قامشلو/ ميديا غانم –
“عشقٌ لتناغم الأصوات والألوان في عدة أوتارٍ مشدودة، ببعض المسامير على خشبة من بقايا صندوق خضار خشبي في حانوت أبي، حتى تنامت لتصبح الآلة الموسيقية التي كبرتْ معي لتصبح الموسيقى، والعزف إلى جانب الريشة والألوان، إحدى الركائز التي كونت خيوط الفن الأولى في طفولتي… هذا العشق الذي قادني من دون سابق إنذار إلى فضاء خشبة المسرح”؛ هذا ما أكده المخرج المسرحي والسينمائي محي الدين أرسلان.
محي الدين أرسلان، مواليد مدينة عفرين 1982، من ناحية بلبلة، إجازة في التربية من جامعة حلب – كلية التربية ٢٠١٠، مدير كومين فيلم روج آفا (آفرين) – إقليم عفرين.
الطمبور صديق الصبا..
يشير المخرج العفريني إلى أن عشقه للفن ظهر منذ نعومة أظفاره، حيث كان “الطمبور” صديقه منذ السادسة من عمره، مستمداً عشقه للموسيقا والرسم من أخواته، اللواتي كن شغوفات بكل ما هو متعلق بالفن، ولكن ذلك لم يكن كافياً فيما يتعلق به.
لم يشبع العزف والرسم شغف أرسلان من الفنون، لذا جاهد للوصول لمنبتها وهو المسرح والذي يعدّه أرسلان “أم الفنون”، لذا توجه إلى التمثيل المسرحي 1997 والعمل إلى جانب المخرج المسرحي العفريني عدنان مسلم في مسرحية “الصراط” للكاتب المسرحي السوري وليد إخلاصي، ليمزج بين العزف والرسم، والتمثيل برفقة آلته الموسيقية (الطمبور) ليكون في عزف حي مع مشاهد العرض المسرحي، موضحاً “كما كان الرسم حاضراً معي في تصميم الملابس، وقطع الديكور، والإكسسوار”.
الولوج إلى فضاء الإخراج
كان كل تفصيل صغير على المسرح يجذب أرسلان من إضاءة، للموسيقا، للديكور، وغير ذلك، لتنفتح له آفاق جديدة عام 2002 وهي الولوج إلى عالم الإخراج، وفضائه الجذاب من خلال (الصراط) لـ وليد إخلاصي، هذا النص الذي شكل مفترق طرقٍ، وجسراً بين ذكرياته في حقبة الطفولة والشباب.
المخرج العفريني كمدينته أرض الزيتون كان دوماً يسعى أن يزهر، وأن يثمر لذا اجتهد كثيراً لتطوير ذاته، حيث التحق بدورة تخصصية في الإخراج المسرحي في دمشق 2006 بإشراف: د. عجاج سليم – الفنان الراحل: نضال سيجري – الفنان: علي صطوف – الناقد: موسى أسود، وعام 2010 التحق أرسلان بدورة الإخراج التلفزيوني والسينمائي – معهد الإعداد الإعلامي (دمشق) بإشراف المخرج السينمائي السوري الراحل نبيل المالح، موضحاً عن مدى استفادته منه: “استفدت من خبرات هؤلاء العمالقة، الذين أكن لهم كل الاحترام، ورغم ذلك أؤمن بأن التدريب والبحث الذاتي أساس طريق النجاح، لذا إلى جانب هذه التدريبات كان التدريب الشخصي أساساً لي”.
حلمٌ رادوه دوماً…
اقترب أرسلان من الحلم الذي كان يراوده مذ أن نبضَ عشق المسرح في قلبه، وهو مسرح كردي يمثل الثقافة والتراث والفن الكردي العتيق، يلفت أرسلان الانتباه إلى ذلك: “حلمي كان أن أمثل ثقافتي وتراثي على المسرح، أن أوصل رسالة الأجداد، التي لازالوا يحتفظون بها في ذاكرتهم، وعلى ألسنتهم، والتي من واجبنا أن نترجمها لمسرحيات، ولسيناريوهات تبقى ميراثاً لأجيالنا القادمة، الرسالة التي حاول النظام السوري سحقها دوماً، وهذه هي رسالة الفن العظمى في الحفاظ على ثقافة وتراث الشعوب”، (تأليف مشترك / محمود جقماقي – محي الدين أرسلان) العرض المسرحي الأول له باللغة الكردية في صيف 2012.
كما أن أرسلان كان من الأعضاء المؤسسين لمهرجان ميتان المسرحي 2014 بإعلان الإدارة الذاتية، والانضمام إلى هيئة الثقافة، وصار عضو الإدارة العامة للمهرجان لثلاث دورات في عفرين والدورة الرابعة في مخيمات الشهباء 2020.
إطلاقُ العنان للمسرح الكردي
ميتان الأول، المهرجان المسرحي، الذي أقيم في مدينة عفرين مطلقاً العنان للمسرح الكردي هناك الذي، أكد بأن الشعب الكردي يجري في عروقه حب الفن، حسب تعبير أرسلان وزاد: “أبهرنا التوافد الكبير من الجمهور، فالمهرجان استمر ثلاثة عشر يوماً، وكان يحضر الجمهور خلال تلك الأيام قبل وقت العرض، ويمتلئ المسرح بشكل كامل لنضطر إلى وضع شاشات العرض خارج المسرح”.
ثمار جهود أرسلان أينعت لتكون على شكل تأسيس المعهد المسرحي 2015 ليكون من الأعضاء المؤسسين له، ومدرساً لمادة الإلقاء، والإلقاء المسرحي، وبعدها اتجه أرسلان مع زملائه لمجال السينما مؤسسين كومين السينما في عفرين، ليكون مدير كومين فيلم روج آفا (آفرين) – إقليم عفرين.
أثناء هجمات الاحتلال التركي، ومرتزقته على عفرين كان أرسلان في الشيخ مقصود بحلب يعملون على إخراج فيلم عن مقاومة أهالي الشيخ مقصود، فيقول حيال ذلك: “أثناء الهجمات على عفرين عدت فوراً من حلب، فكنا سبعة من أعضاء كومين الفيلم بعفرين، كنا نتجول في الشوارع نوثق كل شيء فيها… مقاومة الشعب، وحياتهم اليومية في ظل الهجمات، وتارةً نكون على خطوط الجبهات بين المقاتلين، لكننا اضطررنا للخروج نتيجة اشتداد المعارك في 16/3/2018 من عفرين على أمل أن نعود، ونزيل تلك الغمامة السوداء عن عفرين، التي كانت آخر ما رأيته فيها من أعلى جبل ليلون”.