عن وحدات حماية المرأة… أتحدَّثُ

هيفيدار خالد_

وأنت تتحدَّث عن مقاومة الشعوب القاطنة في شمال وشرق سوريا، ونضالِها ضد هجمات مرتزقة داعش على مناطقها، والبطولاتِ، التي سطرتها ضد الإرهاب في المنطقة، التي بدأت من كوباني، وانتشرت، وتوسَّعت في المناطق كلها، لتضم المدن والقرى بالمنطقة، لا بدَّ لك أنْ تتحدَّث عن مقاومة وحدات حماية الشعب ضد هذه الهجمات العنيفة، وعلى وجه الخصوص مقاومةُ وحدات حماية المرأة.

 هذه الوحدات، التي ذاع صيتها في أنحاء العالم، بعد أن رسخت في الأذهان صورة مشرقة عن ذاتها. بدءاً من الزي العسكري، الذي يلفت الانتباه، إلى الوشاح الجميل المطرَّز بالخرز الملوّن، والذي كانت ترتديه المرأة وتزيِّن به شعرَها، وهي تقارع الإرهاب في خناق الحرب بالصفوف الأمامية، مستندةً بذلك إلى قوتها الذاتية، وإرادتها القوية، التي دحرت الإرهاب، وكسرت حاجز الخوف لدى الجميع، وهي تمتشق السلاح، والعتاد العسكري، كلها صورٌ جميلة تعبِّر عن حقيقةٍ واحدة ألا وهي الثقة، والاعتزاز بالذات وبالشجاعة، وبالإرادة، التي تحلَّت بها المرأة الكردية والعربية، في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة، التي تفرّدت بأخوة الشعوب، وتكاتفت فيما بينها أيما تكاتف.

 وحدات حماية المرأة، ومن لم يسمع باسمها، وهي التي كانت صاحبة كلمة الفصل في العديد من المعارك، التي خاضتها ضد وحشية داعش، وهجماته ضد الأبرياء.

هذه الوحدات، التي كانت بمثابة كابوسٍ لمرتزقة داعش في المعارك، نظراً لشجاعتها وتضحياتها، أصبحت اليوم نهجاً ودرباً لخلاص النساء، والإنسانية من الظلم والظلام.

 متحدياتٍ بذلك ممارسات، وسياسات المنظومة التسلطية السائدة بالمجتمع ذات الطابع الذكوري، التي كانت تتحكم بكل شاردةٍ وواردة في حياة المرأة.

وحدات حماية المرأة أصبحت اليوم قبلة الحرية للنساء في العالم، ذلك من خلال الأفكار والمبادئ، التي تتخذ منها أساساً لها في مسيرتها النضالية، وتمكنت من تحطيم القوالب والمفاهيم الرجعية كافة، وخلقت نموذجاً جديداً تتحلّى به المرأة بهويتها الخاصة، وبجوهرها الحقيقي، تلك الوحدات التي أثبت للجميع، أنه ليس بمقدور أحد الدفاع عن المرأة سوى المرأة، وأنها وحدها تستطيع رسم طريق حياتها.

 كيف لا، وهي التي لعبت دوراً بطولياً بمقاومة مدينة كوباني ضد إرهاب داعش، تلك المقاومة التي هزَّت العالم، واستطاعت من خلال الدفاع عن مدينتها، والوقوف في وجه أعتى التنظيمات الإرهابية حماية الإنسانية من خطر داعش، بانتصاراتٍ عظيمة أبهرت العالم.

لتُسجَّل أسماء هؤلاء المقاتلات بأحرفٍ من ذهب، وهن يسطرن ملاحم البطولة، والتضحية بالذات، الأمر الذي دفع المئات من المقاتلين حول العالم إلى الانضمام لوحدات حماية المرأة والشعب، بعد أن رأوا في ثورة روج آفا ثورة الدفاع عن القيم الإنسانية؛ بدءاً من كوباني وعفرين، حيث التحقوا بجبهات القتال، وقدموا أرواحهم فداءً لهذه الثورة، التي تحوَّلت إلى ثورةٍ مضادة، أي ثورة النور ضد الظلام والقوى الظلامية، ثورة الحق ضد الباطل، وهكذا أصبحت وحدات حماية المرأة منارةً ورمزاً لمقاومة الكرد، والذين قاوموا فيها دفاعاً عن الإنسانية.