بيدرسون: على مجلس الأمن التوحد لفتح المعابر الإنسانية في سوريا

إعداد/ آلان محمد-

يبدو أنّ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن يعتبر المرجعية الوحيدة للحل في سوريا، فمع تعدد الأطراف المتداخلة في الشأن السوري وتبني كل طرف منهم لكيانٍ أو جماعةٍ أو فصيلٍ معين، مما يؤدي إلى التقاتل فيما بينهم بشكلٍ متكرر، وبالتالي ضيقٍ في افق الحلول، والضحية الوحيدة هم أبناء الشعب السوري، وتبقى الإدارة الذاتية الوحيدة المعتمدة على وحدة شعبها وتعايشهم المشترك.

 ومما يزيد الطين بلةً في حجم معاناة السوريين هو التعنت الروسي وتصرفاته غير المسؤولة فيما يخص الشعب السوري، وآخرها إغلاق المعابر الحدودية أمام المساعدات الإنسانية، ومحاولاتها المستمرة في إفشال العملية السياسية من خلال إبراز وتلميع صورة النظام الحالي ومحاولاتها المتربصة بإفشال مشروع الإدارة الذاتية ومساهمتها المباشرة في فرض الحصار عليها، ومنع دخول المساعدات الإنسانية لأكبر عدد من المخيمات في الجغرافية السورية، واستمرارها في تحدي المجتمع الدولي الرافض لبقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا وإدانتهِ بجرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية.

تنفيذ القرار 2254 يمهد للحل السلمي

 ومن هذا المنطلق توجه المبعوث الخاص إلى سوريا بدعوة مجلس الأمن إلى الوحدة بشأن الاستجابة الإنسانية وتسريع العملية السياسية والحل في سوريا، محذراً من بوادر غياب الحلول أمام تصعيدٍ محتملٍ في البلاد، ومع تلاشي الترتيبات الخاصة بوقف إطلاق النار مشدداً على ضرورةِ إحراز تقدمٍ في المسار السياسي والاعتماد على تنفيذ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن وفقاً لآلياتهِ المتفق عليها، والتي تدعو إلى وقفِ إطلاق النار في عموم سوريا تمهيداً لانطلاق العملية السياسية والحل السلمي.

وأعرب بيدرسون عن وجود مخاطر تهدد بنسف الترتيبات الحالية وتآكلها ببطء بسبب الوتيرة الحالية شبه المستمرة للعنف المحدود عبر الخطوط الأمامية، وأضاف بيدرسون بقوله: الأسوأ من ذلك هو انهيار الترتيبات بسرعة من خلال عمليات التصعيد المستمرة، ووقف إطلاق النار في عموم البلاد قضية مشتركة والعمل على سلامة المدنيين من المسلمات الضرورية، لتكون بمثابة الخطوة الأولى نحو إعادة توحيد سوريا واستعادة سيادتها.

وأسهب المبعوث الاممي غير بيدرسون في حديثهِ وقال: إنّ بوادر تصعيدٍ مقلقة ظهرت في هذا الشهر متمثلةً في الهجوم على مشفى الشفاء في عفرين، والذي قُتلَ على إثرهِ مدنيون وطواقم طبية وتعرض المشفى لدمارٍ كبير، الأمر الذي ندينه بشدة.

ونوه بيدرسون: “جنوب إدلب شَهِد تصعيداً هو الآخر بقصفٍ متبادلٍ وغاراتٍ جويةٍ على المدينة أدت إلى موجةِ نزوحٍ كبيرة وسقوط ضحايا”، وتطرق للغارات الجوية الإسرائيلية على مناطق تموضع الميليشيات الإيرانية التي تسعى لإجهاض النموذج الديمقراطي في الإدارة الذاتية وتسعى لزرع الفتنة بين شعوبها، وخلق المزيد من الاضطرابات في الجنوب الغربي.

وتابع بيدرسون: هناك المزيدٍ من الهجمات من قبل المجموعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن الدولي من بينها عملياتٍ تبناها داعش، وما يثير القلق لدينا هو احتمال أن يستجمع داعش قواه ليخلق المشاكل من جديد، بالنظر إلى زيادة وتيرة هجماتهِ الأخيرة ومدى انتشارها وتبني العديد منها.

مناطق الإدارة الذاتية الأكثر أمناً واستقراراً

 وبشأن الوضع الإنساني في سوريا تحدث بيدرسون وقال: الحالات الإنسانية يجب أن يكون لها الأولوية في الضرورة القصوى، إذ يحتاج المدنيون في عموم البلاد إلى المساعدات الإنسانية العاجلة المنقذة للحياة بخاصة أن أكثر من نصف السوريين باتوا تحت خط الفقر، ويجب أن نذكر بأن مناطق الإدارة الذاتية من المناطق الأكثر أمناً واستقراراً بسوريا، وهي تعاني حصاراً خانقاً ولا بد من التوصل لصيغة تنهي هذه الأوضاع.

