بمهارةِ النّساءِ السُّوريَّاتِ.. الأطعمةُ السُّوريَّةُ تغزو موائدَ أكثرَ من ٢٤٠ جنسيةً في الإماراتِ
الإمارات/ غزال العمر ـ
يحدد الطبخ السوري هوية النساء السوريات في بلدان الاغتراب، حيث تزاول معظم النساء مهنة الطبخ المنزلي، حسب طلبات الزبائن من مختلف الجنسيات المتواجدة في الإمارات العربية المتحدة، ليساندن أزواجهن في تحمل أعباء الحياة، ومصاريفها الباهظة، مع ترك بصمةٍ عند كلِّ من يتذوق طعامهنّ، فمن يدخل المطبخ السوريّ، فلا بدّ أنّ يعود إليّه مرةً أخرى.
ظروف الحياة الصعبة تلقي بظلالها على النساء السوريات في بلاد الغربة، فالعمل كرامة يواجهن به ضيق الحال، وخاصةً مع ظهور فيروس كورونا، الذي تسبب بشللٍ شبه تام لحركة المطاعم، وبهذا كانت فرصةً لهن؛ لكسب ما يعيل الأُسُر.
“الفكرةُ بدأت بمنشورٍ في قنواتِ التواصلِ الاجتماعيِّ”
الأربعينية “سمية الكيواني” الدمشقية من حي الصالحية، مقيمة في الإمارات العربية المتحدة، منذ بداية الأزمة السورية، أم لخمسة أولاد، يدرسون جميعهم في المدارس الخاصة، ويحتاجون لتسجيلٍ ودفع رسومٍ بداية كلّ عام، ولمساعدة زوجها على تأمين المصاريف تقول: “اتفقنا أنا وجارتي أن نضع إعلاناً عن طبخاتٍ سورية على صفحات التواصل الاجتماعي، بظل الذروة في أزمة كورونا، حيث كان كلّ شيء متوقفاً”.
تقول سمية: إنّها وجارتها لم يكونا متأكدتين من نجاح المشروع، ليتفاجأ بكثرة الاتصالات في اليوم التالي، لأشخاصٍ يطلبون بعضاً من الأطعمة، التي نزل اسمها في المنشور.
وتتابع سمية: إنّها اقترحت على جارتها تنزيل المنشور بأكثر من لغة، عبر محرك غوغل، لاستقطاب أكبر عددٍ ممكنٍ من الجنسيات حسب تعبيرها.
ثمارُ تعاونِ الجارتين
الجارة سهام النجار سوريةٌ من مدينة دير الزور، لها من العمر خمسةٌ وثلاثون عاماً، أمٌ لطفلين تعمل كمعلمةِ مدرسة في أحد المدارس الخاصة بإمارة عجمان الإماراتية، تقول: “توقفنا عن العمل والدوام الحضوري، بسبب جائحة كورونا، فوجدت أنا وجارتي في الطبخ فرصةً لتعبئة أوقات فراغنا”.
تحصي سهام مع جارتها عدد الطبخات المطلوبة في المساء، ويحسبن التكلفة، ويحضرن المواد اللازمة للبدء بالعمل. وتواصل سهام حديثها لصحيفتنا “روناهي” عن أشهر الأكلات، التي يطبخنها، وعليها عرضٌ، وطلب: “الكبة والمحشي وورق العنب، والملوخية والمقلوبة، والشيش برك، والكبسة والفتوش، والتبولة”.
المطبخُ السُّوريُّ مرغوبٌ
تسترسل الجارتان بالحديث عن أكثر الجنسيات إقبالاً على المطبخ السوري، فسهام من وجهة نظرها، ترى أن المصريين والمغاربة، وأهل اليمن يحبون الطعام السوري بشدة، أما المطبخ الأردني والفلسطيني واللبناني، فقريبٌ جداً من المطبخ السوري.
أما سمية فلها رأيٌ آخر، حيث ترى: أنّ الأسيويين الهنود منهم، والباكستانيين والفلبينيين، ينجذبون جداً للمطبخ السوري، وخاصةً المخللات، والسلطات بأنواعها والشاورما.
وعن المردود المادي الذي تجنيه الجارتان جراء عملهما، فهو بسيط مقارنةً بتكاليفه، عدا عن الحالة النفسية المترافقة أثناء كلّ طبخة هل ستنجح أم لا، لكنها خطوةٌ أولية لصعود طريق النجاح، وتوسيع المشروع، وفتح مطعمهن الخاص، والكلام دائماً على لسان السيدتين.
شغوفةٌ بطعامِ بلدهِا
من جهتها جميلة الخالد، فتاةٌ عشرينية لا تزال على مقاعد الدراسة، من مدينة إدلب السورية مقيمة في الإمارات مع والديها، وأخيها منذ عشر سنوات، شغوفةٌ بالأكل السوري، وفخورةٌ به: “لم يبقَ نوع طعامٍ في الإمارات إلاّ وأكلته، الأوروبي، والأسيوي، والعربي، وفي كلّ مرة أسرع للبيت، لأسأل أمي: ماذا طبختِ؟”.
تبتسم الشابة لتقول بلهجتها المحلية الجميلة: “متل أكلاتنا ما في”.
وتستمر جميلة بسرد حادثةٍ طريفة، حدثت معها مع صديقةٍ فلبينية تعرفها منذ زمن، حين قررتا عمل استبيانٍ للرأي في الشارع من خلال طرح سؤالٍ على الناس: أيّهما أطيب الطعام السوري، أم الفلبيني، لتكون النتيجة راجحة ومحبذة للمطبخ السوري.
وتتابع الشابة: في النهاية قررت أنّ تكون صديقتي نفسها، آخر من أسألها السؤال، لتجيب بعربيةٍ مكسرة “الفود السوري”.
روائح المطبخ السوري تفوح في بلدٍ متعدد الجنسيات كالإمارات، ليتبوأ سيخ الشاورما، والأكل السوري مرتبةً عالية واستحساناً من قبل الجميع، حيث لا يوجد أغنى من مطبخٍ يجمع السوريين من مختلف مدنهم على موائد الغربة.
