سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

غموضُ السياسةِ الأمريكيّةِ حيال شمال وشرق سوريا

تزايد النشاط الأمريكيّ بشقيه العسكريّ والدبلوماسيّ في شمال وشرق سوريا في الأسابيع الأخيرة ليخالف صيّغ التعجب التي طغت على بعض عناوين المواقع الإعلاميّة الغربيّة، متسائلةً عن الحكمة من استمرارية الوجود الأمريكيّ هناك، خاصةً عقب القصف المتبادل بين القوات الأمريكيّة والميليشيات الإيرانيّة في ريف دير الزور الشرقي الشهر الماضي.
تأثيرٌ عميقٌ للحرب الأوكرانيّة
تشير فحوى هذه التقارير إلى تسيّد لغة الغموضِ وعدم وضوحِ الرؤية حيال الأهداف الأمريكيّة في سوريا، لكن تظهر المفارقة في هذه المنطقة الرماديّة على وجه التحديد، إذ أضحى هذا الغموض ساحةً للسجال التأويلي ما بين القراءة الغربيّة التي تأخذ دوافع مختلفة عن تلك الهواجس والشكوك لدى السكان المحليّين والإدارة الذاتيّة. إذ يجتهد كل طرف، من خلال أدواته التحليليّة، للإحاطة بالخطاب الأمريكيّ، نظريّاً وعمليّاً، لكن التقديراتِ النهائيّةِ تشي بغموضِ وضبابيّةِ المشهد العام، مصحوبين فعلياً بتراكم «المخاطر الوجوديّة» التي تهدد مستقبل المنطقة وترسّخ مشاعر الإحباط وخيبة الأمل حيال عالم قابل للعيش.
عموماً، تشكك الرواية الغربيّة الدارجة من جدوى بقاء القوات الأمريكيّة التي تقود التحالف الدوليّ في شمال وشرق سوريا، ويدفع مناهضو «الحروب التي لا تنتهي» في الشرق الأوسط، مع رهط من اليسار الليبراليّ واليمين المحافظ والمتطرف الأمريكيّ، إلى تكرار سردية الرئيس الأمريكيّ السابق دونالد ترامب الذي رفض تسخير جهود وموارد بلاده من أجل مكافحة الإرهاب في حقبة ما بعد سقوط الخلافة المزعومة في سوريا.
وبطريقة ما، تحاكي هذه السرديّة مخزون اللاوعي السياسيّ الغربيّ عموماً. كما أقنعت طيفاً كبيراً من النخب العاملة في المؤسسات الرسميّة وغير الرسميّة، لا سيما حينما يتصدرُ الملف السوريّ، بين فينة وأخرى، عناوين الأخبار الساخنة. وغالباً ما تكون لغة التهرّب والتنصّل من المسؤولية المحرك وراء مواقف هذه الأطراف الرافضة للوجود الأمريكيّ لدى إثارة القضايا الوجوديّة التي تهدد السكان المحليّين في شمال شرق سوريا.
يقيناً، لا يمكن إحالة نطاق هذه الرواية إلى العقيدة الترامبية فحسب. بل تعود بجذورها إلى ميراث سلفه باراك أوباما، ليحافظ عليها ترامب، ويلتزم بها خلفه جو بايدن إلى حين تفجّر الحربِ الروسيّة-الأوكرانيّة. وتكمنُ سرديتها الرئيسيّة بتراجعِ أهميةِ القارةِ الأوروبيّة ومنطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا في سُلّم أولويات السياسة الاستراتيجية الأمريكيّة. وبالتالي، ينبغي تحويل الطاقات والموارد نحو مواجهة الصين في منطقة المحيطين الهادئ والهنديّ، ومراقبة برامج التحديث العسكريّ الروسيّ.
لكنّ ضحالة هذا الخطاب، الذي سوّقه دعاة «النظرية الواقعيّة» ومنظريّ «الجيوبوليتيكا»، اصطدمت بتحولاتٍ دراماتيكيّة من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، في عالمٍ يشهدُ حالةً من اللايقين نتيجةَ ظهور أحداثٍ غير متوقعةٍ مثل الحربِ الأوكرانيّةِ وانتشارِ وباء كوفيد-19 وتهديد الأمن الغذائيّ وتحديات ظاهرة المناخ والفوضى البنيويّة الناجمة من الصدام الجيوسياسيّ الدوليّ لاحتلال المواقع والنفوذ في الخريطة العالميّة المتقلّبة. عمليّاً، بدأت تأثير هذه الأحداث الآنية تفرضُ سطوتها على صنّاع القرارِ بوجوب التكيّف مع تلك المعطيات، ومن ثم إعادة ترتيب الأولويات وفق أحداثٍ مستجدةٍ.
