No Result
View All Result
المشاهدات 0
عبد الرحمن الراشد (إعلامي سعودي)-
موجة التحولات والانقلابات في العلاقات السياسية بين حكومات المنطقة يمكن أن نؤرخ لها منذ أن أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عزمه إنهاء القطيعة مع قطر، وتم تفعيلها مباشرة في لقاء القادة الخليجيين في العلا شمال غربي السعودية.
وفي هذه الفترة والأيام الماضية جرت جلسات حوار سعودية – إيرانية، جولات «استشارات» مصرية – تركية، تصالح إماراتي – قطري، ودعوة للسلم من ولي العهد السعودي مع الحوثيين والإيرانيين، وفي العاصمة الليبية تعاون وولادة حكومة من المتحاربين، وزار وزير خارجية تركيا السعودية بعد قطيعة دامت سنوات، ثم أعقبتها زيارة لأمير قطر إلى المملكة العربية السعودية في زيارة مرتبة سلفاً، وتركيا أخطرت إسرائيل بعودة سفيرها إلى تل أبيب لتعود العلاقات الدبلوماسية إلى مجاريها علماً أن العلاقات لم تنقطع بينهما.
كل هذا النشاط التصالحي المفاجئ بدأ ويستمر مباشرة بين الأطراف دون وسطاء أو تدخلات خارجية، بما في ذلك التواصل المصري – التركي، الأكثر إثارة وتعقيداً بسبب تعدد ملفاته ومناطق النزاعات فيه، فهل بالحقيقة ستكون هناك مصالحات جدية بعد كل تلك الخلافات الجوهرية؟
رياح التغيير إن حدثت قد تعيد للمنطقة الاستقرار الذي تلاشى منذ بداية حرائق ربيع 2011، ويمكن أن نرد معظم النزاعات والحروب أنها جرت فوق جثث الأنظمة المنهارة، لو أفلحت المصالحات تكون قد آذنت بانخفاض التوترات، التي توسعت أمواجها ووصلت إلى اليونان وإثيوبيا وأرمينيا وأذربيجان، وإن كانت جذور الخلافات هناك مختلفة، وتلك الخلافات تشوبها الكثير من التعقيدات، وبخاصة بين العرب وتركيا، فالعلاقات المصرية – التركية لا يمكن أن تعود إلى طبيعتها بين ليلة وضحاها، لأن الهدف التركي واضح وجلي لكن عليها أن تفي بالتزاماتها تجاه مصر وبخاصة في ملف الإخوان وقادتها.
ومسألة تحقيق السلام الجماعي تتطلب الروح والاستعداد والصدق والجدية في الخوض فيها، سيسهل عملية تفكيك الألغام المتراكمة بعضها على بعض لسنوات عديدة، بين القاهرة وأنقرة ثمة قضايا شائكة، وما تسرب عنهما أنه جرت معالجة قضايا الفارين، على الأقل فيما يخص اثنين تعدهما القاهرة مطلوبين في قضايا أمنية، وتجميد نشاطات المعارضة المصرية من فلول النظام السابق، ووقف عمليات الاستهداف الإعلامي، فهل ستفي تركيا وتحقق كل ذلك؟ قبل كل ذلك يتوقف مدى النجاح على التوافق المصري – التركي على الحل في ليبيا.
تبقى أم القضايا وأكثرها صعوبة التوغل الإيراني والتركي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، تمثل هذه الدول لنظام طهران وأنقرة جزءاً من نفوذها ومصدر قوتها في التفاوض مع الولايات المتحدة وفرض أجندتها على دول المنطقة، وفي الحالة العراقية مصدراً مالياً تمول منه نشاطاتها وتلتف على العقوبات الأميركية من خلاله. لكن إيران رغم ما تملكه من نفوذ إقليمي هائل نجحت في تحقيقه خلال العقدين الماضيين، ليست بأفضل حال من بقية دول الإقليم؛ فهي تعاني جراء العقوبات الاقتصادية والانتكاسة المريعة التي تعرضت لها خلال أربع سنوات رئاسة دونالد ترمب، الذي استهدف ميليشياتها وقادتها في الخارج وبرنامجها العسكري. مفاوضات فيينا بين إيران ومجموعة دول الاتفاق الشامل النووي لم تحقق نجاحاً بعد. لكن؛ التوصل إلى حلول ليس صعباً التكهن بها، إيران لا تستطيع الاستمرار تحت ضغوط العقوبات الاقتصادية، وإدارة الرئيس جو بايدن في المقابل ترغب في تفعيل الاتفاق المعطل والانتقال إلى مرحلة جديدة، هذه التحولات الجماعية قد تعيد الهدوء إلى المنطقة، حيث لا يمكن حل واحدة من دون الأخرى، سواء النزاع الخليجي – الخليجي أو ساحات الصراع في لبنان وليبيا واليمن وغيرها والدول المتداخلة فيها.
No Result
View All Result