قامشلو/ دعاء يوسف –
في ظلِّ استمرار المؤامرة الدوليّة على القائد عبد الله أوجلان، وغياب دعاة الإنسانية والقانون؛ دعت الناشطة الحقوقية سوسن بوطان النساء لتكثيف الجهود من أجل قائد ناضل لنيل الشعوب المضطهدة حريتها.
“كنتُ حجر عثرة، لا يستهان به على درب حسابات الهيمنة المعمرة قرنين من الزمن بشأن الشرق الأوسط، وكردستان خاصة”، بهذه العبارة اختصر القائد عبد الله أوجلان أسباب المؤامرة الدولية، التي أدت إلى اختطافه وأسره؛ والتي لا تزال مستمرة على شعوب المنطقة متخذة منحنيات، وتجاوزات جديدة.
تعرض القائد عبد الله أوجلان لمؤامرة دولية، شاركت فيها أنظمة رأسمالية، وأعوانها من الدول القومية، التي تطبق سياسات القوى العظمى المهيمنة على العالم، لأنها وجدت في مشروع القائد عقبة أمام تحقيق أطماعها الاحتلالية التوسعية، ومفتاحاً لإخراج الشرق الأوسط من أزماته العالقة، إلا أن القائد أوجلان استطاع إفشال هذه المؤامرة من سجنه في إيمرالي عبر أطروحاته، التي باتت تشكل الشعلة، التي تقتدي بها شعوب المنطقة؛ لنيل حريتها.
فقد حيكت مؤامرة دولية من قبل القوى المهيمنة في التاسع من تشرين الأول عام 1998، اضطر القائد عبد الله أوجلان لمغادرة الشرق الأوسط من سوريا، واختطف في الـ 15 من شباط عام 1999 من قبل دولة الاحتلال التركي، وتم احتجازه في جزيرة إيمرالي، وسط البحر وفي ظروف صحية مزرية، وبالرغم من سجن جسده خلف القضبان، بقيت روحه وحبه للحرية طليقة تجوب؛ لتبعث القوة في نفوس الشعوب، التي عانت من بطش الاستعمار.
ووصل هذا الفكر إلى العديد من دول العالم، فقامت العديد من المبادرات والنشاطات النسائية، والتي شاركت فيها نساء من مصر، ولبنان، والعراق، وتونس، وفلسطين، وسوريا، تطالب بالحرية الجسدية للقائد أوجلان، ومنها مبادرة نون لحرية القائد، والتي أطلقتها مجموعة من ناشطات من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الرابع من شهر حزيران عام 2022، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في العاصمة اللبنانية بيروت.
فيلسوف العصر يحرر المرأة
وتواصلت صحيفتنا مع الناطقة باسم مبادرة نون، والناشطة الحقوقية اللبنانية “سوسن شومان“، والتي بدأت حديثها، عن كيفية تعرفها على فكر القائد، الذي عدته فكراً سابقاً لعصره: “كان لي شرف المشاركة في مؤتمر عقد في بيروت لنساء شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهكذا تمكّنت من اكتشاف زعيم فكري وسياسي، له نظرة شاملة أساسها تحقيق إنسانيّة الإنسان على وجه الأرض، وذلك عندما حالفني الحظ بالحصول على كتب للقائد أوجلان، ويحقّ اعتباره فيلسوف العصر، وقد قل نظيره في منطقة الشرق الأوسط”.
وأشارت سوسن إلى اهتمام القائد بالمرأة وحريتها اجتماعياً، وفكرياً، وسياسياً، وقانونياً، وزادت: “هذا الاهتمام الذي أولاه القائد أوجلان كان اهتماماً خاصاً بُني على أساسه مجتمع متحرر، قائم على الحرية، والديمقراطية، واحترام التعددية والتعايش السلمي، وركز القائد على المرأة؛ كونها مفتاح العدالة لمجتمع حر”.
وترى سوسن، أن النساء اللواتي سرن على طريق القائد كن نساء قويات عنيدات يسعين نحو الحرية: “لا يمكننا أن نخفي الأثر الكبير للقائد أوجلان بهذه الحركات النسوية، وتأثيره عليها، وهي التي استمدت من فكره نقطة الانطلاق نحو التحرر”.
وتابعت سوسن: “إن الفكر الفلسفي الذي بدأه القائد، أثار أعجابها، وفضولها للتعرف عليه أكثر ففي النهاية هو فكر انطلق من رجل شرقي كسر النمطية، والهيمنة الذكورية ليحمل على عاتقه لواء حرية المرأة، واستشهدت سوسن بقول كارل مارس: “إذا أردت أن تعرف مدى تقدم المجتمع انظر إلى وضع المرأة فيه”.
وإذا كانت أطروحة القائد عبد الله أوجلان تمثّل ثورة فكرية فيما يتعلق بالمرأة والمجتمع الكردي، فهي رؤية استراتيجية للمجتمع البشري في أنحاء العالم، من أجل تحقيق إنسانية الإنسان، والعدالة بحق المرأة.
وعلى الرغم من ضبابية الأوضاع، وغياب الرؤية الشاملة لثورة المرأة، فإنّ الحركة النسائية، سعت إلى تضافر الجهود ورصّ الصفوف من أجل التصدّي لمحاولات المس من الحقوق المكتسبة، والسعي إلى تطويرها في اتجاه ضمان الحقوق الدستورية، ومنها الحقوق الفعلية، فكانت قوّة اقتراح وقوّة ضغط لتحقيق أهداف الحرية والديمقراطية، والمساواة الفعلية والكرامة الإنسانيّة، المبنية على الحرية الفكرية للقائد أوجلان.