الطبقة/ عمر الفارس –
جبرة يعقوب من سكان مدينة الطبقة، يقطنها منذ أكثر من خمسين عاماً، يروي المعاناة التي تعرض لها الشعب المسيحي في عهد مرتزقة داعش، فهو اليوم يجد الحرية في ممارسة عقائده الدينية بعد تحرير المدينة على يد قوات سوريا الديمقراطية عام 2017.
عانت الشعوب في عهد مرتزقة داعش الحرمان من ممارسة الشعائر الدينية، التي هي حق لكل شعب وفق العقائدية السماوية، فالشعوب في سوريا منذ الأزل متعايشة، وفق حرية عقائدية مبنية على أخوة الشعوب، حتى جاء المتطرفون الذين شوهوا راية الدين عبر خنقهم للشعوب وللطوائف، وتقييدهم من ممارسة شعائرهم الدينية المتوارثة، حيث عانى الشعب المسيحي ضمن البقاع، التي سيطرت عليها الثلة السوداء المتمثلة في مرتزقة داعش من التكفير، وفرض الجزية القسرية عليهم، ومنعهم من إقامة شعائرهم وإظهارها، وتدمير الكنائس في معاملة لا تحترم القواعد الإنسانية، ولا العقائد الدينية.
شاهد على ممارسات داعش
ومن تلك القصص الدفينة، التي عانى منها الشعب المسيحي في عهد مرتزقة داعش، قصة العم جبرة يعقوب الذي تجاوز السبعين عاماً، حيث لم يغادر منزله الصغير بالطبقة، حتى تحررت المدينة على يد قوات سوريا الديمقراطية منذ خمس سنوات بعام 2017.
العم قدم إلى الطبقة منذ أكثر من خمسين عاماً، وعمل موظفاً في سد الفرات، وشهد على فترة تشييد سد الفرات في عام 1978 وكشعب مسيحي كانوا يمارسون الشعائر الدينية في الكنائس، متعايشين مع الشعوب، ومع الطوائف الموجودة في المدينة، التي تتميز بالنسيج السكاني الديمغرافي المتنوع، كما أفادنا العم.
كشفٌ لما جرى
لم ترأف مرتزقة داعش لحال العم وكبر عمره، فالسياسة نفسها كانت تطبق على الجميع، لا فرق بين مسن أو شاب، أو طفل أو امرأة، فيتحدث يعقوب عن هذا الأمر بقوله: “منذ مطلع عام 2014 وبدء سيطرة مرتزقة داعش على منطقة الطبقة والرقة، بدأت الطوائف بالهجرة خارج الأراضي السورية، حيث هُجّرَ أكثر من تسعين بالمائة من نسبة الشعب المسيحي في الطبقة، عائلتي وأبنائي الثلاث، هاجروا أيضاً نتيجة كثرة التهديدات من قبل مرتزقة داعش، فبقيت في المدينة، فمن حقي البقاء في منزلي، والعيش في بلدي، فقد تعرضت للكثير من التهديدات بالقتل، وبالذبح من قبل داعش بتهمة التكفير كما يزعمون، وتعرضت أيضاً للجلد والسجن مدة شهر ومورس بحقي أبشع انتهاك عدواني جسماني لا يطبق حتى على المحتل”.
فرض الجزية وتدمير الدور الدينية
ونوه العم جبرة أن مرتزقة داعش، قد فرضت عليه مبلغ ثلاثة وخمسين ألف ليرة سورية بشكل سنوي، فيما يُسمى بالجزية، التي استخدمتها مرتزقة داعش ذريعة لنهب وسلب الشعوب والطوائف الأخرى، ووسيلة إثقال واضطهاد لهم، حيث قاموا بتدمير الكنائس، ودور العبادة الخاصة بالشعب المسيحي، وتحويلها لمستودعات أسلحة لهم، فداعش كانت إحدى الجهات الخطرة، ذات التأثير السلبي على عقول الناس، فقد شوهوا الحقائق والتاريخ الإسلامي الحق، الذي يُعدّ بريئاً منهم ومن أفعالهم”.
زال السواد ومورست الحرية الدينية
تحررت الطبقة بعد أن أبدت قوات سوريا الديمقراطية مقاومة باسلة، وتمكنت من تحررها، لتشيد بذلك ملامح الحرية، ومراسم الديمقراطية إلى المنطقة، فينعم الأهالي بحرية ممارسة عقائدهم الدينية، مثلما نعم بها العم يعقوب، الذي لفت إلى أنه ومنذ تحرير المدينة، وتشكيل الإدارة الذاتية، التي تعمل وفق قوانين الأمة الديمقراطية، استطاع الشعب المسيحي، ممن بقوا في مدينة الطبقة من ممارسة عقائدهم الدينية بكل حرية، والاحتفال بالأعياد السنوية بمشاركة الأهالي “فعيد أي شعب يعدّ عيد الشعوب كافة، وفق ميثاق أخوة الشعوب”.
توفير المستلزمات وتأهيل الكنائس
العم جبرة يعقوب بحاجة إلى رعاية طبية، ومساعدة إنسانية، فقد أصيب بشظية نتيجة القصف الصاروخي الممنهج على المدينة في فترة سيطرة المرتزقة على الطبقة، أثرت على حركته بشكل كبير، إضافة للإصابات التي تعرض لها نتيجة اعتداء مرتزقة داعش العدواني عليه في فترة سجنهِ، ما أدى إلى أصابته بكتلة، وتضييق في النخاع الشوكي أدت إلى حرمانه العمل، فهو يعمل سابقاً في تقليم الأشجار والنباتات، وتزيين الأشجار.
في نهاية حديثه طالب يعقوب بضرورة توفير الدعم الصحي، والرعاية الصحية لهُ، ودعمهُ كرجل مسن تجاوزَ السبعين، في توفير مستلزمات الحياة الأساسية، كإثبات ورقي بديل عن دفتر العائلة، الذي بموجبه يحصل على المخصصات المعيشية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل إحدى الكنائس في المدينة، ليمارس من بقي منهم في المدينة طقوسهم الدينية، وشعائرهم المختلفة بحرية مثلما كانوا سابقا.
