واقع الزراعة بعد كرم آذار وشح نيسان

محمد سعيد_

أنعشت أمطار شهر آذار الأمل في نفوس المزا رعين، ولكنها لم تنعش الأرض بما فيه الكفاية، فهذه الأرض، التي عانت من الجفاف والجدب في الموسم المنصرم، لن تكفيها هذه الكمية من الأمطار، لتجود بما في داخلها من خيرات، وما على سطحها من محاصيل، ولكن ما كان إيجابياً هو في الدرجة الأولى نمو الحشائش والنباتات بكميات لا بأس بها تصلح لأن تكون مادة للرعي للحيوانات، التي باتت على وشك الدخول في مراحل الانقراض بسبب الجوع، ونقص الأعلاف الحاد.

 فعلى الرغم من سخاء شهر آذار إلا أن مساحات شاسعة خرجت من مخطط الإنتاج الزراعي لهذا العام، لأن غالبيتها كانت قد دخلت المرحلة الحرجة، أو بالأحرى مرحلة اللا عودة قبل هطول الأمطار في آذار، وقد تكون الحسنة الوحيدة في ذلك هو تحول هذه الأراضي إلى مراعٍ، ساهمت في سد جزء من الحاجة الكبيرة في الأعلاف، حتى لو كان هذا الأمر وقتياً، فهو سيخفف من عبء الفلاح، أو مربي المواشي خلال فصل الربيع هذا، ريثما تجد الإدارات المتخصصة الحلول المناسبة للخروج من هذه الأزمة ـ وهذا إن استطاعت إيجاد الحلول ـ فيما أن هناك بعض المساحات انتعشت فعلاً، ولا تحتاج إلا لبعض الزخات المتفرقة، لتدخل في المخطط الإنتاجي، ولكن بغلة أقل، ونوعية متدنية، ومهما يكن؛ فالقليل أفضل من اللا شيء، وهذا إن حصل وجاد علينا الله بالغيث في شهر نيسان الجاري.

 وحديثنا السابق هو على وجه الخصوص عن الأراضي المزروعة بعلاً، وليس عن الأراضي المروية والتي لا تتجاوز 13% من مساحة الأراضي الزراعية في إقليم الجزيرة، وذلك بسبب المعوقات، التي لم تعد تخفى على أحد كشح المحروقات، وتدني جودتها، انقطاع الكهرباء المتكرر لفترات طويلة، والتي هي بالأساس لا تتعدى أربع ساعات تشغيل في أفضل حالاتها، وارتفاع أسعار قطع الغيار للمحركات،  وارتفاع أسعار البذار، وندرته، وكذلك عدم توافر الأسمدة، والسبب الرئيسي هو عدم وجود مؤسسات قادرة فعلياً على التحكم بالواقع الزراعي، والنهوض به، وتحقيق نوع من الاستقرار الزراعي، الذي سيعود بالنفع العام على المنطقة، والسكان على حد سواء.