في ذكرى رحيلكِ سأكتب عنكِ

هيفيدار خالد-

الكتابةُ عن بعضِ المناضلين أو التعبيرِ عن مزاياهم الجميلةِ صعبٌ جداً بالنّسبَةِ لي، إلَّا أنني في الذكرى السنويَّةِ لرحيلكِ “سورخوين” أريدُ الكتابةَ عنكِ، أريدُ أن أُسطِّرَ بعضَ الجمل التي ربما تُعبِّرُ عن شوقي لكِ.

المناضلةُ سورخوين من المناضلات اللواتي استطعْنَ أن يحظينَ بمرتبةٍ السموِّ والبطولة، حيث يمكنُنا رؤيةُ العديد من الخصائص الملفتة للنظر في شخصيَّتها التي تمكَّنتْ من تجسيدها في شخصيَّتِها ورسَّختْها كخصائصَ أساسيَّةٍ في حياتها، هذه الميِّزاتُ التي برزتْ في ماهيةِ علاقاتِ الصداقة المتينةِ والرفاقيَّةِ الساميةِ والمحبَّةِ اللامتناهية للنضال الذي كان يتصاعدُ لمرتبةِ الحرية لديها.

تخليدًا لذكراكِ الأبديَّةِ التي كانتْ شعلةً تنيرُ دروبَنا، أُريدُ أن أتحدَّثَ عنكِ يا جميلةَ وطني، صاحبةَ المميّزات الملائكية، المناضلةُ التي أضافتِ المعنى الحقيقيَّ للحياة، لتُشكِّلَ بها شخصيَّةً مُفعمةً بمعرفةٍ كبرى تتمركزُ بإيديولوجية قائدِها وإيديولوجيَّةِ تحرير المرأة.

سورخوين، الفتاةُ التي ترعرعتْ على حبِّ الوطن والأرض، وتمتَّعتْ بمزايا الجمال في وطنها كردستان منذُ نعومة أظافرها، واستطاعتْ زرعَ حبِّ الوطن في ذاتِها كلَبِنةٍ أساسيَّةٍ لبناء شخصيَّتها والسمو لمرتبة الملائكية فيما بعدُ.

غدتْ مقاتلةً صنديدةً في سبيلِ قضيَّةِ وطنٍ مُستَعمَر، والتحقتْ بصفوف الكريلا لتجوب شتَّى أرجاءِ الوطن بدءًا من ديرسم إلى هكاري، من آمد إلى بوطان، من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه لتُحقِّقَ بذلك التكاملَ الوطنيَّ في ذاتها. مشتْ في الطرقات كلِّها، وشربتْ من الينابيع جميعِها، وعبَرَتِ الأنهر قاطبةً، وكأنَّها تودُّ معانقةَ الوطن من كُلِّ أطرافه وجوانبه؛ لأنَّها الملاكُ العاشقُ لتربةِ هذا الوطن.

حبُّ الوطن كانَ الشعرَ المنصوص في دفاترها، أغنيةُ عشقٍ تتلوها شفاهُها في كُلِّ حين، اليوميةُ المُدوَّنةُ كُلَّ يوم بأناملها لتُعبِّرَ عن حبِّها المتعاظمِ يوماً بعدَ آخر.

 فسورخوين (الملاك) كانت تشعرُ بحيويَّةِ عشقِ الوطن تسري في كيانها؛ فتضفي روحَ الحياة على الينابيع بشربها من كُلِّ الينابيع؛ لتقول: “أشعرُ بأنَّ كُلَّ نبعٍ من ينابيعِ هذا الوطن يَهَبُ المرءَ مرضَ الارتباط بالوطن أكثرَ فأكثر”. وتتسابقُ مع الزمن للوصول إلى كُلِّ القمم التي لم تصعدْها من قبلُ، ولدى وصولِها تشرع بتلك القمم ذراعيها لنسيم الحياة، ليجتاحَ كيانَها فتشجِّع الكُلَّ على الطيران والتحليق فوق أعالي القمم، وهي المستكشفةُ لكُلِّ دقائقِ التضاريس في المواقع التي توجدُ فيها والتي كانت تزورها؛ لذلك كُنَّا نُلقِّبُها بالغزالة البرية؛ لأنَّ أكثرَ الأماكن صعوبة في التسلُّق حيثُ كانَ يستحيل تسلُّقُها، فكانت تلك الغزالة البرية فقط من يتسلَّقُها.

لذا فإنَّ لشهادةِ الرفيقة سورخوين وقعَها وتأثيرَها العظيمَ في نفوس كُلِّ الرفاق الذين عرفوها؛ مقاتلةً صنديدةً للقائد آبو، ومناضلةً عتيدةً لنهج حرية المرأة وموكبِ الشهداء؛ وقائدةً تحتلُّ مكانتها بقلوب كُلِّ من عرفوها بتواضعها وابتهاجها وتفاؤلها. لذا نتقدَّمُ بخالصِ آياتِ التقدير والإخلاص لذكراها، ونُجدِّدُ عهدَنا لإحياءِ ذكراها ونُعبِّرُ لها عن ارتباطنا لمتابعة مسيرتها وقافلة الخلود التي ستزهرُ في قلب كُلِّ الأنصار كحضور الملاك على القلوب. نعاهِدُ على تخليد محبَّتها للوطن والصداقة وارتباطها به، وعلى إضفاء جمال روحها على كافة علاقاتنا الحياتية في درب الحياة؛ وذلك من خلال تمثيل محبَّتها للوطن وبطراز الملاك على وجه الأرض؛ لأنَّه لو كان الوطن جنَّة، إذن فسورخوين ملاكٌ فيها.