جل آغا / أمل محمد – كنوع من الدعم المعنوي، قبل المادي، ظاهرة مساعدة الآخرين ظاهرة معروفة وقديمة في ناحية جل آغا التابعة لمقاطعة قامشلو، والتي تقوم على أساس تقديم يد العون للأقارب، والجيران من الشيء المتوفر، والمادة المتاحة، هذه المبادرات ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لثقافة التعاون والإحسان، والتي تقوم على العطاء والحس الشعوري بالأخرين، أو بمعنى أدق أن تقدم الشيء المتوفر لديك بكثرة من طعام، وغيره للأشخاص المحتاجين.
روح التشاركية ومد يد العون
في ناحية جل آغا، والتي تعد منطقة ريفية تتميز بالعيش المشترك، والتعاون بين سكانها، في مناطق شمال وشرق سوريا، فإنَّ سمة العطاء من أهم السمات التي يُعرف بها أهلها، وفي هذا الصدد ألقت صحيفتنا “روناهي” الضوء على هذه الثقافة المتأصلة، والتي تقوم على مبدأ مساعدة الآخرين في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، “زينب محمد” المرأة الخمسينية والتي تعتمد على حقلها الصغير في تحصيل الخضروات اللازمة لعائلتها، بدأت حديثها: “إذا جارك بخير أنت بخير، ينتج حقلي كميات وفيرة من الخضروات أقتات عليها، وللجيران والأقارب حصة، هكذا تربينا، وعلى هذا الأساس نشأنا وترعرعنا، مهما أعطاني هذا الحقل من خيرات، فإنَّ هناك حصة للغير، ولو كانت بضع حبات من الخيار، أو حتى جزة بقدونس”.
وتابعت زينب: “ماذا سأفعل بالكميات الزائدة غير اللازمة من الخضروات؟ وبعض البيوت من آهالي الناحية، وخصوصاً الأهل والجيران يفتقرون للخضروات، مساعدة الآخرين ولو بالشيء البسيط في ظل هذه الأزمة أمر مستحب، أحياناً كثيرة يمر أشخاص من أمام حقلي، ولا أعرفهم، أعطيهم بعض منتجات الحقل، من أهم صفات الإنسان الشعور بغيره”.
التكاتف في مواجهة الأزمة
كما تقوم مريم الحسن، والتي تمتلك البضع من الدجاجات، والطيور المنزلية، من بط وإوز بمساعدة جيرانها بإعطائهم البيض البلدي حدثتنا: “تعطيني جارتي الخبز اليابس الزائد لديها كمساعدة، وأنا بدوري أقدم لها بعض البيض، الأمر ليس مقايضة بقدر ما هو رد الجميل، من الجيد أن تفكر بالآخرين، ونقدم يد العون لهم من الشيء المتوفر لديك”.
وبدورها جوزة علي حدثتنا: “أملك بقرة واحدة وكثيراً ما أعطي أقاربي والجيران من خيراتها، سواء كان حليباً أم لبناً، في الناحية نعرف بعضنا، إذ كيف لجارتي أن تلجأ للسوق لشراء الحليب، وأنا لديَّ كميات فائضة منه؟ أعطي حسب قدرتي والكمية المتوفرة لدي”.
وأنهت جوزة حديثها بالقول: “نمر بظروف صعبة، وهذه الأزمة خلفت الكثير من الناس، التي تحتاج للطعام والشراب، علينا أن نتساعد لنتجاوز هذه الأزمة بالعطاء والتفكير بغيرنا، نحن نعيش في حلقة مرتبطة مع بعضها، وما يميزنا نحن البشر عن باقي الكائنات، هو روح الإنسانية”.