مؤتمر ستار… إدارة جديدة تمحو السلطة

دلال جان –

يختلف شكل الإدارة بين مجتمع وآخر، حيث مرت هذه الإدارات بمراحل مختلفة منذ نشوء المجتمعات، وكان يختلف شكل التنظيم فيها حسب القوى المنتجة الفاعلة في المجتمع، ومرت المجتمعات الأولى من البشرية بمرحلة إدارة المرأة التي كانت تدير شؤون المجتمع عبر الكلانات التي استمرت على مدى آلاف السنين. وتبين في هذه المرحلة أنَّها الأكثر نجاحاً بسبب بعدها عن الاحتكار والسلطة، حيث لم تكن قد نشأت السلطة بعد. أما المراحل التي تلتها والتي كان الصراع هو الأساس بين السيد والعبد، بين العامل ورب العمل، فقد تفاوت شكل الإدارة بين كل من الطبقتين المتصارعتين أو ما بين المضطهدين والمستبدين، ولكن تشير كل الإحصاءات على أن الإدارة في ظل السلطة والدولة تعمل دائماً في خدمة المستبدين والأنظمة الحاكمة، حتى أن الاتحادات والنقابات والمنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان تعمل بشكل أو بآخر في خدمة الأغنياء وأصحاب النفوذ مثل السلطة والدولة. وقد كان الفكر الأوجلاني أول من فسر الإدارة تفسيراً صحيحاً ووضعها في مسارها الصحيح، والذي هو خدمة المجتمع بالدرجة الأولى، وأنها ليست قوة فوقية وعلى الجميع الطاعة وتنفيذ قراراتها. فمسؤولية الإدارة هي من أصعب الأمور التي تتم ممارستها، كونها تخدم مصالح المجتمع عامة، وقد كانت ثورة روج آفا التي اعتنقت الفلسفة الأوجلانية واتخذتها نهجاً لها ما يميزها عن باقي الثورات، لتكون معرفة الأسلوب والإدارة من أهم السمات التي ميزت الثورة فيها وبخاصة من ناحية المرأة التي وجدت في الإدارة خصائص وسمات تتميز بها المرأة ككل والمرأة الكردية بشكل خاص، وتعد من نتاج الأم المدبرة منذ عهود الكلانات. فقد وضعت اللبنة الأساسية لأسلوب الإدارة واعتمدت عليه للسير في خدمة المواطن عبرها. علماً أن الشكل الأخير الذي اعتمدته الأنظمة القومية والدولة، وكان يعتمد على أسلوب المؤسسات البيروقراطية وإصدار القرارات الفردية التي لا تعبر عن مصالح المجتمع، وكان ليس لهم همٌّ سوى المناصب والجلوس على الكراسي ومن حولهم الخدم والحشم. وفي خطوة ثورية وشجاعة بادر مؤتمر ستار في مقاطعة الحسكة، وفي خطوة نوعية منها إلى اتخاذ شكل جديد من الإدارة، حيث تم إلغاء ما يوحي إلى السلطة ليتم استبدالها بالعمل وفق الإدارة الجماعية بحيث لا يعلم الزائر هناك من هو المسؤول أو العامل هناك، حيث يتفق الجميع على أن الخدمة هي الأساس، وتتم المعاملة على هذا الأساس مع المراجعين، وفي هذه المؤسسة تختفي كل أشكال السلطة الإدارية والديكتاتورية، وإن دل هذا الشيء من الممارسة في الإدارة فإنما يعبر عن الذهنية التي وصلت إدارة مؤتمر ستار إليها في مقاطعة الحسكة، ولهم كل الثناء على المستوى الراقي من الفكر والذهنية التي وصلت إليها، والتي ليست غريبة على المرأة التي أبدعت واخترعت على مدى التاريخ وحافظت على استمرار الوجود البشري، ولتكون أساساً ونموذجاً لجميع المؤسسات في الإدارة الذاتية الديمقراطية وفي مختلف المناطق.