اتحاد الكتاب الكرد في سوريا… مستقبلٌ غامضٌ

دلشاد مراد_

لم تسلم التنظيمات الأدبية، والثقافية الكردية من آفة الانشقاقات والمهاترات، والتكتلات الشخصية، والتدخلات الحزبية، التي باتت تنهك الجسد الثقافي، ومعها العقل الجمعي، أو المجتمعي الكردي عامةً، فكما تعودنا أن يبدأ الحزب السياسي الكردي التقليدي مؤتمره العام تحت شعار “وحدة الحركة السياسية الكردية” وينتهي بانشطار وانشقاق، ليعلن بعدها حزب جديد وبالاسم نفسه غالباً، أصبحنا نشهد عادة، أو تقليداً مماثلاً في التنظيمات والاتحادات الثقافية أيضاً.

مناسبة حديثنا هذا، هي استمرار، وتدوير، واستفحال الأزمة التنظيمي، لاتحاد الكتاب الكرد في سوريا، الذي خرج للتو من مؤتمره الخامس (المنعقد في 17 كانون الأول 2021م). هذا المؤتمر الذي كان من المفترض انعقاده في السنة القادمة أي 2022م (حدد النظام الداخلي للاتحاد تاريخ انعقاد المؤتمرات مرة كل سنتين).

 فالمؤتمر الرابع الذي انعقد بشكل استثنائي في أيلول 2020م، أتى بعد إصابة الاتحاد بشلل تنظيمي، إثر حصول خلافات وبروز تكتل قوي، حاز على تأييد نصف أعضاء الاتحاد، وطالب بتنحي رئيس الاتحاد، وجاء انعقاد المؤتمر الرابع الاستثنائي في 2020م إثر مداخلة من هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية، للوساطة بين أطراف التكتلات في الاتحاد، والتوفيق بينهما على مرشح توافقي لرئاسة الاتحاد مع ضمان دعم مالي لأنشطة الاتحاد لتمكينه من الاستمرارية، والحياة في الوسط الثقافي والأدبي المحلي.

وبغض النظر عن بعض الأخطاء والسلبيات، التي رافقت مسيرة اتحاد الكتاب الكرد، ورئاسته وطاقمه الإداري من أيلول 2020 وحتى كانون الأول 2021م، فإن أبرز انجازاته تمثلت في تطوير تنظيم مهرجان القصة الكردية بدعم من الإدارة الذاتية، وارتفاع عدد أعضائه من 40 إلى 60 عضواً (أي ارتفاع بنسبة 50%)، وإعادة تشكيل فروع للاتحاد في عامودا والحسكة.

لكن يبدو أن الخلافات عادت، وبرزت من جديد (شكل التكتلات غير واضحة في العلن)، ولأن العقلية التنظيمية السائدة تعودت ألاّ يتمَّ حل القضايا والإشكاليات ومستجدات الأمور في أوانها، بل يتم تأجيلها إلى محطات تنظيمية عليا، ولا سيما المؤتمر العام (صاحبة القرار الفصل في التنظيم وتحديد مصائر التكتلات) ما تسبّب بحدوث انشقاقات، واستقالات فردية أو جماعية، فإن المؤتمر الخامس للاتحاد، كانت هي المحطة المنتظرة في تحديد مصير بعض الأمور التنظيمية.

ولذلك وإن تفاجأنا في الأيام التي تلت المؤتمر، إعلان استقالات فردية وجماعية، لبعض أعضاء الاتحاد على صفحاتهم الشخصية، (استقالة أحد أعضاء الهيئة الإدارية السابقة، استقالة جماعية لثلاثة كتاب أعضاء في فرع عامودا للاتحاد) لكن مع الوقت، وإظهار الحقائق تزول حالة الدهشة والاستغراب تلك، لتظهر الانسحابات والاستقالات، كرد فعل من جانب بعض الأعضاء، إما رفضاً للمظاهر السلبية المرافقة للتنظيم، أو عدم ملائمة ذلك التنظيم للطموحات والآمال المرجوة منها، أو لأسباب خاصة، وقد يكون رد فعل على عدم استحقاق مكاسب شخصية.

أفرز المؤتمر الخامس للاتحاد هيئة إدارية جديدة مكونة من (7) أعضاء، بعد أن كانت (9) أعضاء في المؤتمر السابق، والتي بدورها ستنتخب رئيساً للاتحاد من بين أعضائها في اجتماع لها (لم يعلن المؤتمر رئيس الاتحاد مباشرة، كما جرت العادة في المؤتمرات السابقة).

فاستمرار الأزمات التنظيمية في اتحاد الكتاب الكرد، ظاهرة يستحق الوقوف عليها، وتحليلها بشكل منهجي من جانب الكتاب الكرد أنفسهم، فعلى مؤسّسي اتحاد الكتاب الكرد، وأعضائه الحاليين أن يراجعوا أنفسهم، عن أسباب الفشل التنظيمي لبناء مؤسسة مشتركة للكتاب الكرد، وتوحيد صفوفهم، عن سبب قوقعة اتحاد الكتاب الكرد داخل قامشلو حصراً رغم أن مشروع تأسيسه كان بغاية، لمّ شمل كافة الكتاب الكرد في سوريا.

وعلى هذا الأساس أتساءل عن المصير الذي سيؤول إليه مستقبل اتحاد الكتاب الكرد في سوريا، في ظل استمرار أزماته التنظيمية… الزوال والانتهاء من المشهد الثقافي، أم انطلاقة جديدة وبأدوات بناءة؟!

إن الهيئة الإدارية المنتخبة في المؤتمر الخامس عليها مسؤولية ما سيؤول إليه الوضع العام للاتحاد، ومستقبله من خلال سياساتها وتوجهاتها وأنشطتها الميدانية، ولذا فإن عليها أن تدرك أن استمرار الأزمات التنظيمية، يعني توجه الاتحاد نحو الدفن الذاتي.