رامان آزاد_
استغلت أنقرة الأزمة السوريّة، وساهمت مباشرة في تعقيدها، ليس عبر سياسة المتناقضة في فتح الحدود وإغلاقها، بل بالتعدي على الواقع الحدوديّ، وتجاوزها بالغزو والاحتلالِ، وقضم الأراضي السوريّة؛ بذريعة بناء الجدار لضمان أمنها القوميّ، في خرق للسيادة الوطنيّة السوريّة، ومخالفة للحقائق التاريخيّة، فيما كانتِ الاتفاقات التي عقدتها أنقرة في بداية تأسيس الجهورية التركيّة شكلاً آخر من التلاعب برسمِ الحدود.
استمرار قضم الأراضي السوريّة
تواصل سلطات الاحتلال التركيّ تعدياتها على الحدودِ السوريّةِ، بفرضِ واقعٍ جديدٍ عليها، ونقل موقع المونيتور، أنَّ دولة الاحتلالِ التركيّ، حفرت خندقاً بطول 230 كم في عُمق الأراضي السوريّة، بمحاذاة الطريقِ الدوليّ، لربطِ القواعدِ العسكريّة؛ بذريعةِ تأمين المناطقِ المحتلة من قبل تركيا من هجماتِ قوات سوريا الديمقراطية، وبذلك تستكمل عملية عزلٍ للمناطقِ المحتلةِ.
وخلال عام، رُصد قيام سلطات الاحتلال التركيّ، بحفر الخنادقِ على طول خطوط التّماس بالمنطقة الممتدة بين كري سبي/ تل أبيض، وسري كانيه وبمحاذاة الطريق الدولي M4، وأنهى الاحتلال التركيّ بناء 20 قاعدةً عسكريّةً في المناطق المحتلة بشمال وشرق سوريا، وبخاصة على أطراف بلدة عين عيسى، مزوّدة بأبراج مراقبة، ودبابات، وأنظمة رادارات؛ للدفاع الجويّ ضد الطائرات المسيّرة.
كما تعرضت 48 قرية في شمال وشرق سوريا، خلال العام الماضي للقصف الصاروخيّ والمدفعي التركيّ وعمليات التسلل للمرتزقة، أودت بحياة عشرات المدنيين في مجازر مختلفة، منها “مجزرة الصفوية في عين عيسى” وتهجير 12 قرية.
ورأى نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذيّ لمقاطعة كري سبي/ تل أبيض، هزاع محمد، أنَّ “الدولة التركيّة وبحجة المنطقة الآمنة، تسعى لتنفيذ مخططٍ خبيث؛ لقضم الأراضي السوريّة وضمّها لتركيا”. وأنَّ الدولة التركيّة تعامل المناطق المحتلة على أنّها تركيّة، وعملية حفر الخنادق تعني حدوداً مصطنعة، ورسماً لحدودِ الأطماع التركية”.
إضافة للمناطق التي احتلتها تركيا في عفرين، ومناطق شمال حلب، ومنطقتي سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض، فقد تمَّ احتلال نحو 95 قرية شمال وشرق سوريا، حسب منظمة حقوق الإنسان في إقليمي الجزيرة والفرات، وقُدرّت مساحة الأراضي الزراعيّة، التي تم قضمها خلال بناء الدولة التركيّة الجدار العازل على الحدود، بـ 27033 دونماً.
تضمنت عمليات بناء الجدار، اقتلاع أشجار الزيتون، وضمّ أراضٍ سوريّة، لم يقتصر على قرى عفرين الحدوديّة فقط، ففي ريف اللاذقية الشماليّ تذرعت أنقرة بمنع التهريب، وضبط الحدود لتبدأ ببناء الجدار الإسمنتي بين ريف اللاذقية الشماليّ، ولواء اسكندرون بمسافة /300/ كم، حيث يؤكد أهالي القرى الحدوديّة، أنَّ العملية استهدفت اقتطاع أجزاء من بساتينهم ومزارعهم المحاذية للشريط الحدودي، ويُظهر مقطع مصوّر خلال عام 2019 الجرافات والآليات، تعمل على بناء الجدار العازل من جبل الأقرع، وصولاً لمنطقة السمرا، وتخترق مساحات كبيرة من أملاك الأهالي، سكان الشريط الحدودي، فقد طالت التعديات التركية دونمات من أراضيهم، رغم وجود كلَّ الوثائق القانونيّة، التي تثبت سلب الأتراك لهذه الأراضي.
فالعديد من القرى والبلدات المحاذية للشريط الحدوديّ، أبرزها بلدة كسب ذاتِ الغالبيّة الأرمنية، والتي نالت نصيبها من “الإرهاب” بفتحِ تركيا الحدودَ؛ بهدفِ الوصولِ إلى مدينة اللاذقية الساحليّة، سرعان ما تكشف الهدف الأساسي لهذا الخرق، وهو إزالة الدلالات والشاخصات كلها، التي تؤكّد ملكيّة السوريين للأرض، وتستغل تركيا كلِّ الوسائل لتمرير مشروعها في الشمال السوري، بشكل عام، وريف اللاذقية بشكل خاص، حيث الجغرافيا الجبليّة والتضاريس الوعرة، التي يصعب ترسيمها وحمايتها.