قلعة الرحبة مهد الحضارات في التاريخ القديم والمعاصر

إعداد/ رؤى النايف-

 الرحبة هي الحضارة القديمة التي قامت على أنقاضها مدينة الميادين، رحبة مالك بن طوق في التراث العربي الإسلامي، وتسمى الرحبة الشامية أيضاً، وكذلك الرحبة الفراتية.

عند الوقوف أمام عراقة دير الزور، لا بد من الحديث عن أسوار الميادين، تلك المدينة التاريخية التي يتضح من اسمها كم عاصرت من معارك وحقب تاريخية وتنوع في الجهات التي سيطرت عليها ما بين مرحلة وأخرى، وعلى الرغم من عدم العثور على الدافع الواضح لتسمية الميادين بهذا الاسم، إلا أن غالبية المراجع التاريخية اتفقت على أن التسمية جاءت من ميادين القتال، حيث شهدت المدينة العديد من المعارك خلال العصور السابقة في ساحاتها، ولما تحمله قلعة الرحبة الواقعة في جنوبها من أهمية جغرافية وعسكرية وكذلك اقتصادية.

موقعها وأهميتها

في الجهة الجنوبية من مدينة الميادين، تتواجد القلعة التاريخية وتُعرف باسم رحبة مالك بن طوق، ولأن سكان المنطقة عزّ عليهم أن يُنسى ذكر الرحبة وذكر مالك، أطلقوا على هذه القلعة الآشورية القديمة اسم “رحبة مالك بن طوق” وهو أميرها العربي الأول الذي بناها.

وبحسب الباحث “رشيد حوراني” فهي المدينة التي قامت على أنقاض بيت رحوب، الإمارة الآرامية القوية المزدهرة بحسب خصوبة أرضها وموقعها الاستراتيجي، وبحسب ما ذكر الكاتب “جاسم الهويدي” وهو ابن المدينة إن هذه القلعة تقع غرب مدينة الميادين باتجاه البادية السورية وتبعد عن دير الزور مسافة 45 كيلو متر، وتقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات وسط سهل زراعي خصيب يمتد على مساحة واسعة توفرت فيها مجموعة من المواقع الأثرية والمزارات، وتقع القلعة على مرتفع صخري بارتفاع 42 متر.

بناؤها وهيكليتها

ذكرت الكثير من الصحف والمواقع والمؤرخين تواريخ متعددة لبناء هذه القلعة إلا أنه لا يوجد عمر محدد لها، لكن الأصح إن من بناها في الأصل مالك بن طوق التغلبي في عهد الخليفة العباسي “هارون الرشيد”، وبحسب ما ورد في كتاب “رحبة الميادين تاريخ قلعة ومدينة” من إعداد الكاتب “جاسم الهويدي”، أن مبنى الرحبة الأثري يتألف من سورين مركزيين على شكل مخمس ضلعه الكبير يتجه باتجاه الغرب ويبلغ طول السور الخارجي 274م، وطول الضلع الغربي 95م، ويتضمن مكاناً للرماية وبرجاً بارزاً وتسمى الفسحة الفاصلة بين السور الخارجي والسور الداخلي الذي يبلغ قطره 137م، كوى الرماية، وهو مبني بالحجارة المنحوتة على شكل مقاطع ماسية بسماكة 3م، ويعلو إلى 12 متر.

مدحل القلعة: للقلعة مدحل وحيد في الجهة الشمالية الغربية من السور الخارجي وكان يصعد إليها بواسطة جسر خشبي متحرك، والمدخل على شكل قوس مشيد يؤدي هذا الجسر إلى ممر بارتفاع خمسة أمتار إلى الأقسام الداخلية للقلعة، وينفتح من هذا الممر من اليمين بوابة تؤدي إلى غرفة الحراسة، كذلك يوصل الممر إلى الأدوار السفلية عبر مدخل القوس.

هيكل القلعة: ويتألف من عدة طوابق وعددها ثلاثة يتم الدخول لها من الممر الرئيسي للطابق الأول، وعلى جانبي الطابق الأول توجد غرف شبيها بالمستودعات، أما الطابق الثاني فيتكون من مستودعات عديدة، بينما الطابق الثالث محزن لخزن المياه وهو واسع وعميق جداً، وتعد قلعة الرَّحْبَة من أشهر المواقع الأثرية في وادية الفرات؛ لأنها جمعت كل خصائص التحصين؛ فقد تم تشييدها وفق مبادئ عسكرية، وسميت الرحبة والتسمية مأخوذة من الاتساع والرحابة، وأصل الكلمة مأخوذ من اللغة السامية القديمة.