحرية تمكن الممثل من تحديد، وتوظيف أدواته الخارجية، كالملابس، والمكياج، والإكسسوار، وهي مساعدة للمثل على تجسيد الشخصية، ومعايشتها، مثلاً كقول الممثل، لو كنت مكان الشخصية ماذا كنت سأرتدي، كيف سيكون شكلي؟

لكي نتعرف على دور الخيال، علينا تعريفه فالخيال، عملية عقلية يتم من خلالها تنظيم تراكمات سابقة لتكوين صور جديدة… ونقصد بالتراكمات هو ما خزنه الممثل في ذاكرته من صور… ومشاهدات، وأحداث، وعندما يكون الممثل صورة للشخصية المسرحية يقوم باستدعاء ما تم من تراكمات الصورة والمشاهدات، والأحداث.  أما الذاكرة الانفعالية،  فهي تمر حسب ستانسلافسكي في مرحلتين الأولى، أن يكون الأداء التمثيلي من الداخل إلى الخارج، والمرحلة الثانية، هي أن يكون الأداء التمثيلي من الخارج إلى الداخل، ولكي نوضح مسألة الداخل والخارج سنتحدث عن أدوات الممثل، وهي: جهاز صوتي،  جهاز حركي،  جهاز انفعالي، وهذه الأجهزة تساعده على أداء دوره، ونستطيع القول، إن الجهاز الصوتي، والحركي، هما الأجهزة الخارجية، أما الجهاز الانفعالي فهو جهاز داخلي، وله علاقة بالانفعالات الداخلية، والمقصود بالأداء التمثيلي من الداخل للخارج، معناه، أن يبدأ الممثل باستدعاء الانفعال اللازم للموقف التمثيلي، ثم يقوده الانفعال للأداء الصوتي، والحركي الملائم، وبعد فترة من الزمن صرح ستانسلافسكي،  بأنه كان مخطئاً بقوله، وأكد بأنه يجب أن يكون الأداء التمثيلي من الخارج إلى الداخل، أي يبدأ بالصوت، والحركة، اللذين سيتم من خلالهم  استدعاء الانفعال الداخلي، ولكن أغلب الممثلين اعتمدوا مبدأ من الداخل إلى الخارج، واعتمدوا على الذاكرة الانفعالية لتحقيق ذلك، أي يقومون بتذكر موقف حياتي مشابه بالموقف الدرامي، الذي يؤديه، ويقوم باستدعاء الانفعال المصاحب للموقف الحياتي، ثم يوظفه في أداء الموقف، الذي يؤديه، وكمثال على ذلك، لو أن الموقف الدرامي، الذي سيؤديه الممثل هو وفاة والده، هنا على ذلك الممثل البحث في ذاكرته الانفعالية عن موقف مماثل، فإذا كان والد الممثل قد توفى فعلاً فهنا على الممثل الابتعاد عن الشكليات، والأحداث المرافقة للوفاة، واستحضار فقط الانفعال، والتأكيد عليه، وتوظفيه في الموقف الدرامي المطلوب.