قامشلو/ دعاء يوسف –
احتفلت كنائس قامشلو بعيد الغطاس في السادس من شهر كانون الأوّل، والذي يُعدُّ بداية لرسالة المسيح إذ بدأت مع سر العماد فما هو عيد الغطاس أو الدنح؟، ولماذا سُمّيَ بهذا الاسم، وماهي الطقوس التي تقوم بها الكنائس في هذا اليوم؟
يحتفل المسيحون في كل عام بعيد الغطاس، ثاني أعياد المسيحيين الأرثوذوكس، وهو يعني عماد السيد المسيح، حيث يتم في هذا اليوم طقس المعمودية، وهو أحد أهم أسرار الكتاب المُقدس، الذي يقوم به القساوسة والكهنة لكل طفل مسيحي، كما أن لهذا اليوم أسماء عدة منها الدنح التي تعني الظهور والإشراق لتبيين المعنى الحقيقي لعيد عماد السيد المسيح في نهر الأردن من قبل يوحنا العمدان، وله طقوس عديدة تقوم بها الكنائس، للاحتفال بهذا اليوم.
ولمعرفة المزيد عن عيد الغطاس التقت صحيفتنا “روناهي” بجورجيت يعقوب والتي حدثتنا قائلةً: “إن عيد الغطاس أو عيد الدنح كلمة سريانية وتعني أيضاً عيد الظهور والإشراق والاعتلان، وكلمة “غطس” تعني النزول في الماء والخروج منه، وهذا العيد هو استباق لموت السيد المسيح وقيامته، وفي هذا اليوم تمت معمودية السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان في الأردن وبدأت رسالته الظهور إلى العلن، إذاً رسالة المسيح بدأت مع سر العماد ويعتبر هذا العيد اعتلاناً لسر الثالوث الأقدس الذي ظهر للمرة الأولى في عماد يسوع المسيح، وفي هذا العيد فاض الروح القدس على يسوع وعلى الكنيسة جمعاء”.
معنى أسماء هذا العيد
تحتفل الكنيسة بهذا العيد سنويًا تذكارًا لعماد الرب، ولظهور سر مكتوم منذ دهور، وأظهر بعماد المخلص، وهذا السر هو سر الثالوث الأقدس الذي هو قاعدة الإيمان القديم وأساس الدين المسيحي المستقيم، ذلك فإن الابن الكلمة ظهر في الأردن متجسدًا وتعمّد في الماء، والروح القدس ظهر بهيئة حمامة واستقر عليه، وصوت الأب نادى من السماء (هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت) (مت 3: 17) ولهذا يُسمى عيد الظهور الإلهي أي ظهور هذا السر العظيم فيه، كما يسمى بالغطاس لأنه الرب اقتبل فيه العماد بالتغطيس بالإجماع.
وبيَّنت جورجيت أن عيد الغطاس يعتبر من الأعياد الهامة في العقيدة المسيحية الأرثوذكسية، ويقع في الفترة بين عيد الميلاد المجيد، وعيد القيامة، وزادت: “يمثل عيد الغطاس واحداً من أهم الطقوس الكنسية التي نقوم بها في الكنائس، ويسمى بالغطاس لأن السيد المسيح قبل التعميد في نهر الأردن عن طريق التغطيس لذلك أُطلق عليه (الغطاس)، ويطلق عليه أيضاً عيد (الظهور الإلهي)”.
وتحدثت جورجيت عن العماد فقالت: “العماد وهو الغطس في المياه الجارية رمز للولادة الثانية، حيث يموت الإنسان ليولد من جديد بشكل أقرب إلى الرب عند معمودية السيد المسيح في نهر الأردن حلّت عليه روح القدس على هيئة حمامة، وسمع صوت الرب من السماء، فهي سر من أسرار الكنيسة السبعة، وهي دخول للمسيحية لولادة جديدة، والشخص الذي يجري تعميده يصبح تابع للسيد المسيح وتابع للكنيسة المسيحية”.
