اتحاد الكادحين في شمال وشرق سوريا.. إطارٌ لعملٍ أفضل وتنظيمٌ أقوى

قامشلو/ رشا علي –

الكادحون هم القوة المحركة والمنتجة في أيّ مجتمع، ومأسسة القطاعات العاملة في أطر تنظيميّة من شأنه أن يحسّن جودة العمل والمستوى الخدميّ للمجتمع، وفي الوقت نفسه يكفل حماية الكادحين ويضمن حقوقهم، وفي في شمال وشرق سوريا يعكس إنشاء اتحاد الكادحين أبعاداً إضافيّة مع مشروعِ الحلّ السياسيّ المتمثل بالإدارة الذاتيّة، ويضم جميع الشعوب من الكرد والعرب والسريان، ويعمل على تنظيم دورات فكريّة تدريبيّة لجميع العاملين لتحسين التعامل مع العاملين/ات.

الكادحون هم نواةُ الثوراتِ الوطنيّة في كلِّ دول العالم لأنهم أداة الثورة وغايتها، وهم الفئة الأكثر ضرراً من الشعب ويشكّلون الأغلبية الساحقة في أيّ مجتمع، وعلى هذا الأساس وبعد قيام الثورة في روج آفا كانتِ الحاجةُ ماسّة في مقاطعة الجزيرة (آنذاك) لتشكيلِ لجنة خاصة بهم تحمي حقوقهم وتساندهم وتوفر لهم سُبل الأمن، وتأسست لجنة الكادحين بمدينة قامشلو، في بداية تأسيسُ مؤسسات المجتمع المدنيّ SCS في ظل حركة المجتمع الديمقراطيّ TEV-DEM، وتم تشكيلُ عدة اتحادات وتفعيلها لضمان حق العمال والكادحين، وأنشئت أول نقابة للعمال الموسميين بمناسبة يوم العمال العالميّ في 1/5/2016، كما تأسس اتحاد الكادحين في إقليم الجزيرة بتاريخ 28/8/ 2018 كأحد مخرجات المؤتمر الأول لحركة المجتمع الديمقراطيّ TEV DEM، وقد سُمّي اتحاد الكادحين لأنه يشمل جميع من يعمل ولم يقتصر على فئةٍ مهنيّة محددة أو قطاعٍ من العمال.

تأسيسُ اتحاد الكادحين لشمال وشرق سوريا

حول هذا الموضوع ولمعرفة المزيد عن عمل اتحاد الكادحين على مستوى شمال وشرق سوريا التقت صحيفتنا “روناهي” مع الرئيس المشترك لاتحاد الكادحين لشمال وشرق سوريا شيرو محمد حيث تحدث قائلاً: “بعد المؤتمر الأول لاتحاد الكادحين حيث كانت برعاية حركة المجتمع الديمقراطي TEV DEM، عملوا من أجل التوصل إلى اتحاد عام للكادحين في شمال وشرق سوريا وإقرار حقوقهم وحمايتها، وكان من مقررات المؤتمر الأول تأسيس اتحاد الكادحين في شمال وشرق سوريا وانتخاب رئاسة مشتركة”.

تأسس اتحاد الكادحين بجهود من حركة المجتمع الديمقراطي TEV DEM وكان الهدف منها بناء مجتمع سياسي أخلاقي يقوم بتطوير الأساليب الديمقراطيّة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة واتخاذها مبدأً أساسيّاً، ويبلغ عدد الكادحين نحو عشرة آلاف كادح/ة ويرتفع عددهم في الموسم الزراعيّ، حيث يعمل قسمٌ كبيرٌ منهم في المعابر (الطبقة، الرقة، منبج، وإقليم الجزيرة) أما عدد أعضاء العمال الملتزمين بشكل رسميّ ويحملون الهوية ويقدمون مساعدات شهرية لاتحاد الكادحين 42 ألف عامل/ة بحسب محمد.

من نافلة القول إنّ مأسسة قطاع الكادحين واجبٌ وطنيّ، ويبدأ ببناء قاعدة للعاملين من أجل ضمان حقوقهم وقال محمد: “من أجل دعم قطاعات العاملين/ات في مؤسساتِ الإدارةِ الذاتيّة والمجتمع المدنيّ وفي القطاع الخاص والعام، يتوجب علينا تنظيم الجميع، وإنشاء مكاتب لهم في جميع مناطق الإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا من ديريك إلى كوباني، وتتألف اللجان من رئاسة وعدد من الأعضاء، ويتبعون دوراتٍ تدريبيّة، ويتم التنسيق مع الإدارة من أجل التواصل والحفاظ على حقوق الكادحين”.

لا تمييز من أيّ نوعٍ

تنظيمُ اتحاد الكادحين شاملٌ لا يميّز ولا يفرّق بأيّ شكل من الأشكال بين الاختلافات الدينيّة والعقائديّة والجنسويّة والفكريّة والمذهبيّة والقومية واللغويّة، وينبذ التفرقة ويعتمد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ويطبقها في الحياة العمليّة، ويعمل على بناء مجتمعٍ مدنيّ ديمقراطيّ وأخلاقيّ، ويناضل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعيّة والديمقراطيّة.

