تونس تسترد ثورتها وتبتر يد الإخوان

غاندي إسكندر-

لم يكن يعلم البائع المتجول محمد البوعزيزي في سوق سيدي بو زيد أنه بإحراقه لجسده؛ احتجاجاً على الوضع المعيشي المزري للمجتمع التونسي في ظل حكومة دكتاتورية، إنه سيتحول إلى شعار لثورة شعب بكامله ضد نظام بن علي في تونس، وضد كل ظالم مستبد في العالم العربي والشعب التونسي الذي وصِفت ثورته بثورة الياسمين رغم إطاحتها بحكم زين العابدين بن علي لم تجنِ ثمار التغيّر المأمول؛ ذلك لأن حركة النهضة الإخوانية بقيادة السلفي راشد الغنوشي قد تسلقت على أكتاف الثوار وخانت أحلام الجماهير التونسية وحولت حلم بناء دولة مدنية ديمقراطية إلى سعي محموم لإرساء دولة الخلافة اعتماداً على نسج المؤامرات، فمنذ إن استلم الإخوان دفة القيادة وسيطروا بشكل فعلي على البرلمان انتشرت الجماعات الإرهابية ونشطت خلاياها وبات التونسيون يعيشون في أتون الخوف والرعب والعنف، لأن حركة النهضة سعت خلال العشر سنوات الماضية إلى التمكن من السيطرة على الدولة من خلال إبعاد الكفاءات والرموز الحقيقية للثورة والاصطفاف مع الحلف العثماني الأردوغاني والقطري ضد العمق العربي والمغاربي.

ولم تسعَ يوماً إلى خدمة المصالح الحيوية للشعب التونسي، الأمر الذي أفرز أزمة بنيوية سياسية اقتصادية اجتماعية صحية، فبعد تردي الأوضاع المعيشية والصحية إلى نحو غير مسبوق في تاريخ البلاد وسط تفشي وباء كورونا نتجت حالة من الاحتقان الشعبي المتزايد، وعندما حس التونسيون أن حلمهم في العيش بكرامة تحول إلى كابوس ينهش مستقبلهم اندلعت احتجاجات شعبية عنيفة في أغلب المدن التونسية تطالب باسترداد الثورة، وإسقاط المنظومة الفاسدة التي باتت تنخر في جسد الدولة.

وكاستجابة سريعة لمطالب الشعب التونسي الذي خرج إلى الشوارع وهتف ضد المنظومة الإخوانية التي أنهكت البلاد وعاثت فيها فساداً، أصدر الرئيس قيس سعيّد القادم من رحم الشعب المظلوم والمنتخب شعبياً بنسبة تخطت 70%، قراراً بتجميد كل سلطات مجلس النواب الذي يسيطر عليه راشد الغنوشي ومناصريه من التيار الإخواني لمدة ثلاثين يوماً مع رفع الحصانة عن كل أعضاء مجلس النواب، إضافة إلى عزل رئيس الحكومة هشام المشيشي وتوليه بنفسه للسلطة التنفيذية ورئاسة النيابة العامة إلى أن يتجاوز الشعب التونسي محنته وينتقل إلى مرافئ الديمقراطية الحقيقية والحياة الكريمة التي تمناها البوعزيزي قبل عشر سنوات، ومما لا شك فيه إن قرارات الرئيس سعيّد المستندة إلى الشرعية الشعبية قد أدت إلى استرجاع وطن وأعادت الرونق للياسمين بعد أن اغتُصب على يد حزب النهضة الذي أطاح بثورة الجياع.