الثامن من آذار.. تجديد النضال

هيفيدار خالد_

 في الثامن من آذار من كل عام، يتجدَّد نضال المرأة، التي بدأت به قبل مئات السنين، من أجل حياة حرة وكريمة. فالنساء اللواتي رفضن السياسيات المتبعة والممارسة بحقهن في مدينة نيويورك، واحتججن على سوء أحوالهن المعيشية على الرغم من تعرضهن للعنف والقمع، تمكَّنَّ من رسم ملامح مسيرة المرأة النضالية في ذلك الوقت من خلال هذا الاحتجاج التاريخي.

 هذه المسيرة النضالية المهيبة، التي بدأت بنضال النساء أمثال كلارا زيتكن، وروزا لوكسمبورغ، التي تعدّ أم الحركة النسوية بالتظاهر، في معمل للنسيج في الولايات المتحدة الأمريكية، انتشرت من بعدها في كافة أصقاع العالم.

استطاعت المرأة عبر التاريخ الطويل، وفي كافة مراحله، وفي شتى البلدان تحقيق المزيد من المكتسبات التاريخية بعد جهود مريرة وصعبة، فالمرأة هي دائماً الطبقة المعرضة للعنف، والظلم والاستبداد، وخاصة في الحروب والأزمات، اللتين شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة، حيث إنها تحملت قدراً كبيراً من الضغوطات سواء النفسية أو الاقتصادية، وحتى الاجتماعية، ذلك بما يتجاوز طاقاتها في معظم الأوقات.

 ومع ذلك ففكرة، المرأة عنصر ضعيف، لا تزال قائمةً في مجتمعاتنا، من دون حول لها ولا قوة، لنسمع يوميا أخبار القتل والانتحار، والاعتداء الجنسي، وحالات الطلاق، وظاهرة الزواج المبكر، التي كثر انتشارها في مخيمات النزوح واللجوء مع تفاقم الأزمات العالمية والحروب، التي تلقي بظلالها على واقع المرأة في المناطق كافة بالعالم، وخاصة الدول الفقيرة، التي تعاني من أزمات اقتصادية حادة، الأمر الذي أثر سلباً على حياتهن ومستقبلهن.

حتى هذه اللحظة التي اكتب فيها هذا المقال بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، يتم إقصاء المرأة، وبشكل متعمّد من مراكز صنع القرار السياسي، وميادين الحياة الأخرى كافة، التي من المفترض أن تحتل المرأة فيها مكانة ريادية.

 نعم، المرأة في الشرق الأوسط، وفي العالم أجمع لا تزال تعاني وتتعرض لأشكال العنف كافة، والاضطهاد النفسي والجسدي. فهي لا تحصل على حقها في الميراث في بعض الدول حتى الآن، والذي يعدّ عنفاً اقتصادياً بحتاً، لا يختلف عليه اثنان أبداً.

 لذا يتوجب على جميع النساء العمل وجعل كل أيامهن أيام نضال، وليس الثامن من آذار فقط، لنيل الحرية الكاملة والحقوق الطبيعية في الحياة، وأن اختيار ذلك اليوم، هو فقط للتذكير والتأكيد على دورها، وإبراز مساعيها، ومع ذلك فالأجدر بهن اتخاذ الثامن من آذار، منطلقاً لمحاسبة الذات على التقصير خلال عام مضى، والتخطيط لما هو آتٍ.

وتطوير الدورات التوعية لرقي بواقع المرأة، نحو الأفضل، وليبقى نضالها متجدداً في الثانية والدقيقة والساعة واليوم.