وتابعت جورجيت: “العماد يمثل موت يسوع المسيح، وقيامته في الحياة الجديدة، أيضاً الطفل المُعمد يخلص من الخطيئة الأصلية والتي هي خطيئة أدم وحواء ليدخل إلى الحياة مرة أخرى كإنسان جديد”.
يعتبر الغطاس من أهم الطقوس التي توارثها المسيحيين عبر التاريخ، وأقيم عليه واحد من أهم أسرار الكنيسة، والذي يسمى ” التعميد” أو “سر المعمودية”، فهو تذكار لتغطيس السيد المسيح في نهر الأردن، والذي تمثل به الأقباط فيما بعد عبر العصور، وهذا العيد يعتبر من الأعياد السيدية التي تخص السيد المسيح ذاته لذا يطلق عليها “سيدية”.
طقوس عيد الغطاس
كما أشارت جورجيت إلى الطقوس التي تقوم بها الكنيسة لهذا اليوم: “المعمودية من أهم ركائز الدين المسيحي، لذلك في السادس من كانون الأول يحتفل المسيحيون بهذا العيد، وهناك طقوس وصلوات وتراتيل خاصة بهذا العيد”.
تبدأ الطقوس ببرامون عيد الغطاس المجيد، حيث توجد إبصاليتين (واطس، أدام) تقال واحدة فقط حسب يوم البرامون.. وهما موجودتين في كتاب الإبصاليات والطروحات له مرد إنجيل خاص به.
والإبصالية هي أشعار موزونة قبطيًا ومقفاه صوتيًا كالشعر لتمجيد الرب، أو العذراء والشهداء والقديسين، وغالبًا ما تكون مُرَتَّبَة على الحروف الهجائية، وهي ترتيلة أو تمجيدة خاصة بالسيد المسيح في ميلاده من العذراء.
تليها عشية عيد الغطاس المجيد، ومن ثم تسبيحة منتصف الليل، فبعد الانتهاء من رفع بخور عشية لا يخرجون من الكنيسة، بل يبدؤون بعمل تمجيد أمام أيقونة القديس يوحنا المعمدان، بينما يعد اللقان (حوض صغير يملئ بالماء في الكنيسة) في الخورس الثالث من الكنيسة بغسله جيدًا، وملئه ماء عذبًا، إذ يجب أن يحضر ماء اللقان تسبيحة نصف الليل من أولها (إذ لم يكن بالكنيسة لقان، يوضع الماء في طبق كبير على منضدة وعن يمينه ويساره شمعتان كالمذبح)، بعد انتهاء التمجيد يسير الكهنة مع الشمامسة والمرتلين والشموع موقدة إلى حيث اللقان مرتلين بدء صلاة نصف الليل (قوموا يا بنى النور) (أو لحن تين ثينو آابيشوي)، وتقرأ التسبيحة في الماء حيث يرشم ملابس الخدمة ويلبسونها ثم، يعودون مرة أخرى إلى الخورس الثالث حيث يوجد اللقان، ثم تبدأ صلاة اللقان.
بعد انتهاء صلاة اللقان، ووشم جميع الحاضرين في جباههم يتوجه الكاهن إلى الهيكل، ليبدأ رفع بخور باكر عيد الغطاس المجيد.
ونوهت جورجيت أنه في كل عام تقوم الكنيسة باختيار أحد أبنائها ليكون اشبين أو قريب المسيح: “عندما يعمد الطفل يكون له أشبين أي عراب، وكل كنيسة ولها طريقتها في اختيار اشبين السيد المسيح”.
واختتمت جورجيت حديثها: “في هذه المناسبة أقدم التهاني لجميع الشعوب بعيد الدنح، كما أتمنى أن يكون بداية خير وأمان وسلام لجميع أبناء شعبنا، وخاصةً في سوريا بعد سنوات الأزمة، والحصار الذي نعيش فيه، والحروب المتكررة على مناطقنا، وأن تحل السعادة، والفرح في قلوب جميع الأطفال، والشعوب التي عانة من غمامة الأزمات والحروب والصرعات”.