وبين بيدرسون: من الضروري للغاية الوصول لأكبر عدد ممكن من السوريين، وتوسيع النطاق، بما في ذلك العمليات عبر الحدود والمنافذ المؤدية لوصول المساعدات للشعب السوري بشكل عام، ومن هنا علينا تمديد وفتح المنافذ الحدودية المغلقة لمدة 12 شهراً إضافياً، وهذه ضروريةً لإنقاذ الأرواح.

وخاطب بيدرسون مجلس الأمن بقوله: وحدة كلمتكم ستكون حاسمة حول ذلك، ولا بد أن نذكر بحالات التهجير القسري، فقد أُجبر 13 مليون سوري على الفرار من ديارهم داخل وخارج سوريا، وهذه الحالات تشمل مناطق شمال وشرق سوريا، المناطق التي احتلتها دولة الاحتلال التركي، وهذه المناطق يعادل سكانها نصف سكان سوريا قبل الحرب. واعتبر أنّ هذهِ مأساةٌ إنسانية ووطنية عميقة وهي تشكل قنبلةً موقوتةً للاستقرار الإقليمي، معبراً عن الحاجة إلى رؤية الإجراءات التي تخلق الظروف اللازمة والثقة لعودةٍ آمنةٍ وكريمةٍ طوعية، وأشار إلى وجوب إيجاد أرضية مشتركة محتملة بين اللاعبين الرئيسيين لتعزيز الاستقرار الداخلي والإقليمي وبناء الثقة، ويقصد باللاعبين أمريكا وتركيا وروسيا وإيران وإسرائيل.

 وأعرب بيدرسون عن خيبة أملهِ في خطابه أمام مجلس الأمن بالقول: أعتقد أننا جميعاً نشعر بخيبة أملٍ لأننا لا نستطيع إحراز تقدم حقيقي وملموس فيما يخص المسار السياسي لتنفيذ القرار2254، بما في ذلك الإصلاح الدستوري والانتخابات الهزلية وغير الشرعية التي جرت، هناك فجوة عدم الثقة بين الأطراف والوضع المعقد على الأرض يعقدان الأمور، والسير نحو تسويةٍ شاملة أمر غير مرجح، لكن يجب أن نجد طرقاً لوحدة القرارات الأممية والدفع إلى الأمام، بحيث تكون الحلول أكثر شمولاً ومقبولاً، وبالتأكيد تعد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا جزءاً رئيسياً من مصوغات هذا القرار، الذي يشمل عودة كافة المهجرين إلى ديارهم ومنازلهم، وهذا يؤدي إلى خروج المغتصب التركي من المناطق المحتلة مثل سري كانيه وعفرين وكري سبي وغيرها.

اللجنة الدستورية لا تمثل كل السوريين

وحول اللجنة الدستورية وعملها تحدث بيدرسون وقال: الفكرة تكمن في تعميق المشاورات الموضوعية الاستكشافية التي تساعد على تحديد الخطوات الأولى التي يمكن للأطراف السورية والدولية تقديمها، على مجلس الأمن والدول الرئيسية في المنطقة أن تتواصل بشكل منتظم.

 ولا يزال يسعى بيدرسون لتسهيل عمل اللجنة الدستورية وأبلغ مجلس الأمن أنهُ يعتقد أنّ معظم السوريين يشعرون بخيبة أملٍ عميقة لأنّ اللجنة التي اجتمعت خمس مرات، لا تعمل بجدٍّ لتحقيق نتائج وتقدمٍ في تفويضها المتفق عليهِ لإعداد وصياغة إصلاح دستوري يطرح للموافقة الشعبية.

 وأكدّ بيدرسون أن نائبته خولة مطر موجودة حالياً في دمشق في سياق هذه الجهود وبهدف إشراك أكبر عددٍ من أطياف الشعب السوري، لقد تم إطلاق أول سلسلةٍ من مجموعات العمل هذا الشهر لإعطاء المشاركين في غرفة دعم المجتمع المدني طريقة أكثر تنظيماً للمساهمة بخبراتهم وإبلاغهم بجهودهِ للوساطة عبر منصة افتراضية.

وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع بدأت خولة مطر وفريقها بسلسلة من المشاورات الإقليمية الافتراضية لغرفة دعم المجتمع المدني، ويشارك حوالي 120 فاعلاً في المجتمع المدني السوري أكثر من ثلثهم من النساء، من جميع المحافظات السورية ومن خارج سوريا، مع العلم بأنّ بيدرسون لم يتطرق في حديثهِ إلى الممارسات التركية المتعمدة في استخدام أبشع الأساليب في محاربة ملايين المواطنين الأبرياء والعزل، الذين يعانون من ممارسة الجرائم والانتهاكات في القرن الواحد والعشرين، ومنها على سبيل المثال قطع المياه عن شمال وشرق سوريا.