الموقف الحازم لقوات سوريا الديمقراطية، أجبر أردوغان على المساومة مع سوريا

کاوە نادر قادر

واختفت التهديدات التركية لـ (روج آفا كردستان) عبر منصات ووسائل إعلام تركية في الأيام الماضية بعد أن كرروا، منذ أيار الماضي، تهديداتهم مراراً بشن هجوم جديد على بعض مناطق غرب الفرات، ويبدو أنها تراهن على تحسين العلاقات مع نظام الأسد لضرب قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ومحاولة لإفشال مشروع الإدارة الذاتية، إذ أفادت تقارير إخبارية بأن رئيس المخابرات التركية (حقان فيدان) والسوري (علي مملوك) عقدا اجتماعاً سرياً، الأربعاء، السابع من الشهر الجاري، برعاية روسيّة دون ذكر مكان الاجتماع، بخصوص تطبيع العلاقات بين البلدين، أنقرة ودمشق.

وفي شهر آب الماضي، أكد رجب طيب أردوغان الرئيس التركي عن خطط تركيّة لتطبيع العلاقات مع دمشق عندما قال: “لا تسعى تركيا لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا”. على الرغم من تخفيف حدة تهديداتها لروج آفا، فإن تركيا غير قابلة للتصديق:

ـ دولة عدوانية غير جديرة بالثقة، بنت نفسها على حساب الأمم ودول أخرى مجاورة، وخاصةً حقوق شعبنا الكردستاني.

ـ تقوم فلسفة الدولة التركية على القضاء على الكرد من أجل بقائهم، ووجود الكرد يعني اضمحلالهم كدولة في الشرق الأوسط.

وفقاً لفلسفة الدولة التركية، فإن الكيانات الكردية أو المكاسب القومية الكردية في أي جزء من كردستان تشكل تهديداً لأمنهم القومي، خاصةً بعد أن أصبحت حكومة إقليم كردستان والإدارة الذاتية الديمقراطية في غرب كردستان أمراً واقعياً في المنطقة، فقدت الدولة التركية توازنها وتحاول تقديم كل التنازلات للدول الأخرى لفشل الكيانين الكرديين وخاصةً الإدارة الذاتية/ روج آڤا من خلال التسويات العسكرية والسياسية، لكن يمكن القول:

ـ التوازنات العسكرية- السياسية للقوى العظمى الموجودة عسكرياً في المنطقة، لن تسمح لتركيا بما تريده من العمل ضد الكرد، ليس من أجل الحقوق المشروعة للكرد، بل تتقاطع تلك التهديدات مع مصالحهم واستراتيجياتهم في المنطقة.

ـ أصبحت الحركة الوطنية التحررية الكردستانية لها ذراعاً عسكرياً قوياً لا يمكن تجاهله أو تجاوزه في المعادلات العسكرية في الشرق الأوسط.

لذلك كان الخوف من الكرد في هذه المرحلة مستعصياً على الحل وكان من الصعب التغلب عليهم عسكرياً وسياسياً وبقاؤهم يؤدي إلى مزيد من التقدم والتطور على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، لا سيما التوازنات العسكرية الدولية القائمة حالياً في المنطقة، لا تسمح للمشروع التوسعي التركي في سوريا والعراق (العثماني الجديد) أن تمر على كردستان، لذلك تلجأ تركيا إلى المساومات والتنازلات السياسية عبر التوازنات الإقليمية من أجل منع الكرد من التقدم السياسي والتطور.

هناك مثل كردي شعبي شائع يقول إنه “إذا كان الأقرع (الأصلع) طبيباً فعليه أن يعالج رأسه وليس رأس الآخرين”، ومن الأفضل لتركيا أن تتعامل مع مشاكلها، لا أن تنخرط أكثر في مشاكل الدول المجاورة.