جملة هذه التحولات، وفي مقدمتها مؤثراتِ الحربِ الأوكرانيّةِ وارتفاعِ التضخّمِ الاقتصاديّ العالميّ، دفعت بالرئيسِ الأمريكيّ في مستهلِ زيارته إلى الشرق الأوسط إلى إعادةِ تأكيدِ التزاماتِ واشنطن والبقاء في المنطقة، بعد أن وقع بنفسه قرار انسحابِ الجيش الأمريكيّ من أفغانستان العام المنصرم.
الأهداف الصلبة
بالتوازي، سارعت قمة حلف الناتو في مدريد إلى رسم استراتيجية غربيّة جديدة تجلّت نتائجها في إدراج روسيا تحت خانة «العدو» وتأطير الصين تحت بند «تهديدٍ منهجيّ» على المصالح الغربيّة، ومن شأن هذه الأهداف، بحسب المراقبين، أن تنذر بتوسيع مواجهات مفتوحة النطاق، زمانياً ومكانياً، ومن المرجح أن يأخذ شكل الصراع ملامح حرب باردة جديدة أو حرب عالمية ثالثة.
ومع ذلك، ينبغي التمييز بين الأهداف الأمريكيّة الصلبة وتلك المستجدة في الشرق الأوسط. تاريخيّاً، وتحديداً بعد الحرب العالميّة الثانية، سيطرت ذهنية الحرب الباردة على سلوك المؤسسات الأمريكيّة، ومن هذا الإطار الاستراتيجيّ، اعتبرت حماية الأمن الإسرائيليّ وتأمين تدفقِ النفط من شبه الجزيرة العربيّة وإبعاد النفوذ السوفييتيّ والإيرانيّ ودعم استقرار الأنظمة الحليفة- حتى لو كلفتها التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان- من أهم الأهداف الصلبة التي دارت السياسةِ الأمريكيّة في فلكها.
تدريجياً، وعقب سقوط الاتحاد السوفييتيّ، بدأت تظهر تحديات جديدة تختلط وتندمج مع سياسة الحرب الباردة، خاصةً مع حرب الخليج الثانية وما تلاها من الحرب على الإرهاب والدول المارقة وتداعيات الربيع العربي وتفجّر المطالب الاجتماعيّة والسياسيّة الشعبية من أجل العدالة الاجتماعيّة والتغيير السياسيّ وتفجّر الحروب الأهلية والإقليمية وانتشار العنف في بلدان الربيع العربي وتصاعد أزمة اللاجئين، وإضافةً إلى ذلك، طفا على السطح تزايد حدة التنافس الإقليمي بين كل من إيران وإسرائيل وتركيا على المنطقة والتنافس الجيوسياسيّ مع الصين وروسيا وبروز أهمية تأمين طرق التجارة الدوليّة وحماية تدفق الطاقة ومساراتها لا سيما بعد الحرب الأوكرانيّة.
عطفاً على ما سبق، دقّت أزمة الاحتباس الحراري والجفاف ناقوس الخطر وباتت تنذر بحدوث صدامات سياسيّة واضطرابات اجتماعيّة هائلة على مصادر المياه والغذاء والطاقة. دفعت هذه القضايا، التي تحمل أبعاداً محليّة وإقليمية ودوليّة، واشنطن إلى إدراك أهمية استمرار بقائها في المنطقة، بشرط خفض التكاليف المادية والبشرية قدر المستطاع.
بطبيعة الحال، ليست الساحة السوريّة استثناءً من هذه القاعدة على الرغم مما ينطوي عليها من أعباء وتكاليف هائلة. غير أن التحركات الأمريكيّة الأخيرة أرسلت إشاراتٍ تكشف أهمية سوريا في استراتيجيتها الجديدة، مدفوعةً بقناعة ضمنية أن استراتيجية الحرب طويلة الأمد مع الخصوم الدوليّين والإقليميين والجماعات الإرهابيّة العابرة للحدود، تستدعي تنشيط سياسة «الصبر الاستراتيجيّ».
