النِّساءُ وعامُ 2021 ـ2ـ

هيفيدار خالد_

خلال العام المنصرم، خاضت المرأة التونسية مخاضاً عسيراً؛ لإيقاف نزيف العنف المسلط على النساء، وحقهن في الحصول على الحماية الاجتماعية والاقتصادية، وناشدت من أجل رفض قتل النساء، وسياسة الإفلات من العقاب، لكن بعد تكليف نجلاء بودن لإدارة الحكومة الجديدة، من المرجَّح أنها ستتيح الفرصة للنساء بشكل أعظم؛ للمشاركة بالعمل السياسي والدبلوماسي، والانخراط بمراكز صنع القرار، وذلك بتحديد أولويات المرأة، أولا وتحقيق أهدافها، وتلبية مطالبها، التي حرمت منها سابقاً، وتمكين دورها.

 لم تكن سنة 2021 سنة سهلة يما يتعلق بالنساء الجزائريات، فمنذ بدايتها شهدت نسبة العنف ضد المرأة ارتفاعاً ملحُوظاً، رغم الجهود الكبيرة لحمايتها، والقضاء على أشكال التمييز كافة ضدها، من خلال ملائمة التشريعيات الداخلية الجزائرية مع الاتفاقيات القضائية الدولية.

وفي المغرب تعاني المرأة كسائر نساء العالم، من أشكال العنف خلال تأديتها لعملها، بين ما هو لفظي وجسدي وجنسي، واقتصادي يبرز من خلال التمييز بالأجور، ما يسبب لها أذىً نفسياً، يؤثّر على عملها بشكل ملحوظ.

واليمن، عند السماع بهذا الاسم للوهلة الأولى يتبادر إلى أذهاننا العنف والنزوح، والآلام والجوع والموت، وتوالي الأحزان نتيجة اقتتال بين أطراف متصارعة، أدت حروبها المستمرة منذ سنوات، للفتك بأرواح الكثيرين وتشريد الآلاف وسلبهم أبسط مقومات الحياة، بيد أن المرأة اليمنية على وجه الخصوص نالت النصيب الوافر من أساليب العنف الجسدي، والنفسي الذي لازمها بأوقاتها كافة، في الحل والترحال، في هذا البلد المنهار اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ورغم أن ظاهرة العنف ضد النساء ليست بالظاهرة الجديدة، لكنها ربما خرجت عن طورها المعتاد، لأنه كما نعلم جميعاً أن معظم اليمنيات، يتزوجن قبل أن يبلغن سنّ 18، حسب إحصائيات رسمية، وربما السبب الحقيقي لتفاقم الظاهرة، هو فرض الزواج المبكر عليهن.

وفي السودان وعلى الرغم من مساعي الذهنية الذكورية، لتغييب الحضور النسوي عن الساحة السياسية، وغيرها من الساحات، إلا أن المرأة سابقت الظروف والواقع، الذي حاول تكبيلها وإعادتها إلى وكر العادات والتقاليد، فمنذ حصول أول امرأة سودانية على مقعد بالبرلمان، ولغاية يومنا هذا، كان العالم شاهداً على ازدياد عزيمة وثقة السودانيات بأنهن يملكن القدرة الكافية في قيادة البلاد، وصناعة القرارات التي تصب في مصلحة الشعب.

أما أفغانستان فبعد سيطرة طالبان على البلاد في الـ 15 من آب، اختفت النساء فجأة من الساحات، وأماكن العمل، خوفاً من انتهاكات الحركة، التي سبق وأن طالت الكثير منهن، حيث أن المصير المجهول بات ينتظر غالبيتهن، ففي ظل حكم طالبان كل شيء أصبح حلالاً على الرجال، حراماً على النساء، كلُّ شيءٍ للرجال، ولا شيء للنساء اللواتي أضحين محرومات من أبسط حقوقهن في الحياة، فالرياضة حلال على الرجال حرام على النساء، والخروج من المنزل حلال لهم، حرام عليهن، حتى التعليم كذلك أيضاً، ليصل الأمر إلى منعهن من التنقل لمسافات بعيدة دون وجود مَحْرَم.

وفي إثيوبيا ونتيجة الصراع الدائر بالبلاد بين الحكومة، وجبهة تحرير تيغراي، تعرَّضت النساء لحالات عنفٍ واعتداء جنسي، حيث قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها بخصوص نزاع تيغراي المستمر، إن النساء والفتيات بتيغراي تعرضن للاغتصاب، وغيره من أشكال العنف الجنسي من قبل القوات المتحاربة الموالية للحكومة الإثيوبية، إضافة إلى حالات النزوح، التي ضاعفت من معاناة النساء أيضاً.

وبالتالي فإنّ جهود انخراط المرأة بالحياة السياسية، لا تزال تواجه العديد من العقبات، وما زال هناك عنفٌ معنويٌّ ومادي متواصل، يضيِّق الخناق على المرأة بعالم السياسة، ومراكز صنع القرار بمنطقة الشرق الأوسط خاصة والعالم عامة، لذا لا يسعنا أمام هذه الممارسات والانتهاكات كلها بحق المرأة، إلا أن نقول إنه يتوجب على النساء جميعاً، الوقوف صفاً واحداً من أجل الوصول إلى الحقوق، والمطالب، التي يَسعَيْنَ إليها، ويرجُونَ تحقيقها، وذلك بالنضال المتواصل من أجل حياة حرة وكريمة.