روناهي/ قامشلو ـ
“نوجيان” مشروعٌ سكني في مدينة قامشلو، أُنشئ لإيواء النساء المتضررات، والتي تقطعت بهن السبل في تأمين سكن لائق بهن، حتى لا يتعرضن لاستغلال أصحاب العقارات، وتعد “الجمعية السكنية نوجيان” أول جمعية سكنية في شمال وشرق سوريا، التي تقع ضمن مخطط مدينة قامشلو، بعد قرية “جنوار”.
غالباً ما تجد المرأة نفسها أمام خيارين أحلاهما مر، إما التعرض للعنف على يد أقاربها أو زوجها، أو ترك المنزل، ولكن إن تركت المنزل إلى أين تلجأ؟ فمنطقة الشرق الأوسط بالتحديد تسيطر عليها النزعة الذكورية من كل النواحي، حتى في بناء المدن، فلا يوجد مسكن خاص للمرأة يحفظها، إن لم تجد أحداً يمد يد العون لها، وغير هذا وذاك الحرب العنيفة، التي عاشتها بلدان الشرق الأوسط عامة وسوريا خاصة، فقد دمرت الحرب بيوتاً كثيرة، فتوجد الكثير من النساء والفتيات مشردات دون سكن أو مكان للعيش، فأصبحن باحثات عن مكان آمن يلجأن له لكن جهودهن دائما تذهب سدى، كل هذه النقاط كانت أسباباً قوية دفعت ببلدية الشعب في قامشلو إلى تنفيذ مشروعٍ سكني خاص بالنساء، حيث تم طرح فكرة المشروع من النساء اللواتي يعملن بعيدا عن مكان سكناهنّ، أو يتعرضن للعنف، ولكن ليس لهنّ خيار غير القبول بالواقع المرير، لعدم وجود بيتٍ يأويها، وعملت البلدية على بناء هذا المشروع على أرض الواقع، لتكون الجمعية السكنية “نوجيان” الملاذ الآمن لهؤلاء النساء، وغيرهن ممن يتعرضن للاستغلال من قبل أصحاب البيوت من حيث ارتفاع أسعار بيوت الآجار، وطرد الفتيات، إن كانت تستأجر لوحدها، وفي هذا الصدد حدثتنا نائبة الرئيسة المشتركة لهيئة الإدارات المحلية والبيئة في إقليم الجزيرة، “بيريفان عمر” عن هذا المشروع قائلة: “المرأة في روج آفا وشمال وشرق سوريا، كانت قائدة الثورة، وسُميت الثورة بثورة المرأة، المرأة في هذه المناطق غيرت القوانين، والعادات والتقاليد البالية، وحاربت وما تزال تحارب من أجل حرية المرأة، ولكن ما زالت هناك نسبة من النساء تعاني من العنف والاستغلال، ولا يستطعن الدفاع عن أنفسهن بسبب عدم وجود مكانٍ يلجأن إليه في حال رفضنَ العنف المطبق عليهنّ، ومن هنا وبطلبٍ من مؤسسات والهيئات الخاصة بالمرأة بدأنا بمشروع “نوجيان” مشروع سكني سيحتضن النساء، اللواتي ليس لهن مسكن”.
الحفاظ على حقوق المرأة
وعن أهمية هذا المشروع أعربت بيريفان: “النساء تعاني من أجل الحصول على حقوقها المشروعة، ولكن هناك الكثير من المعوقات، التي تعترض طريقها، ومن بين هذه المعوقات حق تقرير المصير، ورفض سيطرة الرجل، الذي يسيء معاملتها، ولكنها ترضخ له لأنها لا تملك مسكناً”.
ولكن هذا المشروع ليس لكل من أراد الهرب من عائلته دون توافر أسباب قوية ضمن “اتفاقيات حقوق المرأة” التي تعمل بها في شمال وشرق سوريا، وعن هذا الأمر شرحت بيريفان: “نحن لا نشجع النساء على الهرب من عائلتها دون وجود أسباب مقنعة وقوية، إما أن تكون العائلة فقدت الأب، والأم، وبقيت الفتيات وحدهن، ويستغل أصحاب البيوت حاجتهن، ويرفعون سعر البيت، ويطردونهنّ كما يشاؤون، أو امرأة تتعرض للضرب، وليس لها أحدٌ يساندها، أو النساء اللواتي ألحقت الحرب الضرر بهن وبقين وحدهن، ويوجد شروط للموافقة على إعطاء سكنٍ لكل امرأة تلجأ لهذا السكن، والشرط الأول هو أن يتخطى عمرها الـ18 عاماً”.
أضافت بيريفان أنه يُسمح للنساء بالسكن في شقة واحدة بدءاً من امرأتين، وتصل إلى أربع، أو أكثر حسب ما تريد المستأجرات، ولكن ليس أقل من اثنتين، والسكن ليس بالمجان، ولكن بأجرة رمزية تتناسب مع الرواتب في قامشلو، وستكون الأجرة بنسبة 25% من الآجار العام في المدينة، وشددت بيريفان أنه: “لن تكون هناك قيود على حرية، وحياة المرأة في هذا السكن، ليكون حلاً للمجتمع، وليس لتضييق الخناق على المرأة، ولكن كل هذا ضمن “قوانين وحقوق المرأة”، لتعيش المرأة بكرامة بعيداً عن الاستغلال والعنف”.