وسط هذه التحولات، يبدو منطقياً أن تتراجع فرضية انسحابِ القوات الأمريكيّة من شمال وشرق سوريا على المدى المنظور، طالما أنَّ منطقَ المواجهةِ والتحدي يميّز سياسة بايدن لردعِ الخصوم. كما تعدُّ جغرافيا شمال شرق سوريا نقطةً استراتيجيّة تعزّزُ واشنطن عبرها مصالحها الأمنيّة في مواجهةِ الصين وروسيا وإيران والتمرد التركيّ المستمر على المصالحِ الغربيّةِ الحيويّة، في ظلِّ وجوب ضمان الأمن الإسرائيليّ والحلفاء التقليديين في المنطقة في آن معاً. كل هذه العوامل، رسّخت قناعةَ واشنطن بعدم ترك أيّ فراغ محتمل أمام الخصوم، بحسب توصيات البنتاغون وتأكيدات بايدن وفريقه العامل في المنطقةِ.
ومؤخراً، عكست التحركات الأمريكيّة في شمال شرق سوريا نسبياً تحولاتٍ مفترضة من خلال استثناء المنطقة من قانون قيصر، ومن ثم تعيين القيادة الأمريكيّة مبعوثاً جديداً (نيكولاس غرانجر) لمتابعة ملف سوريا عن قرب، فضلاً عن إجراء المناورات العسكريّة المشتركة، التي تعد الأولى من نوعها، بين قوات التحالف الدوليّ وقوات سوريا الديمقراطية على الحدود السوريّة العراقية، بالتزامن مع زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكيّة «سنتكوم» الجنرال مايكل كوريلا الذي كان يتفقد مع قادة «قسد» سير الحملة الأمنيّة التي تُعرف بـ«الإنسانية والأمن» لتتبع الخلايا الإرهابيّة النائمة المتزايد في مخيم الهول، وتوحي حصيلة هذه التحركات بوجود التزامٍ أمريكيّ حيال المنطقة من النواحي الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة، إلا أنها لا تواكب، بحسب مراقبين، مستوى التحديات المحليّة المروعة.
الأهداف السائلة
إلى هذه اللحظة، تُختَزل المهام الرئيسية التي وضعتها إدارة بايدن حيال سوريا بأربعة أهداف معلنة وسائلة في آن معاً. وينبغي توضيح مفردة «السائلة» على أنها تتضمن مداً وجزراً وعرضة للتأويلات والمقاصد المتضاربة، وهذه الأهداف هي على الشكل التالي:
1- مواصلة الولايات المتحدة تنفيذ حملة مكافحة الإرهاب ضد تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى.
2- دعم وقف إطلاق النار المحليّ، وخفض عمليات التصعيد.
3- إيصال المساعدات الإنسانيّة، ودعم البرامج والمشاريع التي تعزز الاستقرار.
4- الضغط من أجل المساءلة واحترام القانون الدوليّ مع تعزيز حقوق الإنسان.
5- تأكيد إدارة بايدن بوجوب حل القضية السوريّة بصيغتها النهائية عبر تنفيذ القرار الأممي 2254.
تخضع هذه الأهداف المعلنة في حقيقة الأمر إلى جملة من المتغيرات والعوامل المؤثرة من بينها: طبيعة العمل البيروقراطي لدى العاملين في القيادات الدنيا والوسطى والعليا، بشقيها المدنيّ والعسكريّ والأمنيّ، والتنافس، وأحياناً التناقض، بين المؤسسات الأمريكيّة ونظيراتها في البلدان الغربيّة الأخرى، وكذلك تأثير جماعات الضغط والعلاقات العامة والمانحين الدوليّين والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات البحثية والمراكز الاستشارية، فضلاً عن أنها مرتبطة بالمتغيرات الدراماتيكية في سوريا والشرق الأوسط والعالم.
