تل كوجر/ مثنى المحمود ـ
سيل الرميلة، أو وادي الرد، النهر الذي يمر بما يقارب من ثلاثين قرية، جالبا معه مخلفات آبار ومحطات النفط، التي تؤثر سلبا على حياة سكان ريف تل كوجر، وصولا الى أطراف مدينة الحسكة.
منذ أكثر من عشرة أعوام، وإلى يومنا هذا، شكل وادي رميلة، أو وادي الرد معضلة، حيث تمتزج مياهه بمخلفات النفط والصرف الصحي، وأصبح هذا الوادي الممتد من أطراف مدينة رميلان وصولا الى أطراف مدينة الحسكة، حيث يلتقي هناك مع نهر الخابور، مرورا بما يقارب خمسة وثلاثين قرية، أولها اليوسفية وآخرها عند أطراف بلدة تل حميس، ويشكل رافدا للأمراض والأوبئة، التي باتت تقض مضاجع سكان المنطقة بشكل عام، وتسبب تهديدا حقيقيا لوجود بعض القرى وأبرزها قرية جزعة.
ماضٍ جميل
يشق أرض الجنوب وادي الرد المعروف عند سكانه (الرميلة)، ذلك الوادي الذي أشتهر منذ القدم بالمياه والأشجار، التي كانت على ضفافه، وكي لا نبالغ بكلمة أشجار، إنما شجيرات كانت تنبت على أطرافه، الوادي الذي يبدأ من أطراف مدينة رميلان وصولا إلى مصبه الأخير في نهر الخابور، يقول المواطن عبد الله الراجي: “إن هذا الوادي كان طيلة سنواته غزيراً بالمياه، رغم عدم صلاحيته للشرب، ولكن كان تعدّ مصدراً ثانياً للمياه للعديد من القرى، ويستخدم لبعض الأعمال الريفية كالطين وغيره من الاستخدامات المنزلية”، كما يضيف المواطن، رائد إسماعيل: “إن جل أهالي المنطقة كانوا يستخدمون مياه الوادي من أجل سقي المحاصيل الزراعية في فصل الشتاء، وبداية فصل الصيف، هذه الخدمات التي كان يقدمها النهر، الذي كان محط ذكرى المواطنين، والحسرة بادية على وجوههم، تحولت الآن هذه الخدمات الى مصائب وكوارث، جعلت المواطنين يبحثون عن حلول، تبعد عنهم أذى النهر الذي كان رمزاً للعطاء”.
باب بلاء
مضى الزمان وجار على الرميلة، بعد سنوات العطاء كلها، وبعد ما كان شرياناً للجنوب، أصبح ثعباناً ينفث سمومه على ساكنيه، نعم أصبح مجراً للمياه المالحة الممزوجة مع بقايا فضلات النفط، التي تلقى بداخله من مخلفات الشركات النفطية التي لا تهتم لخطورة الخطوة التي تتخذها، يضاف إلى هذا مجموعة من المواد الكيميائية، والزيوت، والكلور، المنتجة من آبار النفط، حيث اشتكى أهالي القرى، التي يمر بها النهر، وبالأخص سكان قرية الطاش، التي كان النهر يشكل هاجساً من الخوف لهم، إذ إن حالات عديدة من نفوق الحيوانات من أبقار، وأغنام، وماعز داخل النهر، ناهيك عن الرائحة الكريهة الناتجة عن هذه الفضلات، متسببة بالعديد من الأمراض الصدرية، وبالأخص لدى الأطفال، وكبار السن، والذين يعانون من أمراض الربو.
هذا كله على حد قول الأهالي، كما أن رائحة النهر المشينة، التي امتزجت بالهواء، وأصبحت المتنفس اليومي لجميع من مر بهم الوادي، تشكل حالة مكروهة، تؤثر سلبا على الحياة لسكان هذه القرى بشكل ملحوظ، إذ ذكر بعض الأهالي أنه ومنذ عشر أعوام، أي منذ بدأت هذه الظاهرة المؤذية، بات من الملاحظ انتشار حالات السرطان بشكل واضح على امتداد النهر، وفي جل القرى التي تقترب مراكزها من مجرى هذا النهر الملوث، كما وأضاف المواطن سليمان العنزي، أن النهر تسبب في انهيار جسر جزعة، كما وأضاف أن المشكلة الأكبر تتمحور في كون النهر يؤثر على المياه السطحية والجوفية، أيضا حيث بات يتسرب إلى الآبار القريبة منه، وجعل منها آباراً عديمة الفائدة.
أين المسؤولون؟
يجدد أهالي القرى بدءًا من اليوسفية، ووصولا إلى قرى جنوب الرد، وعبر صحيفتنا “روناهي”، وعلى لسان المواطن سالم الجمل مطالبهم، حيث قال: “نطالب المسؤولين والقائمين على وضع هذه المنطقة من بلديات، ولجان، ومجالس محلية، وكومينات ومن يعنيهم الأمر، نحن نمر بمرحلة مهمة من العيش تحت خطر وتهديد هذا النهر، الذي يدمر أراضينا بمياهه المسمومة، كما يشكل منبعاً للأمراض، التي باتت واقعاً، نشكوه دائما للمسؤولين، ليس فقط على المستوى الشخصي، إنما تعددت شكاوى كثيرة، قام بها الأهالي، وموظفو البلديات ولكن دون جدوى، أو حتى ردة فعل من أحد المسؤولين، لذا نقول: عزيزي المسؤول، ندعو سيادتكم للوقوف عشر دقائق عند الرميلة؛ ومعاينة حجم الأوساخ، التي يسببها نفسيا وجسديا وصحيا، فإن طابت لكم؛ فإننا ندعوكم بالإقامة على ضفاف نهر عتيد، وإن لم تعجبكم، فإننا- والله بشر- ونحن نرفع شكوانا وشكواكم لرب السماء”.
