البحث عن مخرج من الأزمة السوريّة

شكرو كديك

وُضعت أسس ديكتاتورية أردوغان في تركيا قبل 20 عاماً، وقد تقدّمت خطوةً بخطوة إلى أن وصلت إلى هذه الأيام، وقد حشد عام 2002 الكثير من الناس حوله بالألاعيب وإخفاء وجهه الحقيقي ووصل إلى السلطة، واُعتبر حزب العدالة والتنمية حركة “قضية” أكثر من كونه حزباً. وتم بقيادة أردوغان خداع المجتمع بأسره بما فيهم مؤسسو الحزب الأوائل، وعلى الرغم من أنّ المنشقّين عن الحزب لا يقولون إنّهم تعرّضوا للخداع لكنّهم يقولون إنّ حزب العدالة والتنمية ابتعد عن “القضية”.

استغلّ أردوغان الجميع لخدمة أهدافه الشخصية بإخفاء نيّته الحقيقية، وتشكّلت شراكة حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية لاستغلال بعضيهما البعض، فالتعصب القومي الذي يلتزم به أردوغان بشدّة مهمٌّ جدّاً بالنسبة لهما. يمكن القول إنّه توحّد مع حزب الحركة القومية تقريباً، إنّ مستقبل السلطة مرتبط بهذا الائتلاف، لكنّ مستقبل تركيا مظلم. ماذا تبقّى من الأشياء المحليّة والوطنية في تركيا؟ لقد جعلوا من تركيا مكاناً لا يتمكّن فيه الناس من العيش. ألّف مردان يانارداغ كتاباً عن عملية تأسيس حزب العدالة والتنمية وأوضح مثبتاً بالوثائق أن حزب العدالة والتنمية عبارةٌ عن مشروع، وإنّ السلطة الفاشية لحزبي العدالة والتنمية مستنقعٌ بالنسبة لتركيا وقد ظهر هذا المستنقع في السياسة السورية أيضاً ووصلت إلى النهاية في سوريا.

تزايد السخط الشعبي في المناطق التي تحتلّها تركيا خلال الأيام الأخيرة، إذ خرج الشعب إلى الشوارع وأحرقوا الأعلام التركية وهناك العديد من النقاشات على الأجندة تقول “ما الذي سيحدث من الآن فصاعداً؟” إنّ الوجود التركي في سوريا واضح إذ يُردّد في المناطق شعاراتٍ مثل “تركيا تطلع برا” لقد فهم الناس في المناطق المحتلة ومن بينهم المرتزقة الذين يعتقدون أنّهم وجدوا منطقةً آمنةً لهم في إدلب أنّهم تعرّضوا للخداع من قبل حكومة أردوغان وانكشفت نيّتها في سوريا.

إنّها تقوم بالكذب وتمارس الألاعيب فقط، لقد أنشأ أردوغان إدارة فاسدةً لا تتماشى مع المصالح التركية، والأتراك وتركيا أيضاً، وهو يواصل سلطته في قصره. وفي الحقيقة، حتّى الهوية الدينية الرجعية التي يفرضها أيضاً مجرد خدعة. فتحت هذه الهوية استغلال ديني كبير وأكثر حجّةٍ تستخدمها حكومة حزب العدالة والتنمية لتحقيق أهدافها القذرة في تركيا أو سوريا هو معاداة الكرد لقد وصلت تركيا إلى مرحلةٍ مظلمةٍ في عدائها للكرد ولا يوجد أيّ تفسير لذلك.

زادت حكومة أردوغان الدمار في سوريا، قتلت آلاف الأشخاص وجرحت الآلاف وشجّعت على الهجرة الجماعية واللجوء بوعيٍ وتعمّد وجعلت من الشعب العربي أداةً لسياساتها القذرة وكما قالت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في تركيا؛ داريا يانك؛ إنّهم يعتنون بهؤلاء اللاجئين لمنع قيام دولةٍ كردية، إنّهم يصنعون السياسة من الرهاب من الكرد، لقد وجدوا لأنفسهم سياسةً تقوم على استغلال الخسيسين وسياسييها وزعمائها.

يسعون لإجراء حوارٍ مع النظام في سوريا والحوار يعني عمليةً أكبر من عدم الحل، أي يقولون إنّهم سيدعمون حلّاً يجعل النظام يهاجم الكرد والسيناريو الآخر هو أنّهم سيجعلون الجماعات الجهادية السلفية التي نشروها في المناطق المحتلة يخوضون حرباً ضد قوات سوريا الديمقراطية، وإضعاف الكرد بهذا وتدمير الإدارة الذاتية ثم إعادة النظام لبسط نفوذه على هذه المناطق والهجمات الجويّة والبريّة المتزايدة خلال الأيام الأخيرة هي لخدمة هذا الهدف. هناك مؤشّرات عديدة على أنّ ثلاثية آستانا قد اتّفقت على هذا في اجتماع طهران، كما تم الاتفاق على ذلك في اجتماع أردوغان وبوتين في سوتشي.

بحث الدكتاتور أردوغان عن مخرجٍ من المستنقع السوري يعود إلى انعدام الظروف المتوافقة مع مصالحها، كمّا أنّ ضررها على تركيا أكبر من فائدتها، لا فائدة منها. إنّ انتشار مرتزقة داعش، القاعدة والنصرة في تركيا يشكّل خطراً كبيراً على مستقبلها، ستخرج تركيا من سوريا بعبءٍ كبير وسيكون الخروج أصعب من المتوقع.

تجربة الأتراك في الجغرافيا السورية قديمة وحتّى عند حديث مصطفى كمال عن العرب فإنّه كان يعبّر عن استيائه. بدأ العثمانيون الذين أخذوا الخلافة من مصر بهجومٍ كبيرٍ باسم الدفاع عن الأرض المقدّسة وقمعوا العديد من الانتفاضات بالسيوف. وكما يقولون الآن “نرحّب بإخوتنا العرب” فهم يقولون بأنفسهم إنّهم يستغلون الشعب العربي لخدمة أهدافهم الشريرة، لقد رفعوا علمهم في المناطق التي احتلّوها وضمّوها لأراضيهم وخلقوا الفتنة بين العرب وأطلقوا على المرتزقة اسم (القوات الوطنية) وجعلوهم يحاربون بعضهم البعض واستخدموهم في الهجمات الاحتلالية والعمليات الخارجية الأخرى ويتحدّثون اليوم عن خيانة العرب.

التجربة التركية في سوريا هي إبادة الكرد واستخدام العرب كمرتزقة، حان الوقت بالنسبة لتركيا للتخلي عن الشعب العربي والمرتزقة الذين استخدمتهم لصالحها قدر الإمكان، إنّهم يحاولون الخروج من المستنقع السوري بهذه الطريقة، وعلى الشعب العربي والمكونات الأخرى في سوريا رؤية التقليد التاريخي للدولة التركية المحتلة والمستعمرة، التي تستخدم الجنود الوحشيين، وإنهاء وجودها في سوريا بالتأكيد.