طرق ترميم وحفظ حصائر الفُسيفساء

محمد عزو_

جميع الاكتشافات الأثرية تُعد حدثاً عظيماً في مجال الكشف الأثري، واكتشاف الفسيفساء يعتبر من أجمل الإنجازات التي يتمناها علماء الآثار، وفي حال تم التأكد من قبل المنقبين من وجود حصائر فسيفسائية تحت التراب يبدأ العمل بشكلٍ بطيء ومنهجي، لذلك تكون هناك جدية في إنجاز التنقيب المنهجي والكشف عن الفسيفساء بروية وتأني، وعندما يتأكد عالم الآثار من وجود تخلخل في مكعبات اللوحة الفسيفسائية سواءً كانت صغيرة أم كبيرة تبدأ أعمال الترميم الفورية القيام بحقن مواد لاصقة فيها، ثم تبدأ عملية الكشف الكاملة، وبعد دراسة الحصيرة الفسيفسائية وتأريخها يقوم العاملون في حقل التنقيب الأثري بالتعاون من الفنيين من المعمل الفني بطرح أفكار ناجعة للدراسة حول إبقائها في مكانها سيما اللوحات الكبيرة التي نسميها حصيرة، أو نقلها إلى أحد المتاحف.

مثل هذه العملية فلا يتصور أحد أنها عملية سهلة أبداً، وإذا كانت أطراف اللوحة متضررة تتم حمايتها بواسطة شرائط من المونة قد تكون من الجير أو الإسمنت أو الرمل أو الجبس، وهذه المونة تكون لاصقة وقوية وفي أغلب الأحيان تحتوي على الإسمنت حسب الضرورة، ثم ينظف سطح الفسيفساء بعناية فائقة بواسطة الإسفنجة الخشبية والريشة، ثم تتم عملية الرفع الهندسي والتصوير لكل أجزاء اللوحة المتبقية، ولنقل اللوحة الفسيفسائية إلى مكان آخر توجد طريقتان:

 أولها: يتم لصق قماش سميك على سطح اللوحة وتُقسم بالسنتيمترات على حاملها من المونة، وتُلف كما تُلف سجادة البيت حول أسطوانة مُعدّة لمثل هذه الحالة.

 ثانيها: تقوم على نفس المبدأ الأول إذ يتم تقسيم اللوحة الفسيفسائية إلى أجزاء أصغر مساحةً ثم يتم انتزاع كل قطعة على حدة، ثم بعد ذلك يتم حَطها على ألواح خشبية قوية، وفي الوقت الذي تجف فيه المادة اللاصقة، يصبح قماش التغليف الذي تم لصقه على سطح المكعبات فلا يكون بينها شيء فيحمي الفسيفساء من التلف والأضرار المحتملة أثناء عملية تقطيع وفك الحصيرة أو اللوحة الفسيفسائية، ففي عملية الفك والتقطيع يتم استعمال مناشير معدنية طويلة نسبياً ومقصات وسكاكين ومطارق لتقطيع الفسيفساء عبر طبقة المونة بحضور فنيين من المخبر الفني، وخلال عملية التقطيع والفك يلاقي العاملون صعوبة، لأن صلابة المونة والحصى الصغيرة التي تحتوي عليها اللوحة تشكل معوقات صعبة خلال العملية. وأثناء عملية الترميم يتم قلب كل أجزاء الفسيفساء، بشكلٍ متوالٍ ومتتابع، فيصبح وجهها على التراب، ففي هذه الحالة يستطيع المرممون من نزع طبقة المونة القديمة، التي فيها أذى من على وجهها (الخلفي) ليستبدلوا بها طبقة مونة مؤقتة مكونة من مادتي الرمل والجير.

 إن المتاحف السوريّة تزخر بلوحات جميلة ورائعة من لوحات الفسيفساء تعود لكافة العصور، ومستودعات الآثار في الرقة هي الأخرى تحتوي على مئات اللوحات الفسيفسائية، لذلك نقول يجب العمل على حماية معالمنا الأثرية في سوريا والتعرّف على هذا التاريخ المجيد العريق الزاخر والمبدع في المجالات كافة ولا سيما فن الفسيفساء المأخوذ من اليونانية، ويعرّف على أنه فن مكعبات الأحجار الفسيفسائية الملونة صغيرة الحجم، التي تُستخدم في زخرفة وتجميل الفراغات الأرضية وكذلك الجدارية عن طريق تثبيتها بواسطة المونة.