روناهي/ الشدادي ـ
هي الحياة تلقي بكامل ثقلها على بعض العاجزين من البشر، فتبقيهم في مهاوي العجز عن صد المرض والردى، في ظل فقر مدقع أليم، لا سيما في جسد امرأة عجوز مسنّة، تجمّعت في جسدها الأمراض، بينما العوز وارتفاع ثمن العلاج يوقعان الأسرة في طريق مسدود وفي حيرى لعلاج والدة أنهكتها الأمراض، بينما المنظّمات المعنيّة بالإنسانيّة ترفل في سبات عميق، وتغضّ طرفها عن هذه المصائب والمحن.
ثقيلة هي الدقائق والساعات، التي تمر على المرأة الستينية أمينة الحسن، وهي مريضة بمرض مزمن، تجلسُ على كرسيها المتحرك، والدموع تغطي عينيها الغائرتين، والتجاعيد خطت ثقل الأيام، وألم المرض على وجهها، تراقب من بعيد أبناءها الذين استسلموا للفقر، بعد أن باعوا كل ما يملكون لعلاجها، في رحلةٍ طويلة للمرض الذي أضناها وسلبها إحدى ساقيها، وأصبع من القدم الأخرى، غزا مرض السكري جسدها المتهالك وفتك بهِ، وألحق حالها المزرية مرض الربو فزادت وجعاً، والأحداث لا تأتي فُرادى، فأصيب أمينة بجلطة دماغية، أدت إلى شللٍ في نصفها الأيمن، وما زاد الطين بله، إصابتها بمرض احتباس السوائل في الجسم، ليتورم جسدها معلناً استسلامه الكلي لمتابعة الحياة.
تعيشُ أمينة الحسن في قرية سراب التابعة لمدينة الشدادي جنوب الحسكة، إلى جانب أبنيها اللذين باعا كل ما يملكان من أجل توفير العلاج لوالدتهم، في منطقةٍ عانت ما عانتهُ من ويلات الحرب، وسط نظامٍ صحي متهالك، وحالة اقتصادية أقل ما يقال عنها: إنها تحت خط الفقر بعشر درجات.