وتُنجَز آلية سير تلك الأهداف في الغالب رداً على مقتضيات معينة وأغراض سياسيّة منحازة. على سبيل المثال، من المحتمل أن يتوسع هدف مكافحة الإرهاب ليشمل ردع الجماعات الموالية لإيران وضرب أهداف النظام، وقد تحدث ثغرة في هدف عملية خفض التصعيد المحليّ وقواعد الاشتباك من خلال السماح للطائرات التركيّة المسيّرة ضرب أهداف في شمال شرق سوريا. ناهيك عن أنّ جماعات الضغط والجهات الإقليمية المنخرطة في الصراع السوريّ توجّه على الدوام بوصلة المساعدات الإنسانية وبرامج دعم الاستقرار صوب مناطق بعينها، بما يخالف النزعة المعيارية الأخلاقيّة والإنسانية المدرجة في هذا البند. كما قد يُسخَّر ملف انتهاك القانون الدوليّ وحقوق الإنسان لأغراضٍ سياسيّة، بحيث تشهر معاييره بوجه طرفٍ ما ويتم تجاهل انتهاكات مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية لدى الطرف الآخر، وأضحى الهدف الاستراتيجي المعني بالحل السياسيّ والتفاوض والعدالة الانتقالية وصياغة الدستور عرضةً إلى جلساتٍ حوارية خالية من أي نتائج مرجوّة، بحيث تستثمرها بعض الأطراف المحليّة التي لا تملك الشرعية المجتمعية من أجل احتكار المجال السياسيّ العام عبر استغلال المال السياسيّ.
عدم انسجام الأهداف الأمريكيّة القريبةِ والنهائيّةِ
عموماً، تحمل هذه الأهداف نزعةً غامضة في طبيعتها وغير مستقرة على القواعد النظريّة والعمليّة واضحة المعالم. وتالياً، تصبحُ عرضةً لازدواجيّةِ المعاييرِ التي تميّز النشاط الأمريكيّ بنظر السكان المحليّين، وإن كانتِ الانعطافةُ الأمريكيّة المتجسّدةُ في تأكيد التزاماتها تجاه حلفائها وشركائها في المنطقة أزاحت عقيدة أوباما الانعزاليّة إلى الخلف مؤقتاً، فإنّها لم تخفف عمليّاً من حدةِ الإحباط الشعبيّ والسياسيّ والأمنيّ في مناطق الإدارة الذاتيّة الديمقراطية.
بناءً على ما سبق، تنظر الكتلةُ الاجتماعيّةُ، مع الفاعلين السياسيّين المحليّين، إلى النشاط الأمريكيّ بنوعٍ من الريبة والارتباك، لجهةِ عدم انسجام أهدافها القريبةِ والنهائيّةِ، خاصةً مع استمرارِ التهديداتِ الأمنيّةِ التركيّةِ، وتكمن المفارقة المؤلمة في أنَ تُغيّم الرؤية هذه، وبطريقة طرديّة، يرسّخ فكرة الإحباط السياسيّ وخيبة الأمل الاجتماعيّ نتيجة تراكم القضايا الشائكة بفعل الحرب وآثارها، والتي باتت تهدد المحيطين الحيويّ والبشريّ معاً، في جغرافيا تضمُّ نحو خمسة ملايين نسمة، ما بين سكانٍ محليّين ونازحين مشردين، فضلاً عن جزرٍ من المخيمات البشرية.
وعليه، يغدو السؤال الأكثر إلحاحاً في ظل تراجع الثقة بالوصول إلى عالمٍ قابل للعيش: كيف ستوازن الإدارة الأمريكيّة بين أهدافها الأمنيّة والاستراتيجية، وتلك القضايا الوجوديّة التي تواجه السكان المحليّين من قبيل المخاطر التي تهدد المكونات التاريخيّة العريقة وتدهور البنية التحتية والخدمية والتعليمية والمخاوف على الأمن الغذائي والبيئي وتوسّع دائرة البطالة والفقر ونزيف الهجرة الجماعية؟
وعلى نحوِ مباشر، أين يكمن الخلل في مسألة بناء الثقة وتوضيح الرؤى بين سياسة الولايات المتحدة والسكان المحليّين والإدارة الذاتيّة الديمقراطية؟ وهل ثمة إمكانية لوضع أجندة عقلانيّة مشتركة قادرة أن ترتقي إلى مستوى التحديات المذكورة؟
المركز الكردي للدراسات
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle