الأزمة الخانقة والمميتة تجتاح الحكومة التركيّة

إبراهيم محمد كرد (محامي)_

عندما تقيّم الأحداث لابد من التحليل والمعالجة للوضع الاقتصادي والسياسي الدائر في تركيا والمجتمع، وفي الوقت نفسه يجب ألا ننسى بأن السلطات تحددها إجمالاً الحاجات المتغيرة والمتبدلة في المجتمع التركي، لأن النظام الاقتصادي يحدد كافة العلاقات الاجتماعية والأيديولوجية السياسية، بما فيها ظروف نشوب الحرب وطابعها ونجاحها. فالحرب من قبل الرجعية الحاكمة في تركيا تُعبّر عن الصراعات داخل البلد فتثبت الإرهاب المشؤوم دعماً لحكمها.

فالأزمة الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية وصراع الطبقات والمافيات التي تملك الثروة، تتأثر بنظام الحكومة التركية التي تفقد قدرتها على البقاء، فتلجأ إلى الحرب غير العادلة لتفكك أزمتها في المجتمع التركي /آسيا الصغرى/ للربح السريع باحتلال أراضي الغير، وهي من صفات الدولة الاستعمارية الفاشية ذات الطابع العدواني للسيطرة والنهب، وتصريف منتجاتها بذريعة كاذبة، لأن الحرب الاستعمارية القذرة تحتاج الخداع والتزييف والتحريف، إلى درجة الذعر والنفاق، وتعتمد على القوة العسكريّة، وتحويل الجيش التركي إلى جيش مرتزقة، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب المفتعل، لضرب حركة التحرر الكردستانية من جهة، وتشتيت الشعب السوري ودعم المنظمات الإرهابية، كداعش وجبهة النصرة تحت ستار الدين، لزعزعة الاستقرار في دول الجوار، ونهب خيراتها، فصراع الأيديولوجيات داخل تركيا المباشر وغير المباشر يستند إلى الإعلام الكاذب والمخادع وفبركته، للتأثير على الناس ودعم المافيات الإرهابية المرتبط بالحكومة التركية، وتستخدم الأيدولوجية الميتافيزيقية والسلفية الظلامية ويتبناها تجار الحروب والأسلحة والعنصريين والحاقدين على حركة التحرر الكردستانية، إن اضطهاد الشعب الكردي الذي يناضل من أجل الحرية والانعتاق القومي وتقرير مصيره بنفسه، بطريقة سلمية، أو حروب عادلة ضد الحرب التركية غير العادلة، هي عنصرية نازية تدمر القيم والمبادئ الإنسانية بأخلاق  فاسدة ومنهجية وحشية.

 إن صراع التناقضات الداخلية والخارجية بين القوى الوطنية والتقدمية وبين الرجعية الثيوقراطية المافيوية الحاكمة في تركيا وعيوبها وقادتها هي وراء شن الحروب الخارجية، ولضعف قدرة الحكومة على حل المشاكل الداخلية، لأن البرجوازية الطفيلية والثيوقراطية المدعومة من الاحتكارات العالمية الليبرالية هي المسيطرة على الحكومة والبرلمان التركي، فالمعارضة الداخلية من البرجوازية الوطنية والقوى الديمقراطية والسلم وهيئات وحقوق الإنسان المعارضة لجأت لاعتقال ما يقارب ثلاثة آلاف من الصحفيين ومن القضاة والوطنيين الرافضين للحرب، وزجت بهم في السجون، لكي تفك الحكومة التركية المتصدعة أزمتها الخانقة والمميتة، ومن خلال المتاجرة بقضية اللاجئين السوريين وخلق التوتر في المنطقة واحتلال أراضي جديدة في ليبيا والعراق وسوريا.

إثارة مشكلة ضد الكرد واتهام حركة التحرر الكردستانية وضد قوات سوريا الديمقراطية في سوريا بأنها “خطر” على أمن تركيا “القومي” كذبة كبرى، وكما يقول المثل الشعبي “كيف عرفت إنها كذبة؛ قال من كبرها” وبما أن حبل الكذب قصير، فإن مصيرها السقوط والانهيار، وهذا منطق المادية التاريخية وجدلية الواقع المادي والفكري، لأن الحرب القذرة تخلق الأزمات الاقتصادية والسياسية، مهما غنمت من الحرب والظلم والنهب والتدمير والقتل.

إن الحرب القذرة التي تخوضها الحكومة التركية ودعمها المافيات الإرهابية من جبهة النصرة وداعش وسواها، ستتكسر عندما تتوحد ضربات حركة التحرر التركية الوطنية مع ضربات حركة التحرر الكردية، بعيداً عن العنصرية والطائفية ويدعم أحرار العالم وحركات محبي السلم والحرية، لأن الشعب الكردي يعشق الحرية ويرفض الحرب، لا كما تتصوّر دولة الاحتلال التركي، فالكرد شيمتهم حب الحياة والحرية، وهل ينسى قول الحكيم والفيلسوف زرادشت: “المنذرون بالموت لم يصلوا إلى مرتبة الإنسانية، وأشد الناس خطراً”.

إن النظامان التركي والإيراني يزرعان الموت في بلادهم، وبشكلٍ خاص للشعب الكردي العظيم الذي يحتلون أرضه، وكأن الطغاة لم يقرؤوا التاريخ، مادياً وفق قانون الأضداد فالشعب الكردي يقول “لسنا دعاة حرب” رغم الإبادة الجماعية والفردية وأسلوب الغدر والخيانة من النازية والفاشية، وممارسة الفكر الإرهابي والحرب النفسية والخاصة وتسميم المناخ الدولي سياسياً واقتصادياً، والتستر وراء عباءة الدين المخادعة.

سينتصر الشعب الكردي العظيم عاجلاً أم آجلاً وسيقضي على الأوهام والخزعبلات التي زرعتها الطغاة في كردستان، ورغم كل ما عاناه ويعانيه الكرد من مكائد واتفاقات دولية أدت إلى احتلال جغرافية كردستان وشعبها وتشتيتهم، رغم المؤامرة الدولية على الشعب الكردي، فالدفاع عن كرديتنا مهمة كل فرد من ذكر وأنثى ومن عامل فلاح ومثقف كردي وكل القوى الوطنية والتقدمية الكردية يجب أن تستوعب قوانين تطور المجتمع وأهداف نشاط الجماهير، والقوة المحركة التي تصنع التاريخ، واستيعاب نظرية الديالكتيك المادية، والمنهج المادي المرشد للعمل، وهو ما أشاد به القائد أوجلان في مرافعاته، وبحسب قانون صراع الأضداد، يؤكد انتصار الشعب الكردي العظيم، وهي الحقيقة التاريخية المادية لأن هذا الشعب عظيم، كما يقول الجواهري عنه: “شعب دعائمه الجماجم والدم تتحطم الدنيا ولا يتحطم” لأن الشعب الكردي يناضل، وهو من طلاب الحرية والانعتاق القومي، وضد الإرهاب المشؤوم برعاية أردوغان، وعندما أعلن ممثل الإرهاب في تركيا “سأصلي في الجامع الأموي” وهو الذي شتت الشعب السوري، وشردهم بدعمه للمجموعات المرتزقة في سوريا، ويعلن النازي والغازي عندما يحضر لاحتلال مناطق أخرى من شمال وشرق سوريا “لا أطلب موافقة أحد ولا أستأذن من أحد” و”إني أحارب في شمال وشرق سوريا وشمال العراق للحفاظ على وحدة أراضيها”، وتلك ذرائع كاذبة، فهل الحكومة التركية النازية وصيّة على الشعب السوري والعراقي، أو على حركة التحرر الكردستانية، وكأني به يقول “مجنون يحكي وعاقل يسمع”، والسؤال الأهم لممثل دولة استعمارية تحتل أراضي الغير “ما هو الدافع السياسي بعد كل هذا الإجرام” وماذا يعني بقوله “لا مانع من المصالحة مع الرئيس السوري” وهو محتل أراضي سوريّة؟.

 أيتها الشعوب في تركيا المَثل يقول: “أُحِب لأخيك كما تُحِب لنفسك” والشعب الحر لا يستعبد شعباً آخر، أين أنتم من الإجرام الأردوغاني، الشعب الكردي مثله مثل كل الشعوب الحرة، هدفه السلم الأهلي والتآخي العالمي، للحصول على حقوقه القومية المشروعة على أرضه التاريخية كردستان، التي يمتد تاريخها العريق منذ آلاف السنين، أو الاتحاد الطوعي الحر بين القوميات التي يعيش معها، ليحقق المساواة في الحقوق والواجبات، فالحرية أفضل العلاقات، والعقوبات أسوأ العلاقات في الإنسانية، ولكن كما قال الشاعر الكردي الكبير أحمد شوقي: “وللحرية الحمراء بابٌ …بكلِّ يدٍ مضرجةٍ يدقُّ”.

إن مافيات النظام التركي الطفيلية تحفر قبرها بيدها وفق قانون التطور؟؟ وبما أن الشعب الكردي بهذه الصفات وفق آراء النخبة العالمية فماذا يكون حليفه؟.