لماذا يسممون الطالبات في إيران؟

لماذا يقومون بتسميم الطالبات في مدارس إيران؟ سؤال يطرح نفسه بقوة هذه الأيام ونحن ندخل الشهر السابع لبدء الانتفاضة الشعبية في إيران إثر مقتل الشابة الكردية جينا أميني، على يد السلطات الأمنية في البلاد بحجة عدم ارتدائها الحجاب بالشكل الصحيح.

تتوالى ردود الفعل المنددة بالواقعة الأليمة، التي تشهدها إيران منذ أيام، إلا أنه حتى الآن لم تلقَ هذه التنديدات والمناشدات الإقليمية والدولية آذاناً صاغية من قبل الجهات المعنية، والسلطات الإيرانية التي رجح الكثير من المراقبين للشأن الإيراني، بأنها هي من تقف وراء تسميم الطالبات، اللواتي كان لهن دور كبير في الانتفاضة النسوية، التي ما زالت تحافظ على زخمها رغم قمع تلك السلطات لها بشدة وفرضها إجراءات أكثر صرامة في الأيام الأخيرة، من اعتقالات تعسفية، وملاحقات أمنية، وإعدامات ميدانية.

نعم تلك السلطات، هي من تقف وراء تسميم هؤلاء الطالبات، اللواتي يطالبن بحقوقهن الطبيعية، كيف لا وهي التي حرصت وبكل دقة، عبر الأزمان على ملاحقتهن والتنكيل بهن، خاصة تلك الفئة الشابة الفتية صاحبة الدور البارز، والتي تستطيع تحقيق تغيير حقيقي وملموس على الأرض في الوقت الحالي، والأكثر فعالية في هذ المرحلة التاريخية والمصيرية، لأنها تعدُّهن الفئة الأكثر قوة في تنظيم الانتفاضة وانتشارها، ومن ثم تعزيزها وبالتالي إضعاف دور السلطات، التي لا تمارس سوى القمع والاضطهاد بحق النساء في البلاد.

الطالبات هنَّ القوة الأكثر ديناميكية في خلق حياة جديدة اليوم في إيران، وتغيير مسارات الانتفاضة وجعلها في مجراها الصحيح واسترجاع حقوق النساء المسلوبة منذ مئات السنين، لذا فإن النظام الإيراني يخشى من القوة التنظيمية، التي تمتلكها تلك الطالبات فهن بالنسبة له الكابوس، الذي يقض مضجعه والخطر المحدق بسياسته، التي لا تمت للإنسانية بأي صلة.

ومع كل تلك المؤشرات التي تثبت تورط النظام بتلك الواقعة لا يفتأ محاولاً بشتى الطرق والأساليب الرخيصة التهرب من طرح هذا الملف وكعادته المعهودة… أطراف خارجية هي من تقف وراء هذه الواقعة، دون أي علاقة له بما حصل للطالبات، متناسياً ما تعرضت وتتعرض له النساء والفتيات منذ سيطرته على مقاليد الحكم ومفاصل الحياة جميعها.

تسميم الطالبات بهذه الطريقة الرخيصة المنافية للمبادئ والمعايير الإنسانية، خاصة وأننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، لأمر مؤلم موجع، أي أن تقوم بتسميم أبناء شعبك وتتهم آخرين بتنفيذه، لهو الجبن والإجرام بعينه.

ولكن ليعلم علم اليقين أن هذه الانتهاكات والممارسات التي تمارس بحق هؤلاء الطالبات، لن تستطيع النيل من الإرادة التي تشكلت لدى المرأة في إيران بكافة أطيافها ومكوناتها الغنية، بل تزيدها قوة وعزيمة أكثر للوقوف في وجه كافة السياسات، التي تستهدف المرأة المنظمة المناضلة والمقاومة، وليعلم الجميع بأن ثورة جينا أميني، العالمية الطابع والملامح والأهداف، ثورة “المرأة، الحياة، الحرية” لن تنطفئ نارها التي تأججت بأرواح شابات فتيات ضحين في سبيل تحقيق الحرية والحياة، بل ستبقى كما هي أبدية لا تنتهي ولتصبح ثورة جميع النساء في كل زمان ومكان.