وحول وجود أعضاء من جميع شعوب شمال وشرق سوريا ضمن الاتحاد أكّد محمد أنّ العاملين/ات من الشعب السريانيّ يشغلون أمكنة في القطاعِ الخاص ضمن المعامل والمصانع بشكلٍ أكبر، أما العاملين/ات من الشعب العربيّ فتبلغ نسبتهم ضمن المعابر 70 بالمئة، أما الشعب الكرديّ فهو موجودٌ في جميعِ مواقع العمل، وهدف الاتحاد هو تدريبُ جميع العاملين/ات وتطويرهم من الناحية الفكريّة، كما يخضع جميع الإداريين العاملين في الاتحاد إلى دورات تدريبيّة لتعليمهم كيفيّة التعامل مع العاملين/ات”.

وبخصوص المحافظة على حقوق وقوانين الكادحين والذي يعتبر من أحد أهم واجبات اتحاد الكادحين، تبدأ في تأمين الحماية للعمال واتخاذ التدابير اللازمة في حالات المرض وحوادث العمل، كما تنظم العلاقة بين العامل/ة وصاحب العمل، ويتم حلّ مشاكل العمال بالتواصل مع الجهاتِ المختصةِ وأردف محمد: “نحن في اتحاد الكادحين نقف في وجه الفصلِ التعسفيّ، وعندما يتمّ فصلُ العامل/ة من عمله بشكلٍ فرديّ، نتدخل ونناقش موضوعه مع إدارته، ولكن عند حصول السرقات أو أمور لا أخلاقيّة أو إهمال إداريّ لا نستطيع التدخّلَ والحفاظ على الحقوق ولكن نتابعه”.

وتابع محمد: “عند تعرض العاملين/ات الذين يعملون لسنواتٍ في القطاع الخاص ضمن المعامل والمصانع لإصابة عمل، فمن واجب الاتحاد أن يحافظ على حقوقهم الماديّة والمعنويّة، ومناقشتها مع مؤسسته وأيضاً تأمين بطاقات صحيّة لهم”.

عدم تعاون الإدارات مع الاتحاد

وعن الصعوبات التي يواجهونها بيّن محمد: “من أجل إنجاز عمل جماعيّ ضمن اتحاد الكادحين يجب على جميع مؤسساتِ الإدارة الذاتية أن تبدي مزيداً من التعاون، لأننا نواجه صعوبة في عدم فهم الإداريين ضمن الإدارة الذاتيّة لطبيعة عملنا ومطالب اتحاد الكادحين، ونحن كاتحاد الكادحين قسم من المجتمع ونحافظ على حقوق المجتمع، نحن لا نستطيع أن نصل إلى الجميع من أجل تعريفهم بالعمل الذي نقوم به، عندما نشرح كيفية عملنا ونناقش ذلك مع العاملين ضمن البلديات والصوامع والكهرباء والمياه والأعلاف، ولا توجد مبادرات تعاون فيما يتصل بعملِ اتحاد الكادحين، ومن واجبنا أن نحافظ على حقوق العاملين ضمن المؤسسات والإدارات، وليس فرض قوانيننا عليهم”.

افتتح اتحاد الكادحين الغرف المهنيّة التي تضمُّ جميع أقسام العاملين/ات من المجتمعِ إلى الاتحاد مثل (النجارة، الصرف الصحيّ، الحدادة، الكهرباء، الدهان إلخ) وأنشأ ثلاث مجموعات لهم بهدفِ انضمام جميع العاملين/ات إلى الاتحاد.

وعن عمل اللجنة التي تقوم بحلِّ المشاكل التي يتعرض لها العاملين/ات قال محمد: “تعمل مجموعة لجنة الصلح على حلِّ مشاكل العاملين/ات في الغرف المهنيّة والكادحين الآخرين، أما المشكلة التي يصعب حلها فإننا نُحيلها إلى مجلس العدالة ويتم إيجاد الحلول المناسبة لها، وهذه اللجنة تعمل بفعاليّة، وعكس عملها نتائج إيجابيّة وتطوراً لاتحاد الكادحين”.

عمل الاتحاد لهذه السنة

وعن عمل اتحاد الكادحين لهذه السنة أشار محمد بأنّهم اتخذوا في مؤتمر إقليم الجزيرة قرار توسيع الاتحاد ليشمل شمال وشرق سوريا: “في الخطوة الأولى قررنا أن يشملَ اتحاد الكادحين جميع مناطق شمال وشرق سوريا، أما الخطوة الثانية فهي العملُ على إدارة مصالح وحقوق العمال ضمن المجالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافية، أما الخطوة الثالثة فهي تأمين فرص العمل للعمال بالتنسيق مع المنظمات الدوليّة والإقليميّة التي تقبل مبادئ اتحاد الكادحين وتتواصل معهم، وتأمين المتطلبات والاحتياجات المطلوبة لتبني تنظيم الاتحاد وتيسير أمور العمل”.

وتابع محمد بأنّهم في الوقت القريب سيعملون على تنظيم وتدريب الكادحين على مستوى شمال وشرق سوريا، وبيّن أنَّ أحد أهداف اتحاد الكادحين هو إنشاء صندوق التعاون العماليّ، وأن يكونُ الانتساب طوعيّاً، وتأخذ على عاتقها أولويّة دعم الولادات والمصابين بالأورام الخبيثة وإصابات العمل وتحديد النسبة لكلٍّ منها.

واختتم الرئيس المشترك لاتحاد الكادحين لشمال وشرق سوريا شيرو محمد حديثه بمناشدة جميع العاملين/ات أن يبادروا إلى تسجيل أنفسهم في اتحاد الكادحين وأن يثقوا بها وقال: “أطلب من جميع العاملين/ات في مناطق شمال وشرق سوريا أن يؤمنوا بأنّ اتحاد الكادحين سيحافظ على حقوقهم في أيّ مكانٍ وزمانٍ”.