بعد تدهور الحالة الاقتصادية للسكان في سوريا، وما خلفة هذا التدهور من تبعات، أثرت بشكل مباشر على سلوكياتهم ومستلزماتهم الاستهلاكية؛ للتخفيف من وطأه الحمل، الذي زاد عليهم، وخصوصاً بعد الانهيار السريع، الذي تعرضت له العملة السورية مقابل العملات الأجنبية، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن السوري بشكل كبير، وتدني مستوى الأجور هذه الأسباب كلها كانت كفيلة؛ لتغيير المواطن نمط معيشته بدءًا من المأكل والمشرب، وصولاً إلى الملابس والأحذية.
في الشدادي جنوب الحسكة، انتعشت تجارة وشراء الألبسة الأوروبية المستعملة، أو ما يسمى عند السوريين بـ «البالة» التي انتشرت أسواقها بكثافة في السنوات الأخيرة الماضية في مناطق شمال وشرق سوريا، ولاقت رواجاً كبيراً لدى السوريين، كحل بديل عن شراء الألبسة الجديدة، باهظة الثمن، وشهدت الفترة الحالية إقبالاً كبيراً من قبل الأهالي بالتزامن مع دخول فصل الشتاء؛ لشراء معطف أو سوى ذلك، مما يمكن أن يدفِّئوا به أجسادهم.
تتجه المواطنة “أ.ر” إلى سوق الملابس المستعملة، مصطحبةً أبناءَها الأربعة؛ لشراء الملابس الشتوية، حالها حال غالبية السكان في مدينة الشدادي، الذين لا يملكون القدرة على شراء الملابس الجديدة الباهظة الثمن.
وتقول المواطنة الثلاثينية، لصحيفتنا “روناهي”: “أصبحنا مضطرين لشراء ملابسنا من / البالة / الدخل الشهري محدود، ولا يصل للـ /200/ ألف ليرة سورية، أي بحدود /50/ دولاراً أمريكياً، وعلينا مواجهة الحياة ومتطلباتها الصعبة بهذا المبلغ”.
وتضيف “في السابق، كانت البالة ملبوس الطبقة الفقيرة من المجتمع، أما اليوم فقد باتت ملبوس الجميع دون استثناء، فالحال الصعب، والوجع واحد يمر به غالبية السوريين”.
وتابعت: “إذا أردت شراء الألبسة الجديدة لأطفالي الأربعة، سأحتاج لمبلغ يفوق دخل زوجي الشهري، أما في ملابس البالة، فالأمر مختلف كثيراً، فملابس الأطفال سعرها رخيص ومناسب نوعاً ما، فمبلغ 40 ألف أستطيع سد احتياجات الأطفال كافة”.
أما الشاب علاء الصالح، وهو طالب جامعي، فيقول: “أسعار الألبسة المستعملة ارتفعت أيضاً، ولم يعد بمقدور محدوديّ الدخل شراؤها، حيث يبدأ سعرها من الـ/5000/ ليرة، والرقم قابل للزيادة حسب جودة القطعة ونظافتها”.
ويتابع، وهو يسترق النظر بعينة اتجاه المعاطف الشتوية بحثاً عما يناسبه “تحتوي البالة قطعاً من ماركات عالمية، ذات جودة عالية؛ لذلك نفضل شراءها على شراء الألبسة الجديدة، على الرغم من التقارب في الأسعار، أحيانا لارتفاع أسعار البالة أيضاً، ولكن الفرق هو أن الشخص يشتري قطعة من الألبسة الأوربية المستعملة ذات جودة عالية، فتدوم طويلاً على خلاف من الألبسة الجديدة، ذات النوعية الرديئة، والتي تخسر لونها وشكلها بعد فترة قصيرة جداً”.
وبدورة يقول محمد العبد الله، وهو صاحب محل لبيع الألبسة المستعملة: “نشهد هذه الفترة إقبالاً جيداً مع دخول فصل الشتاء، فالكل بحاجة لملابس شتوية، وغالبية السكان في المنطقة، لا يقوون على شراء الألبسة الجديدة”.
ويضيف: “يتراوح سعر المعطف من عشرة آلاف، وصولاً إلى أربعين ألف حسب النظافة والجودة وهناك قطع ما دون هذا السعر”.
وأردف: “نقوم بشراء الألبسة بشكل بالات مضغوطة متنوعة الأوزان ونوعية الملابس، منها بوزن 250 كيلوغراماً، وأخرى بوزن 100 كيلوغرام، وبعضها بوزن 50 كيلوغراماً، منها تجمع أنواع ألبسة مختلفة، أطفال، ونسائية، ورجالية، ومنها القطنية فقط، وبعضها ألبسة محددة، إما نسائية، أو أطفال، أو رجالية، ولكل منها سعرها الخاص”.
ويعدّ العمل بالألبسة المستعملة نوع من المغامرة، كما يوضح العبد الله: “نقوم بشرائها من التجار، ولا نعرف ماذا يكون بداخلها؟ وما مدى نظافة القطع الموجودة؟ وهذا يعدّ التحدي الأكبر، فربما يحصل البائع على بضاعة جيدة، وربما لا”.
وتابع “عند شرائنا لـ /الرصة/ نقوم بعزلها حسب النظافة والجودة، ونقوم بتحديد أسعار البيع لكل قطعة على حدة”.
تتجه المواطنة “أ.ر” إلى سوق الملابس المستعملة، مصطحبةً أبناءَها الأربعة؛ لشراء الملابس الشتوية، حالها حال غالبية السكان في مدينة الشدادي، الذين لا يملكون القدرة على شراء الملابس الجديدة الباهظة الثمن.
ويضيف: “يتراوح سعر المعطف من عشرة آلاف، وصولاً إلى أربعين ألف حسب النظافة والجودة وهناك قطع ما دون هذا السعر”.
