حسين شاويش.. مناضل ومثقف ثوري وبَنَّاء وطني ـ3ـ

أدركت الحركة التحررية الكردية إثر اندلاع الثورات، والاحتجاجات في تونس ومصر، وغيرها، أن المنطقة على شفا تغييرات وتحولات كبرى، فأسرعت إلى تهيئة نفسها لتلك التغييرات، ولاسيما بعد تصاعد الاحتجاجات في عموم سوريا في ربيع 2011، وبالنتيجة أُسِّست “حركة المجتمع الديمقراطي” في صيف 2011 بغية حماية وتنظيم المجتمع المحلي في روج آفا، وشمال سوريا بشعوبه وبمكوناته كافة، ومنع تحول تلك المناطق إلى ساحة فوضى، واستقطاب للقوى المحلية والإقليمية والدولية المتصارعة على السلطة في سوريا…

كان الشهيد حسين شاويش من مؤسسي حركة المجتمع الديمقراطي، وعضواً في إدارتها التنفيذية، وكونه قد امتلك خبرة لا بأس بها في التدريب والتنظيم، من خلال صقل شخصيته الفكرية والثقافية، وتثقيف رفاقه في السجون التركية، أو في الإشراف على مؤسسة اللغة الكردية في كوباني في السنوات، التي سبقت عام 2011، فقد توجه نحو تنظيم الحياة الإدارية والفكرية والعلمية في روج آفا وشمال وشرق سوريا، فساهم إلى جانب رفاقه في حركة المجتمع الديمقراطي في تعريف الجمهور المحلي بمفهوم مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية من خلال الاجتماعات والمحاضرات، والندوات؛ ليتمخض عن ذلك بناء الإدارات والمجالس المحلية للمدن والبلدات، والقرى خلال عامي 2011 و2012. وبعدها أشرف شاويش على تأسيس (مؤسسة نوري ديرسمي للفكر) في آذار 2013 بمدينة الدرباسية في إقليم الجزيرة.

كان شاويش يناضل بحماس ثوري، ويواصل ليله بنهاره إلى جانب رفاقه في سبيل بناء مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، وإنجاحها على أرض الواقع، فالإدارة الذاتية الديمقراطية بالنسبة له كما يقول عنها في إحدى محاضراته: “ليس إلا مشروع لإعادة بناء المجتمع، وفق مبادئه وقوانينه الديمقراطية الشرعية”.

لم تذهب جهود شاويش ورفاقه سدى، ففي 21 كانون الثاني 2014 أُعلن عن قيام الإدارة الذاتية الديمقراطية بشكل رسمي انطلاقاً من إقليم الجزيرة، واستمر إعلان الإدارات الذاتية المحلية في منطقة تلو أخرى في شمال وشرق سوريا بعد تحريرها من نظام الاستبداد، أو من إرهاب داعش.

في عام 2014 اُختير شاويش كنائب للرئاسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية بالجزيرة، ليشرف من خلالها على تهيئة الظروف، والإمكانات لبناء أحد أبرز صروح العلم في المنطقة، جامعة روج آفا في مدينة قامشلو، التي افتتحت رسمياً في 2016. وفي 2015 تابع شاويش مهامه الثورية من خلال الانتقال إلى وحدات حماية الشعب، والإشراف على أكاديميات التدريب الفكري لمقاتلي وحدات حماية الشعب، إلى أن استشهد في حادث تعرض لها بتاريخ 20 تموز 2016 أثناء تأديته لمهامه، وتحديداً بعد مشاركته في إحدى مراسم إحياء ذكرى ثورة 19 تموز.

اهتم شاويش بالتدوين والكتابة بقدر سعيه نحو تحقيق آمال شعبه على أرض الواقع، فألف عدة كتب ما بين الأدب والفكر، والشعر والدراسات وسير الشهداء وهي: سطور منسية من حياة المجتمع الكوجري، أسطورة الشهادة، في تاريخنا الفن والأدب، ديوان شعري (Pênûsa min).

 وبعد استشهاده جُمعت آراؤه ودراساته في مجلتي صوت كردستان، والشرق الأوسط الديمقراطي، وجريدة روناهي في كتب خاصة مثل (آراء فكرية وثقافية 2017، السجل الأسود 2017).

ونظراً لخدماته الكثيرة في مجال الفكر والثقافة، أطلقت هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية اسمه النضالي (هركول) على فعالية المعرض الرئيسي للكتاب في شمال وشرق سوريا (معرض الشهيد هركول للكتاب في مدينة قامشلو) في عام 2017، والتي تنظم سنوياً في الذكرى السنوية لاستشهاده.